
نواكشوط: سيد أحمد ولد باب
Sid89@maktoobcom
إقليم "أزواد" اسم يطلق على الجزء الشمالي من جمهورية مالي ويتكون من أربع ولايات حيث توجد آثار مملكة "دوقون" وسكان هذه المنطقة أغلبهم من قبيلة "الفلان" وهى قبيلة اشتهرت بكثرة العلماء.وحسب المؤرخ الموريتاني الدكتور محمد محمود ولد وودادي فإن أغلب سكان الإقليم وصلوا إليه قادمين من المغرب العربي بعد هجرتهم من مصر، وكان لهم دور كبير في تعريب سكان المنطقة وترسيخ الدين الإسلامي الحنيف ولغته بفضل الانصهار الذي تم بين السكان الأصليين والمهاجرين الجدد.أما عن حياة هذه القبائل فهي حياة عربية أصيلة، فالتقاليد العرفية والاجتماعية لا تختلف عن حياة العرب في شمال إفريقيا أو الجزيرة العربية، فهم أهل بادية وأكثر ما يمارسونه تربية المواشي والإبل والأغنام، ولهم مواضع وآبار ينتقلون إليها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب حسب الفصول وأماكن الكلأ.وتسميتهم للمواضع والآبار أسماء عربية أو حسانية في الغالب مثل: قصر الشيخ، قصر الحلة المبروك... الخ، كما تتميز هذه القبائل عن غيرها "بالطبائع والتقاليد العربية العريقة كالكرم والشجاعة وحسن الضيافة والأخلاق الكريمة والشهامة والحرص على الدين والعرض".ولهم عدة نشاطات أخرى مع الرعي من أهمها استخراج الملح من منجم "تاودن" الذي يبعد عن عاصمة الرمال (تيمبكتوا) 750كلم وبتم بيعه في الدول المجاورة كالنيجر وموريتانيا والجزائر وبعض المناطق المالية الأخرى.
إقليم "أزواد" اسم يطلق على الجزء الشمالي من جمهورية مالي ويتكون من أربع ولايات حيث توجد آثار مملكة "دوقون" وسكان هذه المنطقة أغلبهم من قبيلة "الفلان" وهى قبيلة اشتهرت بكثرة العلماء.وحسب المؤرخ الموريتاني الدكتور محمد محمود ولد وودادي فإن أغلب سكان الإقليم وصلوا إليه قادمين من المغرب العربي بعد هجرتهم من مصر، وكان لهم دور كبير في تعريب سكان المنطقة وترسيخ الدين الإسلامي الحنيف ولغته بفضل الانصهار الذي تم بين السكان الأصليين والمهاجرين الجدد.أما عن حياة هذه القبائل فهي حياة عربية أصيلة، فالتقاليد العرفية والاجتماعية لا تختلف عن حياة العرب في شمال إفريقيا أو الجزيرة العربية، فهم أهل بادية وأكثر ما يمارسونه تربية المواشي والإبل والأغنام، ولهم مواضع وآبار ينتقلون إليها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب حسب الفصول وأماكن الكلأ.وتسميتهم للمواضع والآبار أسماء عربية أو حسانية في الغالب مثل: قصر الشيخ، قصر الحلة المبروك... الخ، كما تتميز هذه القبائل عن غيرها "بالطبائع والتقاليد العربية العريقة كالكرم والشجاعة وحسن الضيافة والأخلاق الكريمة والشهامة والحرص على الدين والعرض".ولهم عدة نشاطات أخرى مع الرعي من أهمها استخراج الملح من منجم "تاودن" الذي يبعد عن عاصمة الرمال (تيمبكتوا) 750كلم وبتم بيعه في الدول المجاورة كالنيجر وموريتانيا والجزائر وبعض المناطق المالية الأخرى.
تعتبر مدينة "تيمبكتوا" من أقدم المدن داخل الإقليم ومن أكثرها أهمية عبر تاريخه الطويل.. وقد اختلف المؤرخون في تاريخ تأسيسها إلا أن أغلب الآراء تؤكد أنها تأسست في أواخر القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي، على يد (طوارق مقشرن) وكانت لديهم رحلتان الأولى في فصل الخريف حيث يرحلون إلى صحراء (أروان) والثانية في فصل الصيف.وتقع الولايات الأزوادية على الحافة الجنوبية للصحراء الكبرى أو ما يعرف بمنحنى نهر النيجر، ويعتبر الإقليم حلقة وصل بين السودان الغربي والصحراء الكبرى وكان أغلب سكان الإقليم من البدو الرحل.أما القاطنون في المدن فعادة ما يبنون مساكنهم من أعواد الشجر وحشائش النباتات وتطورت بيوتهم بعد ذلك لتصبح من الطين.
وقد اشتهرت مدن الإقليم وخصوصاً مدينة "تيمبكتوا" بسرعة انتشار التدين ودماثة أخلاق الناس. ويصف أحد المؤرخين المدينة قائلاً "كانت مدينة ذات جمال رائع وكان أهلها يدينون بالإسلام ويحاربون البدع. فلهذه المدينة فضائل عديدة، فإن من دخلها خائفاً وجد الطمأنينة ومن سكن فيها عاماً أو أكثر نسي فعلته وتاب عند دخوله لها، فهي دار فقه وعلم وصلاح، حيث سكنها صفوة من العلماء والفضلاء".. وقد وصف ابن خلدون العلاقات التجارية بينهم بقوله: "وهابتهم أمم السودان، وارتحل إلى بلادهم التجار من بلاد المغرب وإفريقيا". وبالنسبة لطرق التجارية، فكانت عديدة ونشطة أهمها:1 طريق من مصر تمر بكانو إلى تمبكتو وهي أبعد الطرق.2 طريق من تونس تمر بهجار إلى تمبكتو. 3 طريق من المغرب الأقصى ماراً بسجلماسة وتوات إلى تمبكتو. 4 طريق من تغازة ماراً بولاته ومنها إلى تمبكتو. 5 طريق من طرابلس ومنها إلى غدامس ومن ثم إلى تمبكتو.وقد شكل الإقليم جزءاً من مملكة مالي الإسلامية منذ بداية عام 726ه-1325م غير أنه احتفظ بحكم ذاتي استمر إلى عام 837ه -1433م حيث بدأت المملكة تتخلى عن سيادتها على الإقليم لصالح الطوارق المجاورين لها.
ثم خضع الإقليم كغيره من الأقاليم الإفريقية للهيمنة الفرنسية ردحاً من الزمن، وكان يتكون من عدة ممالك ُتحكَم بواسطة النظام القبلي، وقد ظلت قائمة حتى جاء الاحتلال في مطلع القرن التاسع عشر ومن أهمها:سلطنة الفولان مملكة الصونغاي سلطنة البرابيش سلطنة كنته سلطنة إلمدن سلطنة الأنصار أو كلنتصر وسلطنة إفوغاس. الاستقلال والحريةوعند مجيء حركة الاستقلال 1957 1958م، طلبت فرنسا من هذه الممالك أن توافق على جعل منطقة أزواد محمية فرنسية إلى أن يتم تأطير أهلها، إلا أن أهل أزواد رفضوا العرض الفرنسي لاعتقادهم أنه يستهدف محاصرة الثورة الجزائرية الفتية آنذاك ولاعتقادهم أنه يستهدف وجود قواعد عسكرية فرنسية في المنطقة، وفضلوا الانضمام لجمهورية مالي يحدوهم الأمل في التعايش مع إخوانهم "البمبرا" (سكان مالي الأصليين) ماداموا جميعاً مسلمين ويجمعهم تاريخ طويل .
وهو ما لم يحصل رغم محاولات التسوية طيلة العقدين الأولين من الاستقلال عن فرنسا. فقد عانى سكان الإقليم من اضطهاد غير مسبوق من قبل الحكومات المالية المتتالية على الحكم وشهدت العلاقة بين السلطة في بامكوا (عاصمة مالي) والأزواديين عدة توترات وتجاذبات انتهت إلى إعلان الثورة الأزوادية وحمل السلاح في وجوه السلطات
الثورة والتدخل الأجنبي
إثر تزايد الغضب الشعبي في إقليم أزواد جراء الممارسات اللاإنسانية من قبل الحكومة المالية، وبعد أن بلغ تهميش السكان مبلغه بدت الحاجة إلى تشكيل إطار يعد للإقليم هيبته وللشعب حقوقه أمر ضروري.وهكذا أُعلن عن تأسيس الجبهة الإسلامية العربية لتحرير أزواد سنة 1989داخل الإقليم وفى مخيمات اللاجئين، وقد بدأت محدودة لكن العمليات النوعية التي نفذتها الجبهة والإحساس المتزايد بالاضطهاد دفع الكثير من الشباب الأزوادي إلى الانخراط في صفوفها، رغبة في إعادة الاعتبار للسكان وسعياً لتحرير الإقليم.ولم تكن الجبهة الإسلامية هي الأولى من نوعها ولكنها كانت الأكثر تنظيماً والأقدر على مواجهة النظام المالي.
حمل السلاح
وقد انطلقت الجبهة خلف المرجعية الإسلامية للسكان والهوية العربية للإقليم واستخدام كل الوسائل المتاحة بما في ذلك العمل العسكري من أجل إعادة حقوق الشعب الأزوادي التي سلبت منه منذ إعلان الدولة المالية الاستقلال عن فرنسا مطلع الستينيات.وفي هذا الصدد يقول الجيد المختار عضو الجبهة الإسلامية لتحرير أزواد والناطق الرسمي باسم اللاجئين الأزواديين في موريتانيا في لقاء مع المجتمع شارحاً الأسباب التي دفعتهم إلى حمل السلاح في وجه الحكومة المالية وإعلان الثورة في الإقليم: "لقد كانت لدينا ثروات هائلة من المواشي ندفع ضرائبها للسلطات المالية، ومع ذلك لا توجد طرق في الإقليم ولا توجد بنية تحتية تساعد السكان على البقاء في صحراء قاحلة تفتقر لكل مقومات الحياة؛ حيث يعتمد السكان في الشرب على آبار يبلغ طول الواحد منها 180 ذراعاً داخل الأعماق وهى آبار غير صالحة للشرب بل تسبب الإسهال لكل القادمين الجدد على الإقليم ويضر بصحة السكان.وفى الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المالية جاهدة لطمس هوية الأزواديين يجد الأزواديون أنفسهم في هذا المجال عاجزين عن مواجهة الحكومة المالية، حيث لا يوجد في الإقليم طبيب واحد يتكلم اللغة العربية ولا حتى صيدلاني لأن التعليم النظامي بالفرنسية
".
القيادات العسكرية
ويعتبر مولاي الحسن الذي قضى نحبه في إحدى المعارك ومحمد الأمين ولد حيمدون والجيد المختار الأزوادي من أهم القيادات العسكرية التي قادت الجبهة في بداية التسعينيات، كما انضم إليها أخيراً أحمد ولد سيد أحمد وهو أحد أهم القادة السياسيين في حكومة المختار ولد داداه في موريتانيا مطلع السبعينيات، لكنه قرر العودة إلى إقليم أزواد (مسقط رأسه) ليلتحق بصفوف الجبهة الإسلامية لتحرير أزواد.
وقد شهدت الحرب التي خاضتها الجبهة ضد النظام المالي تطورات مهمة وكبدته خسائر كبيرة، لكن الجو العام لم يكن في صالحها على الإطلاق، فالوضع المتأزم في الجزائر والقلق الفرنسي من تنامي ظاهرة الإرهاب في المنطقة واختراق الجبهة من بعض العملاء للنظام المالي وضعف التغطية الإعلامية للثورة الأزوادية كلها أمور دفعت باتجاه آخر خاصة بعد تغير موقف الجزائر من داعم للثورة الأزوادية، إلى ضاغط من أجل التسوية وإخماد الثورة، وهو الضغط الذي انتهى بتوقيع الجبهة لاتفاق "تمراست" مع الحكومة المالية تحت إشراف جزائري سنة 1994.ورغم أن الاتفاق نص على وجود حكم ذاتي للإقليم وانسحاب الجيش المالي في اتجاه الجنوب وتسليم الإدارة الأمنية والمدنية لسكان الإقليم والتعويض عن الخسائر الناجمة عن الحرب وعودة اللاجئين، إلا أن الأمور تغيرت على أرض الواقع، فالحكومة المالية تراجعت عن كثير من بنود الاتفاق كما أن المنطقة شهدت غلياناً شعبياً غير مسبوق، والصحراء الأزوادية الآن غير آمنة بالمرة والسلاح منتشر، إضافة إلى البعد عن وسائل الإعلام.
خطر المجاعة
على الجانب الآخر وعندما تتجول في مخيمات اللاجئين الأزواديين على الحدود الموريتانية المالية تدرك حجم المأساة، فهناك فقر مدقع وانتشار مذهل للأمية (حوالي 90%من سكان المخيمات) وثلاثة مخيمات لا يوجد فيها إلا طبيب واحد وخيام بالية لا.. تقى من حرارة الشمس ولا من برد الشتاء. وأطفال في عمر الزهور يبيعون علف الماشية للسكان الموريتانيين علهم يجدون ما يسدون به رمق الجوع وسط ارتفاع مذهل لأسعار المواد الغذائية، كما أن السكان الذين عادوا إلى ديارهم يعيشون أيضاً في ظروف لا تطاق.فقد يسمح لك أن تتاجر في المدن لكن لا يسمح لك بالعيش داخل المدينة نتيجة الظروف الأمنية، فالسلطات المالية لا تزال تخشى من تسلل المقاتلين الأزواديين إلى المدن وبالتالي أقيمت قرى صغيرة للاجئين العائدين قرب المدن الكبير ليسهل متابعة أي تحرك مفترض للمقاتلين.ويواجه السكان حالياً خطر المجاعة بعد انسحاب المنظمات الغربية العاملة في مجال الإغاثة وتزايد موجات الجفاف التي ضربت الإقليم في السنوات الأخيرة وما خلفه ذلك من نفوق للماشية التي يعتمد عليها السكان كأهم مصدر من مصادر العيش في صحرائهم القاحلة.ويرى بعض المراقبين للشأن الأزوادي أن غياب المنظمات الإسلامية عن الإقليم وانحياز المنظمات الغربية للحكومة المالية ذات التوجه الغربي فاقم المأساة "حيث شكلت المنظمات الغربية وسيلة ضغط لا يستهان بها في يد الحكومة المالية مستغلين حاجة الناس وبؤس المجتمع لإجبار السكان على العودة إلى الإقليم رغم انعدام الأمن وخطر المجاعة ليصبحوا لاجئين جدداً في ديارهم تحت رحمة السلطات المالية، بعد أن كانوا لاجئين في الدول المجاورة يعتمدون على ما تجود به أيدي الخيرين من هبات ومساعدات تبقيهم قيد الحياة
صحوة إسلامية
ولعل الأبرز في القضية الأزوادية عموماً هو تمسك الشعب غير المسبوق بدينه والعودة القوية للإسلام داخل المجتمع رغم عزلة الإقليم دولياً وقلة وسائل الإعلام وجهود الحكومة المالية غير الخافية لطمس الهوية وتصفية رموز التدين والمجازر الرهيبة التي ارتكبت وكان العلماء أكثر ضحاياها، كذلك التطورات التي شهدها الإقليم ساعدت في انتشار الصحوة الإسلامية.فالإحساس بالغربة داخل الوطن والتوجهات الواضحة للحكومة المالية نحو طمس هوية وتاريخ الإقليم والدور الذي لعبه العلماء وأئمة المساجد في جبهة المقاومة والرفض وما تعرضوا له من اضطهاد من قبل الحكومة المالية كلها أمور أثرت على حياة الناس ودفعت باتجاه التمسك بالدين، فالمساجد منتشرة في الإقليم وهناك عودة قوية للتدين وان كانت لاتزال تحتاج إلى الرعاية والتعميق
.
دور المنصرين
دور المنصرين
وللأزواديين مع المنصرين قصة جعلتهم يأخذون العبر وينظرون بعين الريبة إلى كل وافد على الإقليم تحت أي عباءة كانت، فقد حاولت بعض الجمعيات الغربية الوافدة إلى الإقليم استغلال العمل الخيري والإنساني من أجل أهدافها المشبوهة لكن الشعب الأزوادي كان لهم بالمرصاد، فقد فتحت الجمعيات عدة مدارس وجمعيات خيرية في مدينة "غاوا" شرق الإقليم من أجل مساعدة السكان، لكن بعض الممارسات الشائنة التي أقدم عليها بعض العاملين ألبت عليهم السكان وحطموا مكاتب الجمعيات وطردوهم من الولاية. فبيع الخمور وفتح محلات للرقص وتشجيع الانحراف الأخلاقي كلها أمور من المحرمات عند الأزواديين وغير مسموح بها على الإطلاق.. ولذلك كان الرد الشعبي عنيفاً على هذه الجمعيات. وينظر الأزواديون الآن إلى المستقبل بقلق شديد بعد دخول الولايات المتحدة على الخط ودعمها للحكومة المالية عسكرياً وسياسيا بعد أن استطاعت الأخيرة إقناع الرأي العام الدولي بتنامي ظاهرة الإسلام السياسي داخل الإقليم وما يشكله ذلك من خطر على الأطماع الغربية في السيطرة على إقليم يحتوي على مخزون نفطي معتبر ومعادن كالذهب.. هذا بالإضافة إلى موقعه الإستراتيجي بين موريتانيا والجزائر ومالي والنيجر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق