الأحد، ٢٥ يوليو ٢٠١٠

عودة الفرنسيين إلي موريتانيا



Ouldbaba2007@gmail.com
سيد أحمد ولد باب/ كاتب صحفي

لا أحد يجادل على الإطلاق في أن عملية عسكرية فرنسية موريتانية نفذت علي الأراضي المالية من أجل توجيه ضربة لبعض عناصر تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي ،لكن
الجدل قائم بشأن أهداف العملية ونتائجها والفاعل الحقيقي وتوقيتها والأطراف المستفيدة والخاسرة علي حد سواء.

ورغم أن الرؤية الحالية للأحداث لا تزال تميل لصالح رواية الجيش الموريتاني إلا العديد من المعطيات المتوفرة تكشف بجلاء حجم التناقض الحاصل بين الواقع والمعلن ،والفاعل والمفعول به في عملية ستكون من دون شك بداية مرحلة جديدة في الصراع القائم بين نواكشوط و القاعدة يأمل الموريتانيون أن لا تكون لها انعكاسات سلبية مباشرة علي الاستقرار داخل البلاد.


عودة الفرنسيين!!

منذ وصول الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" إلي السلطة في فرنسا بدت المطامع الفرنسية واضحة في العودة بقوة إلي إفريقيا(المستعمرة السابقة) ليس من باب النفوذ السياسي فحسب بل من خلال تواجد عسكري يضمن لها المزيد من الـتأثير في مجريات الأحداث والتعامل معها عن قرب كلما اقتضت الضرورة ذلك.

وخلال ثلاث سنوات بدت أنظمة القارة في مرحلة من أسوء مراحلها علي الإطلاق ،إما خنوع بالمرة أو رحيل عنيف كانت موريتانيا وغينا بيساو وغينا كوناكري والنيجر أهم ضحاياها،بينما نجت "أتشاد" بأعجوبة بعد أن وقع "إدريس دبي" صك استسلامه للقاعدة الفرنسية تحت ضغط قوات التحالف المناوئ له قبل ساعات من اقتحام القصر الرئاسي بأنجامينا.

ومنذ سيطرة الجيش الموريتاني علي مقاليد السلطة السياسية بموريتانيا بدأت القوات الفرنسية في تعزيز تواجدها علي الأراضي الموريتانية ليتوج التعاون الفرنسي الموريتاني بزيارة نادرة هي الأولي لقائد أركان جيش فرنسي إلي نواكشوط منذ سنوات طويلة.

الثاني عشر من أكتوبر 2009 كان الجنرال جان الويس جورجيلان قائد أركان الجيش الفرنسي يضع اللمسات الأخيرة علي تعاون فرنسي موريتاني مع نظيره قائد أركان الجيش الموريتاني اللواء محمد ولد الغزواني والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في اجتماع ضم الثلاثة بالقصر الرمادي بنواكشوط.

السلطات الموريتانية قالت إن هدف اللقاء كان دراسة سبل التعاون بين الجيش الموريتاني والفرنسي، والدور الذي يمكن للجيش الفرنسي أن يقوم فيه في تدريب الجيش الموريتاني، إضافة للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، ومواجهة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إضافة للتهريب الذي تعرفه الحدود الموريتانية مع جيرانها.

لكن الرجل المولع بالتراث الموريتاني – كما قدمته وسائل الإعلام الرسمية ساعتها - قام بجولة خاطفة شملت أهم المناطق الحدودية شمال البلاد حيث تتواجد قوات بلاده العاملة بموريتانيا ،وألتقي خلالها بأغلب الضباط الموريتانيين العاملين في المنطقة الشمالية،كما سمع عرضا مفصلا عن الخطة العسكرية الموريتانية لمواجهة القاعدة ودور الوحدات العسكرية التي تم إنشائها من قبل قيادة الأركان في ضبط الحدود المضطربة مع الجزائر ومالي.

ولم يقتصر التحرك الفرنسي علي العمل الميداني بل كانت النخبة الأمنية والقضائية علي موعد مع حراك من نوع آخر وكان السفير الفرنسي وأبرز معاونيه في نواكشوط قد دعوا إلي اجتماع شامل يوم 20 نوفمبر 2009 لتقييم الترسانة القانونية في موريتانيا المعدة لمواجهة الإرهاب والمساعي المبذولة لتحقيق ذلك.

اللقاء الذي شمل من الجانب لموريتاني كلا وزير العدل والداخلية وقائد أركان الدرك والمدير العام للأمن والمدير العام للجمارك والمدعي العام بوزارة العدل خصص لدراسة أهم النصوص القانونية المتعلقة بالإرهاب في موريتانيا وسبل تطويرها.

ووفق ما أعلنته الحكومة الموريتانية فإن الاجتماع الذي عقد تحت عنوان " اجتماع لجنة متابعة مشروع "العدالة والأمن في منطقة الساحل الصحراوي"بحث الخطة الفرنسية المتعلقة بالأمن في مناطق الساحل الصحراوي والممولة بمبالغ مالية تصل أربعة ملايين أورو موزعة بين موريتانيا ومالي والنيجر، بهدف ترقية ومعالجة النصوص القانونية المتطابقة مع قواعد قانون الإجراءات الخاصة بمكافحة الإرهاب والتهريب وتدفق الهجرة غير الشرعية.

وقد كان من الواضح أن وتيرة التعاون الفرنسي الموريتاني تسارعت بشكل لافت خلال الأشهر الماضية علي المستويين العسكري والسياسي ،وهي مسيرة من دون شك توجت بأعمال مشتركة لعل أهمها هو عملة "لمزرب" التي وجهت بموجبها نواكشوط ضربة قاسية لبعض العاملين في مجال تهريب المخدرات بمنطقة الساحل،رغم أن المعطيات غير الرسمية – وبعضها من مصادر موثوقة- تشير إلي أن العملية نفذت علي الأراضي المالية بعيد معلومات استخباراتية عالية توصلت بها نواكشوط من فرنسا أياما قليلة بعيد إطلاق سراح الرهينة الفرنسي لدي القاعدة "بيكمات" مقابل أربعة عناصر من التنظيم بينهم موريتاني.

ورغم أن نواكشوط ربحت – حسب المعلن- قتل ثلاثة من العاملين في مجال تهريب المخدرات إلي أوربا وأسرت 20 آخرين واستولت علي عدد من الأسلحة وعلى ست سيارات "تويوتا" ثلاث منها محملة بالمخدرات وشاحنة تحمل هي الأخرى خمسة أطنان من المخدرات تم إحراقها لاحقا فإنها خسرت علاقاتها بجمهورية مالي التي شعرت بالإهانة بعيد انتهاك سيادة أراضيها مرتين خلال شهر واحد من قبل قوات الجيش الموريتاني.


وبدأت الأزمة ...

في السادس عشر من يونيو 2010 كانت الأجواء السياسية بموريتانيا تنذر بتصعيد جديد بين الأحزاب السياسية المناوئة للرئيس الموريتاني والنخبة العسكرية والمدنية المدعومة من فرنسا،وكان الجدل قد أخذ منعطفا جديدا بين منسقية أحزاب المعارضة ونظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعيد اتهام زعيم المعارضة أحمد ولد داداه للأخير بتسليم الأراضي الموريتانية لجيوش أجنبية دون موافقة البرلمان أو علم الشعب قائلا في مهرجان المعارضة الشهير "إن هنالك قوات أجنبية تتحرك داخل البلاد جيئة وذهابا دون علم الشعب أو موافقة البرلمان،وإن الأمر يشكل تهديدا خطيرا للسلم الاجتماعي في موريتانيا ويعرض البلاد لأعمال عدائية بعيد انخراطها في حرب بالوكالة عن الآخرين"..

كلمات ولد داداه لم تكن تصريحات معارض غاضب بل كانت نذر مرحلة جديدة دخلتها البلاد ضمن صراع مفتوح بين الغرب والقاعدة قد تكون فيه موريتانيا "يمن" العرب الثاني – غير السعيد - تستقبل الجيوش دون موافقة وتدار علي أراضيها المعارك مع "الإرهابيين" دون أن تكون طرفا في النزاع أو لديها علم بتفاصيل الصراع.

ورغم أن رموز السلطة في موريتانيا اختاروا ردم الرؤوس في الرمال عن موضوع شائك دون إذن من الرئيس أو الفاعلين الرئيسيين في الملف فإن السفير الفرنسي بنواكشوط اختار أن يكون الطرف الممسك بزمام الخيط الآخر في رسالة عتب وتحدي إلي زعماء المعارضة الذين قاطعوا حفل سفارة بلاده بحجج تراوحت بين الانشغال المسبق والمرض.

السفير الفرنسي في نواكشوط ميشل فانبورتر لم يخف سعادته الشخصية بالمكاسب التي حققها صديقه الجديد بموريتانيا الرئيس محمد ولد عبد العزيز دون أن ينسي الرد علي تصريحات زعيم المعارضة أحمد ولد داداه قائلا : إن الإدارة الفرنسية ستواصل دعمها لموريتانيا "مع احترام كامل لسيادتها و تشبث بالمبادئ التي ما فتئت تنير لها الطريق" .

وفي رسالة دعم جديدة لمواقف ولد عبد العزيز في مواجهة خصومه من السياسيين قال ميشل فانبورتر "أود بهذه المناسبة أن أحيي بحرارة كل أولائك الذين يكرسون جهودهم من أجل الرقي الاجتماعي و الازدهار الاقتصادي لموريتانيا ـ و أعلم أنهم متواجدون معنا بكثرة هذا المساء".


فخاخ القاعدة ...

يكاد يجمع أغلب المتابعين للعملية الحالية شرق موريتانيا علي أن مواجهة عسكرية وقعت بالفعل بين القاعدة والجيشين الموريتاني والفرنسي ،لكن يختلف الكل تقريبا في حجم وأهداف العملية ،وتقييم المبررات التي قدمتها نواكشوط لتسويق رؤيتها داخل وخارج البلاد.

ويميل الرأي العام عموما إلي تصديق الفرضية الرائجة حاليا بأن قوات فرنسية نفذت العملية بغية تحرير الرهينة الفرنسي "جيرمانو" من قبضة خاطفيه المفترضين،وأن جنود الجيش الموريتاني كانوا جزءا بالفعل من معركة التحرير المفترضة لضمان جبهة إسناد واسعة للفرنسيين في رمال مالي المتحركة.

ويعزز هذا الرأي مسارعة الفرنسيين إلي توضيح دورهم في العملية والذي حددوه بالإسناد التقني والفني لبعض الآليات الفرنسية في محاولة للنأي بالنفس عن الآثار السالبة لأي عملية فاشلة من هذا القبيل قد تضر بصورة الجيش الفرنسي في أولي مهامه القتالية بالصحراء،أو أي تداعيات سياسية للعملية في حالة إقدام القاعدة علي إعدام الرهينة الفرنسي انتقاما لضحاياها ونكاية ب"ساركوزي" المثقل حاليا بفضائح مالية باتت شغل الفرنسيين الشاغل .

لكن وزارة الدفاع الفرنسية لم تنس نصيبها من عملية التسويق المطلوبة لأي عملية من هذا النوع ،مقدمة مبررات مقنعة نسبيا للخارج من خلال تذكير الرأي العام الأوربي بأن العملية استهدفت المجموعة التي قتلت الرهينة الأبراطاني قبل فترة وترفض حاليا إعطاء معلومات عن الرهينة الفرنسي "جيرمانو" دون الجزم بأنها من يحتجزه لما لذلك من تداعيات سياسية خطيرة.

وتبدو الرواية الموريتانية للأحداث أقرب إلي عملية تسويق "فاشلة" لا تغطي علي استخدام الأراضي الموريتاني كمنصة لتصفية الحسابات القائمة بين الرئيس الفرنسي نيكولا "ساركوزي" وكتيبة الملثمين بقيادة عبد الحميد أبو زيد بل لتخفيف حدة الغضب المتصاعد من أطراف المشهد السياسي بسبب تزايد نفوذ الفرنسيين داخل البلاد.

ولم تقف السلطات الموريتانية مكتوفة الأيدي رغم ترددها لساعات طويلة ،بل كان المسوغ جاهزا وقريبا "هجوم وشيك علي وحدة عسكرية موريتانية متمركزة بمدينة "باسكنو" كانت القاعدة تنوي القيام به نهاية الشهر الجاري".

وبغض النظر عن دقة الرواية الرسمية أو الطرح السائد في أوساط النخبة فإن نواكشوط بمعركتها الحالية قد دخلت منعطفا بالغ الخطورة ليس علي المستوي العسكري فحسب بل علي المستوي السياسي شبيه بما عاشته البلاد بداية عقد ها المنصرم في ظل عدو خارجي متربص،وجبهة داخلية هشة وقوي خارجية تضغط من أجل تحقيق مصالحها الذاتية بغض النظر عن تداعيات الأمور.

نواكشوط ثأرت لجيشها أم سعت لتحرير "جيرمانو"؟


أثار إعلان السلطات الموريتانية القيام بعملية عسكرية خاطفة شمال جمهورية مالي العديد من الأسئلة حول حقيقة ماجري وانعكاساته علي العلاقة بين دول الجوار والرهائن الغربيين لدي تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي.

ورغم أن نواكشوط بدت سعيدة – علي لسان وزير الإعلام حمدي ولد المحجوب – بما حققته القوات المسلحة من خلال أولي عملياتها الهجومية ضد التنظيم بعد سنوات من الخسائر المتتالية للجيش فإن العديد من الأسئلة ما يزال يحتاج إلي توضيح من قبل الرسميين؟.

فالعملية التي تزامت مع إلغاء الرئيس الموريتاني سفريه المبرمجين سابقا إلي "أنجامينا" و"كمبالا" دون سابق إنذار أثارت العديد من اللغط خارج الأروقة الرسمية ،خصوصا وأن الرجل عائد للتو من العاصمة الفرنسية باريس مع وزير دفاعه حمادي ولد حمادي بعيد حضورهما احتفالات فرنسا الجريحة بغياب مواطنها "جيرمانو" وما صاحب ذلك من جدل داخلي حول قدرة الرئيس المضيف نيكولا ساركوزي علي ضمان سلامة رعاياه.

السلطات الموريتانية لا تزال ترفض علنا علي الأقل ربط العملية بتحرير الرهينة الفرنسي "جيرمانو" الضائع في صحراء مالي ، لكنها بدت عاجزة عن الرد علي العديد من الأسئلة المتعلقة بتأخير الحديث عما وقع علي حدودها الشرقية مع مالي إلي غاية الجمعة ورفض كبار القادة العسكريين تأكيد المعلومات التي تداولتها الأوساط الفرنسية والأسبانية مساء الخميس 22-7-2010 بشأن أهداف العملية ونتائجها والتداعيات التي أحدثتها في أوساط المعنيين بملف الرهائن الغربيين لدي القاعدة.

الصحف الأسبانية كانت حاسمة في تناولها للقضية معلنة فشل الفرنسيين في تحرير رهينتهم المختطف بعيد عملية سريعة علي الأراضي المالية استغلت فيها عناصر عسكرية تابعة للجيش الموريتاني.

ولم تنس الصحف الأسبانية أن تنقل مخاوف الحكومة الأسبانية من تأثيرات العملية المحتملة علي الرهائن المحتجزين لدي التنظيم منذ سبعة أشهر بعيد اختطافهم علي الأراضي الموريتانية.

ارتياح وزير الإعلام داخل المؤتمر الصحفي بوزارة الداخلية وحديثه المستفيض عن عملية استباقية حمل الكثير من الأسئلة المثيرة وكلها تتعلق تقريبا بالتفاصيل التي أعلنها بنفسه أمام الصحفيين.
فالقتلى ستة من أعضاء التنظيم دون ذكر للأسماء أو حديث عن مكان الجثث رغم استحالة حمل أربعة فارين (بينهم جريج) لجثث رفاقهم تحت ألسنة النيران المفترضة من بنادق العسكريين في عملية هي الأولي للجيش خارج الحدود.

كما أن عدد الأشخاص (عشرة إرهابيين) كان محدودا بالمقارنة إلي الهدف المنشود (الهجوم علي الوحدة العسكرية المتمركزة عند مدينة باسكنو) رغم تواجد المئات من الجنود الموريتانيين بالمنطقة ووجود وحدات أخري قريبة قادرة علي الإسناد في أي لحظة ،ناهيك عن قرب التاريخ المحدد للعملية المفترضة (28 يوليو 2010) وهو ما لا يسمح بحشد المزيد من الرجال والعتاد في منطقة صحراوية مكشوفة ومراقبة بدقة من قبل جيوش المنطقة وقادة الأجهزة الإستخباراتية العاملين في الميدان.

كما أن كميات الذخيرة المصادرة من الإرهابيين تم إعدامها بمكان الحادث (كما تقول الحكومة)،بينما تم ضبط وثائق ومستندات كانت بحوزة "الإرهابيين أثناء تحضيرهم للعملية وهو ما يعني وجود حالة من الاستقرار تنعدم في مثل هذه العمليات إذ من المستبعد حمل الوثائق إلي ساحة المواجهة لكن من المستساغ وجودها لدي احدي النقاط الثابتة للتنظيم داخل صحراء مالي أو لدي بعض المتعاملين معه من أبناء المنطقة.

وعلي الطرف الآخر تبدو الرواية المتعلقة بتحرير "جيرمانو" أكثر واقعية من خلال العديد من المعطيات المتوفرة علي الأرض.

فالجنود الفرنسيون عبروا مدينة النعمة قبل ثلاثين يوما تقريبا في آليات عسكرية خفيفة باتجاه الحدود الشرقية لموريتانيا،والقوات المكلفة بمحاربة الإرهاب أجرت تمرينات مكثفة خلال الأسابيع الماضية استعدادا لحدث ما لم يعلن عنه حتى الآن.

كما أن الجيش الموريتاني مهد للعملية بعمليتين نوعيتين كانت الأولي حينما عبر عناصر من الجيش الأراضي المالية إلي مناطق تواجد "الأزواديين" لاعتقال عمر الصحراوي أثناء حفل زفافه بعيد رصد تحركاته من قبل ثلاثة علي الأقل من المدنيين كلفتهم الجهات الأمنية بالملف لعلاقاتهم الاجتماعية بالمنطقة.

وقد تكللت العملية بالنجاح بعيد اعتقال المطلوب أثناء غفلة من معاونيه المفترضين ونقله إلي الأراضي الموريتانية ضمن قافلة من السيارات عن طريق الممر الرابط بين "لفود" و"القلاوية" قبل أن ينتهي به المطاف في سجن نواكشوط المركزي مكبلا ب12 سجنا نافذا وبغرامة مالية بلغت خمسة ملايين أوقية.

أما العملية الثانية فقد كانت لاعتقال مجموعة من العاملين في مجال تهريب المخدرات من إفريقيا إلي أوربا بعيد رصدهم من قبل الاستخبارات الفرنسية في المنطقة،وهي العملية التي انتهت بمصرع ثلاثة أشخاص واعتقال آخرين ومصادرة كميات كبيرة من المخدرات والسلاح والهواتف كانت معدة للتهريب،وتم الإعلان عن العملية من قبل الجيش الموريتاني بشكل موثق بعيد وصول المعنيين إلي "لمزرب" شمال موريتانيا لتخفيف الإحراج الذي تشعر به جمهورية مالي بعيد انتهاك سيادة أراضيها بشكل مستمر في ظل علاقة بينية متوترة منذ استدعاء نواكشوط لسفيرها بباماكو.

بيان وزارة الدفاع الفرنسية رغم سرعة صدوره لم يكشف كثرا من غموض ماوقع واكتفي بالقول إن باريس قدمت دعما لعملية نفذها الجيش الموريتاني ضد مجموعة مسلحة تنتمي لتنظيم القاعدة وكانت تستهدف إحباط هجوم تخطط له المنظمة.

ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن البيان الذي صدر اليوم الجمعة (23-7) تأكيده أن "آليات عسكرية فرنسية قدمت دعما فنيا ولوجستيا خلال عملية موريتانية استهدفت إحباط هجوم من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ضد موريتانيا".

وأضاف البيان "العملية التي قادها الموريتانيون مكنت من القضاء على مجموعة إرهابية وإفشال مشروع للهجوم على أهداف موريتانية".

واعتبر البيان، الذي يمثل أول تعليق رسمي لباريس على العملية، أن هذا الدعم "يدخل في إطار المساعدة التي تقدمها فرنسا لبلدان المنطقة التي تخوض حربا ضد الإرهاب".

وأوضحت وزارة الدفاع الفرنسية أن المجموعة التي هاجمها الجيش الموريتاني هي التي أعدمت الرهينة البريطاني أدوين داير قبل عام وهي التي ترفض تقديم دليل على حياة (الرهينة الفرنسي) ميشيل جرمانو أو الدخول في حوار لتحريره" وفق البيان.

وفي انتظار رواية القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي (الطرف الثالث في الأزمة) وتوفر معطيات أكثر دقة من جهات محايدة يظل الجدل قائما بين من يري في ما وقع عملية انتقام لأرواح الضحايا من الجنود في "لمغيطي" و"تورين" و"الغلاوية" و"نواكشوط" ،وبين من يراها عملية فرنسية بامتياز استخدم فيها الجنود الموريتانيون علي غرار ما فعل بأسلافهم في الحروب السابقة لتحرير فرنسا من قبضة النازيين استلهاما لروح احتفالات الرابع عشر من يوليو.

الثلاثاء، ٦ يوليو ٢٠١٠

مؤتمر الحزب الحاكم .. اندفاع نحو التغيير أم عودة للماضي؟




سيد أحمد ولد باب/ كاتب صحفى Ouldbaba2007@gmail.com

مع الساعات الأولي من صباح يوم الأحد القادم ستكون الخارطة النهائية لقيادة حزب الإتحاد من أجل الجمهورية الحاكم قد اتضحت معالمها، أو على الأقل باتت أغلب رموز الحزب معروفة لدى الكثير من صناع الرأي والمهتمين بمسار الحياة السياسية في البلاد بعد شهور من حراك داخلي أججت ناره صراعات قبلية وجهوية وفئوية مستحكمة ومسار أحداث لم توقف مجمل الأطراف في تجاوز مطباته بسلام…

ورغم أن الحدث حزبي بامتياز إلا أن التغييرات المتوقعة داخل قيادة الحزب الحاكم والخطط المستقبلية له وقدرة الفاعلين فيه على التأثير في مجرى الأحداث السياسية والأمنية بالبلاد – بغض النظر عن رؤيتنا السالبة تجاه العديد منهم – تفرض قدرا من التعاطي الإيجابي مع المؤتمر والحزب نقدا للمسيرة وتبيينا للأخطاء ودفعا باتجاه ترشيد حياة سياسية باتت تحتضر في بلد كل سكانه تقريبا من السياسيين..






ارهاصات النشأة


في الخامس من مايو 2009 ولد حزب الإتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا وسط أجواء أزمة تعيشها البلاد بعيد استلاء الجيش على السلطة في السادس من أغشت 2008 مما شكل أرضية غير صحية سمحت للعديد من "طحالب" السياسة بأخذ مواقعهم داخل قيادة التشكلة السياسية الأبرز في موريتانيا مستفيدين من شطارة في النفاق اعتادوا عليها ،أو جهلا بالخارطة السياسية من قبل القائمين علي المشروع، أو رغبة لدى الرئيس الخاضع لامتحان الشرعية في لملمة الجراح الداخلية والإبقاء على أكبر قدر ممكن من التماسك الداخلي وسط أجواء من التفاؤل بتشكيل حزب سياسي يكون عامل وحدة للأغلبية ويصحح مسار حزب "عادل" الذي أنفلت زمامه من بين أيدي العسكريين رغم وضع رئيسه في المعتقل بعد أن انشغل قادة المؤسسة أو الثنائي "عزيز وغزواني" على الأصح بترتيب الوضع الأمني عن السياسي إبان الشهور الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ووزيره يحي ولد أحمد الوقف.

حالة من الارتجالية لم تترك لرئيس المجلس الأعلى للدولة الحاكم ساعتها محمد ولد عبد العزيز بدا من التعبير عن عدم رضاه وهو يطالع لائحة المكتب التنفيذي للحزب المقترحة من قبل معاونيه قبل ساعات من استقالته من قيادة الحزب لموانع قانونية،بل ذهب أبعد من ذلك إلي درجة القول بأن غالبية الأعضاء تم اختيارهم من دون أسس واضحة وأن المهم هو القادم وما تقرره القواعد الشعبية مضيفا اسما أو اثنين علي اللائحة بعيد صعوده للمنصة ومتعهدا بمراجعة شاملة وفق الثقل الانتخابي والنجاعة السياسية للمسؤولين عن إدارة الحزب.

ورغم أن الحزب حدد أولويات مكتبه التنفيذي في خمس كليات أساسية فقد نجح في بعضها وفشل فشلا ذريعا في البعض الآخر ضمن مسيرة ناهزت السنة تقريبا مستفيدا من تعلق الموريتانيين بأحزاب السلط وعجز المعارضة السياسية عن الفعل السياسي في كثير من الأوقات.

ومع تخلي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عن قيادة الحزب بعيد انتخابه رئيسا للبلاد كان رفيق درب "الجنرالين" ووزير الدفاع السابق محمد محمود ولد محمد الأمين قد تسلم قيادة حزب الإتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بطاقمه غير المتجانس وغير الفعال في امتحان صعب،يقال إن أقل تحدياته هو حشد إمكانيات مادية هائلة للقيام بحملة الانتساب وضبط المنتسبين الذي بلغ عددهم حوالي 500 ألف منتسب داخل البلاد وحدها ، وتلميع صورة حكومة بلغ العجز ببعضها مبلغه، وقتل الطموح الزائد لدى البعض الآخر بتجيير الدولة والأحزاب لصالح مصالحه مع قدر من الخلافات الجهوية كادت انتفاضة وزراء "أترارزة" تكون نواتها الأولي قبل أن يقرر الرئيس ورئيس الحزب وضع حد لها بعد ساعات فقط من مقاطعة المعنيين لمؤتمر "أركيز" الشهير..





أشواك على الطريق




حاول قادة حزب الإتحاد من أجل الجمهورية الحاكم خلال الشهور الماضية دخول المعترك السياسي من مختلف الأبواب -في خروج علي التقاليد التي كرستها أحزاب السلط سابقا-ناشطين في الحملات الدعائية لصالح الحكومة رغم ضعف أدائها ،ومثرين نسبيا الحالة الثقافية في البلد من خلال الندوات ،ومتحالفين مع بعض أحزاب المعارضة في انتخابات مجلس الشيوخ تلطيفا للأجواء وتقديرا للحظة السياسية وميزان القوي،ومنافسين لأحزاب أخري على القواعد الشعبية ولو بأسلوب صبياني في بعض الأوقات كما حصل في مدينة نواذيبو من مهرجانات متزامنة مع أنشطة أحزاب المعارضة وصد عن سماع الرأي الآخر بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر،وهو المشهد الذي كاد يتكرر إبان مظاهرة المنسقية قبل بروكسل قبل أن يقرر الرئيس وقف "حوار الضرار" الذي دعته له أحزاب الأغلبية في نفس التوقيت.

ربط الحزب علاقات وازنة مع بعض الأحزاب العربية في سوريا والسودان والجزائر والمغرب وتراجع انفتاح الحزب الحاكم علي الجوار الإفريقي ربما لانخراط أغلب النخب السياسية الإفريقية في الحملة الدولية ضد انقلاب السادس من أغشت 2008،وأعاد الحزب تنظيم كتلته النيابة وغير قيادتها السابقة،واستقطب عددا من النواب الجدد وخصوصا من شركائه في الأغلبية مع ضعف في الأداء الإعلامي صاحب مسيرة الحزب منذ تأسيسه لم تنفع معه محاولات الترقيع والتغيير التي شهدتها لجانه الإعلامية خلال الشهور الماضية.

كما أثرت الخلافات داخل الحزب على الصورة التي ترسم عادة في ذهن المواطن العادي عن أحزاب السلطة،وبات الحديث الإعلامي والسياسي عن التغييرات الممكنة في القيادة والخلافات المزمنة بين القادة وموقف الرئيس الموريتاني من مجمل تلك الأحداث ،دون أن تجد تلك الحقائق أو الشائعات من يضع لها حدا في ظل ضيق في الأفق لدي البعض ودفعا باتجاه التوتير من أطراف أخري مستفيدة من ظهور الخلافات وحالات الاصطفاف داخل الحزب بين مجمل المجموعات.






ثبات أم تغير؟




واليوم وقد اقترب موعد الحصاد السياسي يرى ولد محمد الأمين ورفاقه أن الكليات الخمسة تم انجاز غالبيتها وتحديدا اكتمال البناء الداخلي بعيد عمليات الإنتساب والتنصيب،وتنظيم الأغلبية وتوسيع دائرة العمل السياسي المشترك مع الأحزاب الأخري ، من خلال إنشاء ائتلاف أحزاب الأغلبية الذي يضم اليوم أغلبية الأحزاب الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز مع يد ممدودة للمعارضة من أجل الحوار حتى ولو ظل الحوار بعيد المنال رغم ارتياح بيجل ورغبة ولد الوقف وايجابية حزب "تواصل" ...

لكن ما لايدركه قادة حزب الإتحاد من أجل الجمهورية "الحاكم"
فعليا هو ما إذا كانت تلك "المنجزات" كافية لتجديد الثقة لغالبية أعضاء المكتب التنفيذي أم أن عين السخط لم تبد لرئيس الحزب السابق ورئيس البلاد الممسك بالملف غير النصف الفارغ من الكأس.

منطق السياسة يقضي بالإبقاء حاليا علي رئيس الحزب محمد محمود ولد محمد الأمين إلي غاية انتخابات نوفمبر 2011 مع مراعاة عادلة للتمثيل العرقي والفئوي في نواب الرئيس يعيد للحزب بعض التوازن المفقود ويتم بموجبه الاستغناء عن بعض الرموز الذي انتدبوا إبان المرحلة الانتقالية إضفاء للمصداقية علي خطاب التغيير الذي تبناه رئيس البلاد وتعزيزا للمسحة الأخلاقية داخل الحزب من خلال اختيار شخصيات قادرة علي إيصال صوت الشارع السياسي إلي القيادة والعدل في تزكية المرشحين في الانتخابات القادمة من خلال تقديم الأكفأ والأكثر خدمة للناس بعيدا عن "لوبيات الفساد" التي عصفت بالحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي أيام الرئيس ولد الطايع وأنتجت نخبة جشعة متحكمة في مال البلاد ورقاب العباد ترقية وتنزيلا بحسب المزاج أو تماشيا مع خدمة الدفع المسبق...

كما يحتاج قادة الحزب إلي إبعاد أعضاء الحكومة عن المناصب التنفيذية الحساسة لضمان فاعلية في الأداء يفتقدها المنشغل بالعمل الإداري ،وازدواجية تمنع العديد من أبناء الوطن من خدمة بلدهم إذا ما تم اشتراط الولاء لحزب معين كأساس للتوظيف في المناصب الإدارية، كما أن الشفافية تقتضي إلغاء كل حماية سياسية عمن يتولون إدارة المال العام دون أن يكون ذلك تشريعا للحرمان من الحقوق السياسية لمن يقع عليه عبء المسؤولية بقدر ما يشكل ضابطا مهما في بداية مشوار تشكل الدول...

الخميس، ١٧ يونيو ٢٠١٠

حي سالم" : آمال "الثائر" واكراهات الواقع !!

"أنا لست ككل الموريتانيين ،أنا أؤمن بالوطن الذي انتمى إليه ،أنا مجبول على حب الخير للناس،سل كافة أفراد الحي -وقد خبروني زمنا طويلا-هل تخلفت يوما عن حاجة أحدهم؟،هل استغنيت على حسابهم؟ لقد وزعت عليهم القطع الأرضية بالتساوي ولم استفد منها غير حقي رغم أنني رخصتها وهم غافلون ؟! .. لكن ليس لدى ما أفعله الآن وقد داهمتني الشيخوخة وأرى أنني وكافة أفراد الحي محكوم علينا بالنسيان رغم التنبيه المستمر للإدارة والمنظمات المعنية بحقوق المستضعفين !!



هكذا بدأ الشيخ السبعيني "سالم ولد بلال" حديثه لمراسل وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة في حيه الفقير الذي أسسه بالضاحية الجنوبية للعاصمة نواكشوط وتحديدا أطراف مقاطعة "الميناء" المعروفة ب"الدار البيضاء" حيث يعيش آلاف السكان في ظروف بالغة الصعوبة.

عبرنا إليه "أكوام الأوساخ" التى راكمتها سنوات الفوضى في العاصمة نواكشوط ،كانت الجرأة وحدها تدفعنا إلى المغامرة واجتياز الطرق الملتوية المؤدية إلى الحي المعزول ،وعلى الطريق الرابط بين "الميناء" و"حي سالم" كانت مشاهد الرجال وهم داخل "أكوام القمامة" يبحثون عن مصدر للعيش أهم دليل لنا على أن المنطقة يسكنها بشر.



وعند أطراف "الحي" كانت "يغنيه" تدلف إلى باب كوخها الوحيد تحضيرا للعودة من جديد إلي الحي الذي هجرته أثناء السنة الدراسية حرصا على تعليم بناتها الصغيرات في إحدى مدارس العاصمة الابتدائية ،أما الآن فقد حان موعد العودة إلى الأهل حيث تحلوا الحياة رغم بساطتها كما تقول.

تحاول "يغنيه" وهى تتجول بين "منازل" الجيران أن تشرح لنا كيف تعيش مع صغيراتها القادمات من مدينة "روصو" الحدودية قبل سنوات ،وكيف تزاوج بين الكدح في "سوق المغرب" (قلب العاصمة نواكشوط) والسكن في "حي سالم" رغم بعد المسافة التى تقطعها يوميا (حوالي 16 كلم) تقطع على الأقل خمس كيلومترات منها مشيا على الأقدام.
أما "سالم" الذي استقبلنا في منزله المتواضع فقد شكل نقطة التقاء للجميع داخل "الحي" بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والجهوية وذلك باعتباره أبو الحي الذي يفصل في خصومات الجميع ويلجأ إليه الجميع عند الحاجة بعد الله عز وجل كما تقول "يغنيه " وهى تسرد فضائله وكيف شكل نقطة ارتكاز لمن عرفوه.




في منتصف التسعينات وتحديدا سنة 1995 كان "سالم ولد بلال" العائد من السينغال قد بدأ خطواته الأولى باتجاه تأسيس علاقات اجتماعية في ضواحي مقاطعة "الميناء" تعوضه عما خسره في الغربة اثر أحداث الثمانينات بين الجارتين السينغال وموريتانيا.

حط الرحال في "الكبة" (أحد أحياء الضواحي) وفيها بدأ رحلة الكدح من أجل العيش رغم الفاقة الشديدة ،فاقة يشهد نائب عمدة البلدية (الميناء) سنة 1996 "موسى أمادو جالو" أن صاحبها من بين الفقراء بالغي الفقر وفق تعبير الوثيقة التى استعرضها لنا "سالم" ضمن أرشيف من الذكريات.




نال "سالم"ثقة السكان المحليين ،ومجاملة السياسيين مع كل موسم انتخابات،طرق أبواب المنظمات الخيرية ،وحاول مع كل الجهات الإدارية التى حكمت المقاطعة أو المعنية بملف السكان أن يجد موطأ قدم له ولأمثاله من المحرومين داخل أرض الوطن الذي عاد إليه مرغما اثر الأحداث الأليمة بين موريتانيا والسينغال لكن دون جدوى كما يقول.

ظلت مآسي الحي الذي ينتمي إليه تشغل باله ،وظلت آلام الفقر تدفعه إلى تكثيف جهوده إلى أن وفق – كما يقول- في الحصول على قطع أرضية من الدولة الموريتانية ليفاجئ أنصاره ورفاقه طيلة سنوات البؤس بأوراق تملكهم للقطع الأرضية دون أن يأخذ منهم مقابل .
كانت تلك بداية التحول حيث شد الجميع الرحال إلى المنطقة الجديدة التى منحت لهم من قبل الدولة الموريتانية وتحديدا على بعد كيلومترات من "الدار البيضاء" لتكون النواة الأولى للحى الجديد الذي أطلق عليه السكان اسم "حي سالم" اعترافا بالجميل ونقشوها على لافتة متواضعة عند بداية الحي لتميزهم عن غيرهم من المرحلين الجدد.
تاريخ الإضافة : 12.07.2008 16:04:11

ظروف قاسية!!

هذا هو المتجر الوحيد داخل الحى الفقير وبداخله ما يقدر ب 3000 أوقية من بعض البضائع الأولية التى يحتاجها سكان الحى

وعن الظروف التى يعيشها السكان يتحدث "سالم" بمرارة عن تدنى مستوى دخل الأفراد ،حيث لا يوجد عامل رسمي واحد داخل الحي وإنما يعتمد الرجال والنساء على الأعمال اليدوية كحمل أمتعة التجار ونقل البضائع في أسواق العاصمة أو جمع "الخردة" وبيعها لبعض المهتمين بها أو العمل كخادمات في بيوت الميسورين داخل مقاطعات نواكشوط الأخرى.

ويضيف سالم ولد يتحدث للأخبار عن معاناة الأسر المقيمة بحيه "والله لا يوجد ولا متجر واحد داخل الحي ولا حتى خزان ماء وإنما نستورد المياه من الأحياء الأخرى وبأسعار غالية ،أما الخدمات الصحية فهي معدومة والمريض بالحي ليلا عليه الانتظار حتى ساعات الصباح فلا توجد وسيلة نقل يمكن استخدامها لإنقاذ المرضى ولا الأطباء مستعدون للتنقل كحالة "يغنيه" التى أصيبت بارتفاع الضغط في إحدى الليالي وبات أولادها وهم يبكون في انتظار الصباح لحملها على عربة حمير إلى العاصمة لتلقى العلاج وغيرها كثير كما يقول.


وعن الأمور الضرورية التى يحتاجها الحي الفقير يقول سالم "أهم حاجة نطلبها من السلطات هي مساحة لبناء مصلى أو مسجد نقيم فيه الفريضة ،ثم خزان ماء،وتعبيد الطريق ولو بشكل بدائي يجعل الوصول إلينا ممكنا وخصوصا في الحالات الخطرة ،كالتنقل ليلا أو لنقل المرضى والصغار أيام السنة الدراسية ".. ثم يمسك ذقنه ويفكر طويلا ثم يضيف " وأي شيء لا نحتاج ونحن يا ولدى لا يوجد في الحي ولا متجر واحد ".




يرفض "سالم" ومعه نساء القرية "القروض المشروطة" أو تقديم طلب للجهات المعنية من أجل إنشاء تعاونية ويضيف "ما الذي ستستفيده فقيرة كهذه من تعاونية ستكون فيها مجبرة على أمرين (جوع الأبناء في انتظار الحصاد أو أكل المال العام والعياذ بالله !!).
أما المساعدات المباشرة فهي حلم طالما راود سكان "حي سالم" لكنهم لم يحصدوا سوى وعود المنظمات غير الحكومية كجمعية "التنمية الاجتماعية ومحاربة السيدا" التى استصدرت لهم بطاقات عضوية بمبلغ 1000 أوقية عن كل شخص مقابل وعود بالمساعدات قال إنها ضلت الطريق في ظل عالم همه الوحيد التحايل على الضعفاء.

تقرير انجزنه لصالح الأخبار قبل سنة من الآن

الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا ..ذكريات ومحطات


في الثالث عشر من مايو 2000 كانت قاعة "شنقيط" بكلية العلوم القانونية الاقتصادية علي موعد مع التاريخ حينما تداعي أغلب نشطاء الساحة الطلابية من مستقلين وإسلاميين وبعثيين وناصريين وعناصر من حركة الحر إلي تأسيس أول نقابة للطلاب منذ تجميد اتحادهم السابق نهاية الثمانينيات...

كان الحماس كبيرا داخل القاعة ،وكان الجو ساخنا بعد اعتراض مجموعة من الزنوج علي إعلان الإتحاد بشكل "فردي" من قبل الطلبة العرب – كما وصفوا الأمر ساعتها- وكادت أعصاب الجميع تنفلت بعد عراك تسبب فيه أحد عناصر الطلبة الزنوج الرافضين للاجتماع والعنصر الحيوي في الجلسة ساعتها "محمد سالم ولد المهدي" رغم أن الجميع حاول احتواء الموقف بسرعة بعد ذلك...

كنا ونحن مقبلون علي تأسيس النقابة ندرك أن المسيرة طويلة وأن العمل يحتاج إلي التهدئة داخليا والتضامن في وجه الخارج الذي لم يكن ساعتها سوي ادارة جامعة نواكشوط بقيادة محمد سيديا ولد الخباز وبعض العناصر الطلابية المتمسكين بالمندوبية الطلابية كخيار وحيد للعمل ولعل أهمهم ساعتها "الشيخ" أبرز المشاغبين في كلية العلوم القانونية (ثاني قانون عربي) و"جمال" رغم أن الأخير كان مهتما أكثر بتضييع الوقت وافتعال المشاكل مع الطلاب بعيدا عن روح الجد التي كانت تطبع الآخرين.

كنت من المعجبين ساعتها بالعمل النقابي –رغم ضعف الخبرة وقلة التجربة- وكنت من المعجبين كذلك بالمندوب العام للكلية الهاشمي ولد محمد خيار والذي كان أبرز الفاعلين في الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا بعد تجربة المندوبية التي قال القائمون عليها إنها لم توفق في نقل مطالب الطلاب بعد أن ظلت الجامعة تتحكم في بدايتها بتأجيلها المتعمد للانتخابات الطلابية وفي نهايتها من خلال استغلال غياب إطار شامل وجامع للتلاعب بالمناديب الثلاثة طردا من الاجتماعات ومنعا للمعلومات ورفضا للاستماع في الأوقات العادية التي لا يكون فيها مجلس الإدارة في اجتماع وتهديدا بالسلاح في أوقات أخري كما فعل مدير المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.
طانت بداية العامة مخصصة للتحسيس بالفكرة والدفاع عنها بعد انتهاء انتخابات المندوبية وكانت معارضتها قوية من قبل بعض الطلاب والإدارة عموما،وأتذكر الآن تلك الجلسات حينما كان "الهاشمي" يحدثنا داخل مدرجات الجامعة بمستوي عال من الإصرار قائلا إن النقابة هي البديل الوحيد المقنع والقادر علي أخذ المطالب وأن أزمة "الترخيص" التي كان البعض يلوح بها ستتبدد مع الوقت وإن الإدارة ستكون مرغمة علي التعامل معنا كمناديب عن الطلبة إذا أثبتنا أننا قادرون علي الإتحاد في وجهها واقتنعنا بالإتحاد.

كان الجمع قليلا مقارنة بالواقع الحالي ،ولكنه كان فاعلا ومؤثرا بشكل غير مسبوق،وكان الزمن يجري سريعا والنقاشات خارج الجامعة أعمق والصراع داخلها أوضح والكل ينتظر نتاج لجان النصوص والمقترحات الخاصة بشأن القيادة الجديدة.

كنا ندرك أننا منقسمون إلي فرق شتي بحكم الخلاف الإيديولوجي ولكن كنا نتعامل مع الإدارة والساحة الطلابية كفريق موحد في كثير من القضايا بحكم التحدي الذي كنا نواجهه ومن أكثر من طرف،و تدفعنا الرغبة دوما في التواجد داخل الجامعة ويجمعنا الحوار والنقاش أكثر مما يفرقنا حتى ولو تباينت الأفكار واختلفت وجهات النظر..

كنا نميل ساعتها كطلبة إسلاميين بشكل مطلق وربما غير معلن إلي اختيار الطالب بقسم الاقتصاد محمد ولد أكيه كأمين عام انتقالي بحكم قربه منا وبعده عن التجاذب الحركي الذي كان يطبع الساحة السياسية ،لكن في الوقت ذاته لم نكن حريصين علي الصدام مع مجموعة "البعثيين" والتي كان يقودها محمد الراظي ولد النهاه باعتبار أننا قادرون علي تغيير الكفة انتخابيا وأن الحصول علي اعتراف بالنقابة أهم عندنا من السيطرة عليها بشكل مبكر خصوصا وأن البعض بدأ يروج داخل الساحة الطلابية بأن مجموعة الإسلاميين تريد السيطرة علي الجامعة وشغلها بالصراع مع الإدارة بدل حل مشاكل الطلاب ...
تم اعداد النصوص القانونية بعد استشارة عدد من المحامين أبرزهم محمدن ولد أشدو ،وعدد من النقابيين أبرزهم الساموري ولد بي – الذي كانت تجربته مع الترخيص أكبر دافع لنا نحو الإعلان عن الإتحاد بدون الحصول علي رخصة. ومع دخول الجلسات التحضيرية نهايتها كان الخيار في النهاية لصالح الراظي ولد النهاه بعد إبداء ولد أكيه عدم حرصه علي تولي منصب الأمانة العامة واكتفينا بحضور فاعل ومؤثر في المكتب التنفيذي للإتحاد بعد الزج بمجموعة من العناصر الطلابية المؤثرة وتحديدا الهاشمي ولد محمد خيار عن كلية القانون وأحمد ولد الوديعة عن كلية الآداب ومحمد ولد أمبارك ومحمد ولد جعفر عن المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية مع علاقة طيبة ببعض أطراف المكتب من غير المسيسين أو علي الأقل الحركيين علي الأقل..

نشط الجميع في حملة الانتساب وباتت جلسات المكتب التنفيذي منتظمة خارج الجامعة وفي الحي الجامعي بعض الـأوقات حيث كان بعض أعضاء المكتب التنفيذي لديهم سكن داخلي مع حركية غير مسبوقة داخل المدرجات والأقسام وتعبئة كبيرة للمؤتمر العام الأول والذي تقرر نهاية 2001..

بعد شهور من إطلاق عملية الانتساب وفي الثاني والعشرين يوليو 2001 كان الجميع علي موعد مع المؤتمر الأول للإتحاد بعد اختيار مناديب الداخل والخارج ،وكان فندق "الهدي" بنواكشوط محطتنا الأولي بحضور طلابي خالص قبل أن تتدخل الشرطة مساء لوضع حد للمؤتمر الذي كان مجرد انعقاده دليلا علي أن النقابة بدأت تأخذ مكانها في الساحة السياسية والإعلامية كطرف فاعل في العملية التربوية بالبلاد ..

دخل الطلاب والشرطة في صدام استمر لبعض الوقت وكان "محمد الأمين ولد بيب (كلية الآداب) ،وعبد الرحمن ولد حمودي(الاقتصاد)،ومحمد أحيد (دحيد) (المعهد العالي) أبطال المواجهة بامتياز بينما شكلت لجنة مؤقتة لدراسة مستقبل المؤتمر ومكانه القادم وسط تجاذب قوي بين راغب في عقده في أحد المنازل ومصر علي عقده في الجامعة هروبا من العمل السري كما يقول أصحاب الفريق الأخير..

في اليوم الموالي عقدت جلسات المؤتمر بكلية العلوم والتقنيات واستمر الجدول بشكل سلسل إلي أن وصل الطلاب إلي وقت الإدلاء بالأصوات بدأت الشرطة والإدارة التحرك لوضع حد للعملية بغية ارباك الطلاب وهم مافشلوا فيه لاحقا بعد أن أكمل الطلاب تصويتهم تحت المطاردة ونقلوا عمليات الفرز إلي خارج الجامعة وحبس الجميع أنفاسه في انتظار نتائج التصويت التي كانت في صالح الإسلاميين في البداية وصادمة لهم في النهاية بعد أن تبين أن اثنين من عناصر اللائحة التي تقدموا بها قرروا التحالف مع الطرف الآخر وهم محمد ولد أحمد جد (ناصري) و أباي ولد عبد الله(مستقل) بعد إقناع الأخير بالترشح للأمانة العامة للإتحاد مقابل دعم اللائحة الأخرى..

دخل الإتحاد في أزمة قوية ورفض الإسلاميون الإسراع في عمليات التنصيب مفسحين المجال للضغط الخارجي علي المناديب في لعبة كانت مثيرة ومشوقة وكانت ساحة الوراقات الواقعة قبالة مسجد "دائرة الكرام المسلمين" مسرحا لها ..

نجح الإسلاميون في الضغط أيضا علي اثنين من عناصر اللائحة الأخرى وهم أباي ولد عبد الله الذي قرر الحياد قبل أن يتراجع عن موقفه ،وأحد عناصر الجبهة الشعبية الذي تعهد لهم بالتصويت مقابل نائب الأمين العام،لكن الكرة عادت للصفر بعد رفض الأطراف الأخرى التنصيب أيضا مطالبة بإفساح المجال أمام المكتب للتشاور ليتوصل الطرفان إلي اتفاق يقضي بتأجيل المكتب التنفيذي إلي بداية العام الدراسي الجديد مع درس بليغ ألزم البعض لاحقا بالنص علي انتخاب الأمين العام من المؤتمر مباشرة لضمان عدم تشتيت أصوات الطلاب الناخبين.

ومع بداية العام الدراسي 2002 كانت الساحة قد تمايزت ومرر الإسلاميون أول مكتب تنفيذي منتخب للإتحاد بقيادة الزميل محمد محمود ولد عبدي مع اختيار أعمر ولد أعمر جودة كنائب أول للأمين العام – وتلك قصة أخري- بعد تغير في المواقف حينما قرر الطالب بكلية الآداب "أحمد ولد محمد الحافظ" التصويت للإسلاميين قائلا إن قناعته الجديدة باتت تملي عليه ذلك وهو ماتم بالفعل في جلسة حاسمة وعاصفة.
تم توزيع بقية المناصب بعد انسحاب الراظي ولد النهاه ورفاقه من الجلسة ليكون المكتب مقتصرا علي عناصر التيار الإسلامي وأعمر ولد أعمر جودة وأحمد ولد محمد الحافظ فعليا في انتظار انتخابات جديدة كانت معطياتها من دون شك أكثر تتويجا للطرف الذي عرف بتحالف "الخيار" في القانون و"الأمل" (الآداب) و "البناء" في المعهد و"الفضيلة" في التقنيات..

لم تكن تلك العلاقة الشائكة بين أطراف المشهد تؤثر أبدا علي العلاقات الطلابية داخل الجامعة ،فقد استطاع الطلاب أن يواجهوا العديد من الملفات موحدين ولعل القضية الفلسطينية والعراقية كانتا الأكثر تأثيرا في الساحة طيلة تلك السنوات.

ظلت المبادرة العنوان الجامع لكل أطياف المشهد وظل المضربون بعضهم إلي جانب بعض مواجهين للشرطة ومسيرين للمسيرات ومرددين نفس الشعارات وكان الاختلاف دوما لصالح القضية مزيدا من التعبئة والتحسيس وحضورا في القيادة أوقات الأزمات وربما أوقات التصوير..
ولعل أكثر اللحظات تأثيرا كانت حينما أختار الإسلاميون أن تكون قيادة المؤتمر الثاني في يد الطرف الآخر (البعثيين) من خلال اختيار مقرب منهم وهو أباي ولد سيدي ولد الطلب لسحب أي حجة مستقبلية وهو ماتم بالفعل رغم أن الكثير من شد الأعصاب صاحب العملية،بعد أن غادر ولد الطلبة بعد الانتخابات إلي منزل أهله بكرفور معطيا لنفسه فسحة من الوقت تاركا الآخرين ونحن منهم في انتظار النتائج ،لكن عاد ليسلم المحاضر وبأمانة للأمين العام للإتحاد محمد محمود ولد عبدي رغم كل الضغوط التي واجهها والتي –عرفت بعد ذلك- أنها بلغت حد الشجار مع المقربين منه وطردهم من منزله بعد أن حاولوا تمزيق المحضر للتشكيك في نتائج الانتخابات..
واليوم وبعد عشر سنوات بات الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا حقيقة ماثلة أمام الجميع،وبات من أهم بل أهم النقابات العاملة في ساحة التعليم بمنتسبيه السبعة آلاف،ومقراته وحضوره المؤثر سلبا وايجابيا في الحياة الدراسية بموريتانيا.


محطات في سطور

لم تخلو مسيرة الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا أو علي الأقل الفترة التي عرفته فيها منتسبا (رقم 12) سنة 2000 إلي غاية 2003 من محطات جميلة وأخري صعيبة أذكر منها بإيجاز مايلي:

1- ضعف التجربة وغياب المؤسسية : ولعل أهم فترات الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا كانت دوما مسيرة بأشخاص بعيدا عن النظم الداخلية التي أقريناها سواء تعلق الأمر بفترة محمد الراظي ولد النهاه حينما كان الإتحاد مجرد "شنطة" بيده يطلع عليها رفاقه المقربين منه،أو فترة محمد محمود ولد عبد عبدي والتي – رغم المحاولات التي بذلها- كانت هي الأخرى علي نفس النمط مع فارق التوقيت كما يقال بعد أن بات الإتحاد يسير من طرف جماعة واحدة في ظل غياب الأطراف الأخرى رغم وجودها في المكتب والساحة،وقطعا يعود الخطأ عليها في الكثير مما حصل بعدما رفضت الحضور للجلسات والمشاركة في العمل الميداني معتبرة أن مقاطعتها للإتحاد ستضعفه أمام الإدارة وتمنحها فرصة العودة للقيادة في المؤتمر الآخر وهو ما لم يحدث رغم الهزات القوية التي عاشها المكتب التنفيذي حيث كان فارق التصويت في الكليات بعد ذلك رهيبا والسيطرة كاسحة وخصوصا في كلية العلوم والتقنيات والقانون.

2- زيادة الوعي النقابي : وهي مسألة تذكر فتشكر للإتحاد فقد دخلناه ونحن مجموعة من الهواة،وفيه تعلمنا الخطابة والكتابة والصبر والتعامل مع الآخر وخرج من دون شك نخبة من أبناء البلد أتوقع أن يكون لهم مستقبلا في العمل السياسي بعون الله ولعل أبرزهم حتي الآن علي ما أذكر ( محمد محمود ولد عبدي،الراظي ولد النهاه،أحمد ولد الوديعة، أحمد ولد صمب،محمد ولد محمد أمبارك،محمد الأمين ولد بيب،باب ولد سيد أحمد،ادوم ولد بمباي،أبوبكر ولد أحمد،جدو ولد عبد الله، أباي ولد سيدي ولد الطلبة ، ديدي ولد أحبيب،باب أحمد ولد رمظان،محمد ولد أكيه،سيد المصطف ولد الطالب،خالد ولد اسلم،محمد محمود ولد أحمد ،يحفظ ولد محمد محمود،أعمر ولد أعمر جوده،محمد ولد أحمد جد،أخيارهم ولد حمادي، محمد ولد ماسيري،عبد الله ولد اسلم ،محمد ولد جعفر، والشاب الحيوي سيدي آب ،ومحمد سالم ولد المهدي،لمهابه ولد عباد ،محمد أحيد ولد سيدي محمد،الحسين ولد الطالب،خدجة بنت الشيخ، ،وآخرون الله يعلمهم ...).


3- من أهم ما اكتشفناه طيلة الفترة هو أن مسيرة التلاحم التي خاضها الجميع أعادت للطالب الثقة في العمل النقابي بعد فضيحة 1997 وبيع القضية الطلابية من قبل البعض والصدمة التي أصابت الجميع بعد فشل الإضراب الذي كان ساعتها أمل الكثيرين من المراهنين علي تحول المشهد السياسي والنقابي بموريتانيا..

4- ومن الملاحظات السلبية التي دخلنا فيها هو تكريس القطيعة التامة بين النقابي والسياسي إلي درجة أصابت البعض بتبلد الإحساس ولعل أكثر المحطات التي ندمت عليها –وكنت متحمسا لها- هي عدم تحرك الساحة الطلابية بعد اعتقال الطالب الراظي ولد النهاه في قضية البعثيين بحجة أنه اعتقل علي خلفية سياسية قبل أن ندرك في الأخير أن الحرية لا تتجزأ وأن الكأس ذاته معرضون نحن له بعد اعتقال عدد من الطلاب الإسلاميين بعد ذلك ضمن ملف الإسلاميين رغم أن بعض الرفاق في المسيرة لايزالون مقتنعين بصواب الفكرة أو علي الأقل هذا ماسمتعه منهم في الذكري العاشرة للإتحاد ..كما أن سكوت الساحة النقابية والطلابية عموما عن حل حزب العمل بقيادة مسعود ولد بلخير كان خطئا فادحا دفعنا ثمنه من خلال ابتعاد طلاب شريحة واسعة عن الإتحاد بل والعمل النقابي عموما داخل الجامعة أو علي الأقل الفترة التي كنا فيها داخل الساحة وهو نفس الخطأ الذي وقع مع الزنوج رغم المحاولات التي بذلها (أحمد ولد صمب والهاشمي ولد محمد خيار) مع الطلاب الزنوج لدخول الإتحاد والتي انتهت باعتذار ولد صمب عن المشاركة بعد انسحاب رفاقه من الاجتماع التأسيسي في الثالث عشر من مايو 2000.


5- وعموما كانت تجربة الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا تجربة ممتازة عرفنا خلالها معني الأخوة رغم الشجار الدائم،والقدرة علي الإنجاز رغم ضيق ذات اليد بل الفقر المدقع أحيانا للعديد من الطلاب الوافدين من الداخل وفائدة التضامن الداخلي بين الطلاب رغم التباين في الأفكار،وخطورة تجاوز الأمور بسرعة وخصوصا الحساسيات العرقية والفئوية التي تنفجر ولو بعد حين ...

سيد أحمد ولد باب
مسؤول الإعلام بالإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا سابقا
Ouldbaba2007@gmail.com

الأربعاء، ١٦ يونيو ٢٠١٠

قراءة في ديوان: أحلام أميرة الفقراء


وقفة مع ديوان الشاعرة "باتة بنت البرا

مواطنون لكننا بلاوطن
ممتهنون لكننا بلامهن
محنطون غارقون في توابيت الزمن
وكلما مرت محن
كانت دمائنا الثمن !!

بهذه الكلمات المعبرة أختارت "أميرة الفقراء" الشاعرة الموريتانية "باتة بنت البراء" أن تبدأ ديوانها الشعري (أحلام أميرة الفقراء) قبل أن يتحول اللقب إلي موضة ديمقراطية يتلقب بها أعداء الأميرة والفقراء من الحكام وقاتلي الأحلام.

كانت الشاعرة الشابة آنذاك تكتب بصدق عن واقع مجتمع لما يتغر معلنة انتمائها الصادق وبحق للطبقة المحرومة محققة حلمها الرائع الذي صدرت به ديوانها الشعري معبرة عن أحلام الفقراء في زمن التمثيل..

حلمي الأكبر أني أعبر البحر وحيده
حلمي الأكبر أني أنظم الكون قصيده
مفردات رائعات ومعاني فريده
تزرع الخصب حداء في مجاهيل بعيده

ولم تكن تلك المجاهيل التي تحدثت عنها أميرة الفقراء سوي ربوع "السبخة" و"الرياض" و"توجنين" حيث يعيش أغلب أفراد الرعية كما الأميرة ينتظرون أحلام العيش الرغيد والأمان في عالم قرر صانعوه أن يختاروا كل سنة أو سنتين أبرع الممثلين لإدارة شؤون البلاد وإحكام القبضة علي العباد..

لكنها أحلام ماتلبث أن تزول ويكتشف أصحابها الحقيقة كما هي لا كما زينتها الشعارات الرنانة والمساحيق الخادعة،بعد أن يتولي أئمة الفقراء شرح الوضع القائم والتبشير بمستقبل لايقل سوء عن الحاضر الذي يعيشون فيه والماضي الذي حاولوا نسيانه ..

قال الإمام :
أما اللحوم فحرام أربعين
والماء والأرز وفضل الأكسجين
والشاي محظور عليكم منذ حين
وعندما يقترب اليوم السعيد
ستعرفون أن ربكم بكم عليم
وأنه ولى عليكم أفضل الممثلين!!.


حقيقة لم ولن تغير من طبيعة الفقراء والبسطاء الحالمين بغد مشرق أى شيئ، فلاتزال الخصال النبيلة التي أكتسبوها تحكم حياتهم كل مساء، ولايزالون برغم اكتشافهم للحقيقة مثالا حيا علي الوفاء والتضحية في سبيل الوطن الذي آمنت الأميرة به ورعيتها به قبل أي شيئ ، ولايزال لديهم الإستعداد لبذل المزيد..

صحيح أن السنين تمر والهموم تتضاعف والممثل يتفنن في مخادعة منتخبيه لكن طبيعة الفقراء كمعادن الذهب تظل ناصعة من دون رتوش ...

وكلما مر العام بعد العام
ننسي الشراب والطعام
نفقد عادة الكلام
لكننا مواطنون مخلصون
لكننا مسالمون طيبون


جبن العاشقين !!

ولم تقف الأميرة والشاعرة الموريتانية باتة بنت البراء في (أحلام أميرة الفقراء) موقف المتفرج الراصد للأحداث والواقع المر أو السكوت علي الاختيار الخاسر الذي بموجبه تولى كبير الممثلين قيادة الرعية خلفا للأميرة ،بل راحت تندب حظها وتثير مكامن الرجولة والغيرة في نفوس عشاق الوطن والمترددين عن البوح بأحلامهم من أجل التعبير بصراحة عن رفض الواقع الذي بات السكوت عليه مشاركة في الجريمة.

عشقناك ما أجبن العاشقين
فرادي،حياري،نخاف الأنين
زرعنا الحراب بأربعنا
فرشنا التراب بأدمعنا
وعدنا اليك

لكن الشاعرة والأميرة وهي تقلب يديها حسرة علي مصير الوطن الضائع برغم جهود أبنائه لم تقف موقف المتفرج ولم تنس ومضات الفجر القادم وقد لاحت للسائرين مبشرة بشروق لاتكدره أوهام السلطة ولاظلم الوالي بعد أن أحتفظت جراب الأميرة ببذور الحياة رغم الجراح النازفة وشرارة الثورة علي الواقع الصعب المستترة ..

فبهذا الجراب بقايا من النبع
نبع الحياة
له وضعت حليها
فأشرق قاع الغدير بزهر الشقيق
رمتني لتضمن أن تستمر البنات
عطاء
ويبقي الرجال وفاء وحبا


وفاء أصطحبته الأميرة في حياتها الأدبية وهي تلاعب أحلام المحرومين وتستذكر كل عام كيف تضاءلت أحلام الوطن الكبير بعد عقود من الإستقلال وكيف تحول عشاق الوطن الكبير إلي سماسرة علي مسرح التمثيل يباركون باسم الشعب للجلاد.

لكن عزاء الأميرة أن الثامن والعشرين من نوفمبر لايزال حتي الآن هو العيد الرسمي للبلاد بما يعنيه ذلك من أمل في التجديد ورغبة في التواصل مع الماضي الذي حاول حكام اليوم قطع أواصر اللقاء معه...

يا أيها العيد جئت أنت في زمن
ولي به الحب ،أمسي أهله ظعنا
وأروع الحب حب الأرض حين تعي
أن المحب لها من طينها عجنا



نداء أميرة

ولم تقف الشاعرة والأميرة باتة بنت البراء موقف الشاعر المتفرج أو النائح علي بطنه بين يدي الأمير الوهمي بعد انسداد الأفق السياسي في البلد وانتهاء الصراع لصالح "الممثلين" بل وجهت ندائها الشهير للطبقة السياسية باسم الرعية التي فوضتها بالكلام،وهو نداء قابل للترديد في كل جولة من جولة الباطل وما أحوجنا اليها هذه الأيام..

إلي الذين طردوني أوجه هذا النداء
لمن حبسو الماء عن شعبي وعن ناظري
أوجه هذا النداء
لمن جملوا تجاعيدهم ،برمل بلادي
بأسماكها،
بكل الأواقي التي جمعتها شيخة في الظلام
ألا أيها الغاصبون لخير بلادي
حرقتم بلادي
أضعتم بلادي
نهبتم بلادي
ولم يبق لدي غير فؤادي

النخبة السياسية بموريتانيا واستلاب الهوية


ما الذي يجري في موريتانيا؟؟ أتنهار أخلاق النخبة السياسية إلي هذا الحد الفاضح!!
لم أصدق وأنا أقرأ صحيفة "الفجر الجديد" الليبية كيف أن قادة من خيرة أبناء هذا البلد يتساقطون علي فراش القذافي تساقط الذباب علي الشراب، يتامي يتدافعون كل واحد منهم يعبر عن حاله بلغة الصعوبة ورغبة غير مسبوقة في العطف والحنان، وعن ولاء غير منقوص و تضحية بالوطن والهوية والقطر لصالح مشاريع أخري دون مبرر.

سترك اللهم !!

حاولت أن أكذب نفسي وأنا أتصفح بيعة قادة الأحزاب السياسية "القومية والإسلامية" في موريتانيا للزعيم الليبي ومن دون مناسبة، لكن هيهات فالأسماء هي ذاتها باستثناء "ألفين" سقطوا من اسم واحد والوجوه هي ذاتها التي عرفتها في شوارع نواكشوط أيام الحديث عن الوطنية والشهامة والكبرياء، لكن المنطق مختلف والهامات منكسة وصرخات الاستجداء والاستعطاف فاقت كل تصور....
"أريد أن أؤكد على أننا في الساحة الموريتانية لسنا إلا نتاجاً طبيعياً لفكركم وتجربتكم ولفعلكم السياسي بالساحة الموريتانية، هذا النتاج الذي وصل فعلاً إلى مرحلة من النضج الآن، نأمل أن يكون بداية لجمع شتات التيار القومي المختلف، وجمعه لاحقاً بالتيار الاسلامي الذي من بيننا الآن من يمثل طائفة منه".
بهذه الكلمات أختصر أحد القادة السياسيين الموريتانيين كينونة تياره وأوضح عن دور حزبه وأهدافه أمام الزعيم الليبي – ولست هنا بصدد التنقيص من الأخير-، لكن الصدمة بالغة والوطن لم يعد له مبرر والدستور هراء والوحدة الوطنية في مهب الريح والخيط الناظم صفر إن كان كل واحد منا نتاج جهاز أو دولة وصلته بالوطن تماما كصلة الأمهات المؤجرات ب"البويضات المخصبة" أو كصلة أطفال الأنابيب بالأنبوب الذي غرزوا فيه (دور وينتهي مع انتفاء الحاجة إليه) غريب أمر أبناء هذا الوطن!!.

لا أحد يجادل في أن لليبيا قامتها ومكانتها بين الدول العربية في وقت هيمن فيه الذل والخنوع علي كثير من الدول، ولا أحد يعترض –ولا يمكنه ذلك – علي علاقات طيبة بين نخبة سياسية وبلد عربي ومسلم مناصر للكثير من قضاياها، ولكن الغريب هو أن تري من مملكهم الآلاف من الموريتانيين زمام أمرهم وهم يضعون أنفسهم وأحزابهم وكينونتهم السياسية في يد شخص آخر بل ويستنجدون به "افعل بنا ما تري فقد نضجنا وحان الحصاد"..
من يستطيع بعد الآن أن يلوم السينغال إذا تدخلت في شؤوننا الداخلية فلها من دون شك محبون وعاشقون نضجوا هم أيضا وينتظرون الحصاد.

من يعاتب مالي إن تصرفت في حرية أبنائنا وسلمتهم للقاعدة أو الفرنسيين فربما هم أيضا سلموها الزمام ووالوها وباتوا جزءا من رعاياها غير القاطنين علي أراضيها شأنهم شأن إخوتنا القوميين...
من يعاتب الفرنسيين إذا تلاعبوا بأمننا ونصبوