سيد أحمد ولد باب ، نواكشوط
ouldbaba2007@gmail.com
أنتهت احلام البسطاء فى "كينيا" بخية أمل كبيرة بعد أن سرق الدكتاتور الكينى "مواى كيباكى" المدعوم من قبل واشنطن أصوات الجماهير فأوقف عد الاصوات وأبدل المراقبين الدوليين بالجيش والسلاح ببطاقات التصويت وسارع الى اعلان نفسه رئيسا للبلاد لفترة ثانية رغم تفوق زعيم المعارضة بمليون صوت وبشهادة المراقبين الدوليين.اللجنة الانتخابية الكينية لم تخيب آمال الزعيم الثائر على الديمقراطية فأعلنت وبعد تردد دام يومين للتأكد من تزوير المحاضر وتبديد الأصوات أن الانتخابات التى جرت الخميس الماضى أنتهت بحصول الرئيس كيباكي على أربعة ملايين و584 ألف و721 صوت مقابل أربعة ملايين و352 ألف و993 صوت حصل عليها منافسه الرئيسي رايلا أودينغا مرشح حزب حركة ورانج الديمقراطية المعارض.ولم تشفع لزعيم المعارضة "أودينغا" أصوات الفقراء الكينيين ولا شهادة الأوربيين ولا تقدمه فى الانتخابات منذ بدء عملية فرز الأصوات مساء الخميس الماضى الى اعلان المهزلة التى دفعت بالبلاد الى أتون حرب أهلية قد تطال الأخضر واليابس عقابا للشعب الكينى على اختياره الحر والنزيه.حاول زعيم المعارضة الثائر اقناع الرئيس المخلوع جماهريا بترك منصبه والاكتفاء بلقب "رجل ساعد فى تحقيق الديمقراطية فى بلاده" لكن اذان الرئيس كانت قد شغلتها عبارات دعم الأمركيين الرافضين للتداول السلمى فى البلاد واغراءات السلطة التى طالما حرمت شعوب القارة من نعمة الاستقرار ففضل الإنقلاب على الديمقراطية والإحتكام للشارع والسلاح.ولم تتأخر واشنطن –كعادتها- عن اعلان اعترافها بنتائج الانتخابات المهزلة وأعلن الرئيس نفسه زعيما ل"كينيا" مؤديا اليمين فى اسرع وقت دافعا بالجيش الى الشوارع لقمع تحرك الفقراء وقطع الطريق أمام أى احتجاج سلمى فى البلاد قبل أن تضطر تحت ضغط نيران الشوارع وجثث الفقراء الى التراجع عن الإعتراف فى مشهد بدا كثير الوضوح للمراقبين.وقال توم كاسي نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مساعد وزيرة الخارجية للشؤون العامة بأن على المرشحين القبول بالنتائج النهائية التى تصدرها لجنة الانتخابات الكينية!!.ولعل المثير حقا ما كشفه لام السيد ويليام روتو المسؤول في حركة أورانج الديمقراطية من أن التحقق من النتائج كشف عن مخالفات كبيرة في الانتخابات من ضمنها جدولة أعضاء لجنة الانتخابات لأصوات الانتخابات الرئاسية في تجاهل تام للنتائج الموثقة من الدوائر الانتخابية ودفعها بآلاف الأصوات الى الأكياس الممتلئة اصلا بفعل التزوير.وأضاف فى حديث لوسائل الإعلام الأجنبية قائلا:"إننا طالبنا اللجنة بأنه إذا لم يكن هناك دليل موثق فإن لدينا أرقامنا الخاصة. وأنه لا يمكن أن يكون هناك اختلاف بين النتائج التى تم إعلانها في الدوائر .الانتخابية والنتائج التى أعلنتها اللجنة في نيروبي وأن هذا أقل طلب يمكن تقديمه".
115% وانتهت سيطرة العرب!!
ولعل المضحك فى الانتخابات الكينية الأخيرة والذى يتداوله سكان القارة اليوم هو ما أعترف به رئيس لجنة الانتخابات الكينية السيد صمويل كيفوتو بأن الأصوات في وسط كينيا أظهرت نتائج "شاذة" إثر وجود حالات خاصة بلغت فيها نسبة الاقبال 115 في المائة من .الناخبين المسجلين.غير أن غرابة الأرقام التى تجاوزت المعدل العربى المعروف "99.99" لم تشفع لمرشح المعارضة الكينى ولم تخجل راعية الديمقراطية فى العالم ولاتمنع رئيس البلاد السابق والحالى بحكم الغلبة من الإستمرار فى السلطة ولو على أنقاض البلاد وأرواح المصوتين.ورغم أن الاتحاد الأوربى الشريك المشاكس لأمريكا فى افريقا كان حاضرا بقوة فى المشهد الانتخابى الذى أفرز الموت لكينيين(250 شخص على الأقل خلال يومين) إلا أن تعاطيه مع التزوير كان ضعيفا وان جاءت من بعض مسؤوليه تصريحات تزيد من صدقية المعارضة وتحرج حكام "كينيا" ان كانوا أصلا محرجين.إليكساندر لامبسدروف رئيس بعثة المراقبة الأوروبية للانتخابات في كينيا قال إن فريقه سيحقق في اتجاهات إقبال الناخبين في بعض أجزاء البلاد لرؤية ما إذا كان الإقبال حقيقيا أم لا. ودعا لامبسدروف الخاسرين المتظلمين إلي استخدام المحاكم لتسوية أية مخالفات وأشار إلي أنه لا يمكنه تقديم تقييم كامل للانتخابات الرئاسية والبرلمانية حتي يتم إعلان النتائج.وأبلغ لامبسدروف وهو عضو البرلمان الأوروبي الذي يقود بعثة المراقبين الصحفيين في مؤتمر صحفي أمس السبت "أنه ليس لدينا دليل واضح عن حدوث تزوير ولكن لدينا علامة استفهام هنا وهناك وسنقوم بمتابعة هذا الموضوع".
لماذا أطيح بالزعيم الفائز؟
لايهتم الكثيرون بإفريقيا بقدر ما يهتمون بمصالحهم الخاصة ومع كل جهد يبذله زعيم ثورة أو مناضل لتحرير شعبه تبدأ القوى العظمى فى وضع العقبات وتأليب أذنابها فى العالم لمنع قادة الشعوب النامية من القيام بواجبهم تجاه الأوطان التى ينتمون اليها والشعوب التى أنجبتهم وهذا ما حصل بالضبط مع زعمي المعارضة فى كينيا "أودينغا"!!فحينما خاطب "أودينغا" العالم من وسط "نيروبى" أيار 2006 كانت كلمات الحفل الحماسى الذى أقامه أنصاره والأبيات الشعرية التى أستعارها من نشيد بلاده الوطنى تنبأ الغرب بأن تحولا كبيرا سيشهده هذا البلد الإفريقى المنكوب ومن هنا تحديدا نسجت خيوط المؤامرة..فلقد ألقى الرجل خطابا ثوريا وصف فيه عام 2007 بعام حسم الهوية والمصير على يد الكينيين بعد عقود من الإستغلال السيىء لثروات البلاد واستنزاف خيراتها من قبل الأجانب منشدا أول بيت شعرى فى النشيد الوطنى "العدالة أن يكون لديك درع وسلاح"..وقد حاول زعيم المعارضة إعطاء وصفة ناجعة للكينيين لمواجهة الفساد المستشري في البلاد وانعدام الأمن وتدنى رواتب الموظفين مذكرا بأن بلاده عشية استقلالها عن الإبراطانيين كانت كل مؤشرات القوة الإقتصادية فيها تتساوى تقريبا مع الكورية الجنوبية ساعتها لكن الواقع الآن يخلتف تماما بين الدولتين!!وذكر الرئيس الفائز المعارض الخاسر بحكم الغلبة رفاق الحزب بكلمات "غاندي" الخالدة كاشفا عن اديولوجيته العميقة والتى حملته الى قلوب المستضعفين وذلك حينما خاطب نواب حزبه قائلا:علينا ان نحترس لئلا ندمر بلدنا بفعل الموبقات السبع : • السياسة دون المبدأ ؛ • السرور دون الضمير ؛ • الثروة من دون عمل ؛ • المعرفه دون الطابع ؛ • التجارية بدون الاخلاق ؛ • العلم بدون الانسانيه ، • العبادة دون تضحيهبل ذهب أبعد من ذلك حينما تعهد بثورة دستورية على الواقع القائم فى البلاد قائلا :"يجب ان نزيل السلطة من سماسره السلطة واعطائها الى الوراء لشعب هذا البلد ، حتى يتسنى للشعب ان يكون حقيقيا متحكما فى مصيره".ووعد الكينيين فى الخارج بسن قانون يجيز ازدواجية الجنسية لتشجيع المغتربين الذى يدفون بمليارات الدولارات الى البلاد واعطائهم حقوقهم كاملة بما فى ذلك حق التصويت والانتخاب محددا ثلاث أهداف سيتثمر فيها فى حالة فوزها لكن كلها كانت "البنية التحتية" التى حرم منها الكينوين لسنوات طويلة وخصوصا القرى البعيدة من واقع المدينة المعقد حيث النخبة الموالية للاستعمار الغربى وفق تعبيره.ويميل المعارض الكينى الى الانفتاح على السكان بغض النظر عن مواقفهم السياسية وهذا ماجعل التيارات الإسلامية فى كينيا– ورغم تبنيه الطرح الشيوعى- تعلن دعمها له وخصوصا فى شمال البلاد حيث يعيش أغلب السكان المسلمين.ويرجع رئيس المجلس الأعلى للمسلمين الكينيين الشيخ محمد دور محمد سبب ذلك إلى عدم وفاء كيباكي بوعوده للمسلمين في الانتخابات التي فاز بها قبل خمس سنوات وتحالفه الوثيق مع الأمركيين ومواقفه السلبية من قضايا القارة وخصوصا الصومال.ومرة أخرى ومع انتخابات جديدة فى القارة السمراء يثبت العالم الغربى انحيازه لمصالحه على حساب مبادئه وللديكتاتورية بدل دعاة الديمقراطية ،ويثبت ايضا سكان القارة –رغم الجراح النازفة-وعيهم بالمخاطر المحدقة بأوطانهم واخلاصهم لأحرار النفوس رغم اختلاف المواقع والمبادىء ويؤكد الإفرقيون مقولتهم الثباتة على مر التاريخ :"وللحرية الحمراء باب ...
115% وانتهت سيطرة العرب!!
ولعل المضحك فى الانتخابات الكينية الأخيرة والذى يتداوله سكان القارة اليوم هو ما أعترف به رئيس لجنة الانتخابات الكينية السيد صمويل كيفوتو بأن الأصوات في وسط كينيا أظهرت نتائج "شاذة" إثر وجود حالات خاصة بلغت فيها نسبة الاقبال 115 في المائة من .الناخبين المسجلين.غير أن غرابة الأرقام التى تجاوزت المعدل العربى المعروف "99.99" لم تشفع لمرشح المعارضة الكينى ولم تخجل راعية الديمقراطية فى العالم ولاتمنع رئيس البلاد السابق والحالى بحكم الغلبة من الإستمرار فى السلطة ولو على أنقاض البلاد وأرواح المصوتين.ورغم أن الاتحاد الأوربى الشريك المشاكس لأمريكا فى افريقا كان حاضرا بقوة فى المشهد الانتخابى الذى أفرز الموت لكينيين(250 شخص على الأقل خلال يومين) إلا أن تعاطيه مع التزوير كان ضعيفا وان جاءت من بعض مسؤوليه تصريحات تزيد من صدقية المعارضة وتحرج حكام "كينيا" ان كانوا أصلا محرجين.إليكساندر لامبسدروف رئيس بعثة المراقبة الأوروبية للانتخابات في كينيا قال إن فريقه سيحقق في اتجاهات إقبال الناخبين في بعض أجزاء البلاد لرؤية ما إذا كان الإقبال حقيقيا أم لا. ودعا لامبسدروف الخاسرين المتظلمين إلي استخدام المحاكم لتسوية أية مخالفات وأشار إلي أنه لا يمكنه تقديم تقييم كامل للانتخابات الرئاسية والبرلمانية حتي يتم إعلان النتائج.وأبلغ لامبسدروف وهو عضو البرلمان الأوروبي الذي يقود بعثة المراقبين الصحفيين في مؤتمر صحفي أمس السبت "أنه ليس لدينا دليل واضح عن حدوث تزوير ولكن لدينا علامة استفهام هنا وهناك وسنقوم بمتابعة هذا الموضوع".
لماذا أطيح بالزعيم الفائز؟
لايهتم الكثيرون بإفريقيا بقدر ما يهتمون بمصالحهم الخاصة ومع كل جهد يبذله زعيم ثورة أو مناضل لتحرير شعبه تبدأ القوى العظمى فى وضع العقبات وتأليب أذنابها فى العالم لمنع قادة الشعوب النامية من القيام بواجبهم تجاه الأوطان التى ينتمون اليها والشعوب التى أنجبتهم وهذا ما حصل بالضبط مع زعمي المعارضة فى كينيا "أودينغا"!!فحينما خاطب "أودينغا" العالم من وسط "نيروبى" أيار 2006 كانت كلمات الحفل الحماسى الذى أقامه أنصاره والأبيات الشعرية التى أستعارها من نشيد بلاده الوطنى تنبأ الغرب بأن تحولا كبيرا سيشهده هذا البلد الإفريقى المنكوب ومن هنا تحديدا نسجت خيوط المؤامرة..فلقد ألقى الرجل خطابا ثوريا وصف فيه عام 2007 بعام حسم الهوية والمصير على يد الكينيين بعد عقود من الإستغلال السيىء لثروات البلاد واستنزاف خيراتها من قبل الأجانب منشدا أول بيت شعرى فى النشيد الوطنى "العدالة أن يكون لديك درع وسلاح"..وقد حاول زعيم المعارضة إعطاء وصفة ناجعة للكينيين لمواجهة الفساد المستشري في البلاد وانعدام الأمن وتدنى رواتب الموظفين مذكرا بأن بلاده عشية استقلالها عن الإبراطانيين كانت كل مؤشرات القوة الإقتصادية فيها تتساوى تقريبا مع الكورية الجنوبية ساعتها لكن الواقع الآن يخلتف تماما بين الدولتين!!وذكر الرئيس الفائز المعارض الخاسر بحكم الغلبة رفاق الحزب بكلمات "غاندي" الخالدة كاشفا عن اديولوجيته العميقة والتى حملته الى قلوب المستضعفين وذلك حينما خاطب نواب حزبه قائلا:علينا ان نحترس لئلا ندمر بلدنا بفعل الموبقات السبع : • السياسة دون المبدأ ؛ • السرور دون الضمير ؛ • الثروة من دون عمل ؛ • المعرفه دون الطابع ؛ • التجارية بدون الاخلاق ؛ • العلم بدون الانسانيه ، • العبادة دون تضحيهبل ذهب أبعد من ذلك حينما تعهد بثورة دستورية على الواقع القائم فى البلاد قائلا :"يجب ان نزيل السلطة من سماسره السلطة واعطائها الى الوراء لشعب هذا البلد ، حتى يتسنى للشعب ان يكون حقيقيا متحكما فى مصيره".ووعد الكينيين فى الخارج بسن قانون يجيز ازدواجية الجنسية لتشجيع المغتربين الذى يدفون بمليارات الدولارات الى البلاد واعطائهم حقوقهم كاملة بما فى ذلك حق التصويت والانتخاب محددا ثلاث أهداف سيتثمر فيها فى حالة فوزها لكن كلها كانت "البنية التحتية" التى حرم منها الكينوين لسنوات طويلة وخصوصا القرى البعيدة من واقع المدينة المعقد حيث النخبة الموالية للاستعمار الغربى وفق تعبيره.ويميل المعارض الكينى الى الانفتاح على السكان بغض النظر عن مواقفهم السياسية وهذا ماجعل التيارات الإسلامية فى كينيا– ورغم تبنيه الطرح الشيوعى- تعلن دعمها له وخصوصا فى شمال البلاد حيث يعيش أغلب السكان المسلمين.ويرجع رئيس المجلس الأعلى للمسلمين الكينيين الشيخ محمد دور محمد سبب ذلك إلى عدم وفاء كيباكي بوعوده للمسلمين في الانتخابات التي فاز بها قبل خمس سنوات وتحالفه الوثيق مع الأمركيين ومواقفه السلبية من قضايا القارة وخصوصا الصومال.ومرة أخرى ومع انتخابات جديدة فى القارة السمراء يثبت العالم الغربى انحيازه لمصالحه على حساب مبادئه وللديكتاتورية بدل دعاة الديمقراطية ،ويثبت ايضا سكان القارة –رغم الجراح النازفة-وعيهم بالمخاطر المحدقة بأوطانهم واخلاصهم لأحرار النفوس رغم اختلاف المواقع والمبادىء ويؤكد الإفرقيون مقولتهم الثباتة على مر التاريخ :"وللحرية الحمراء باب ...
* مقال منشور فى وكالة الأخبار الموريتانية والقدس العربى للكاتب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق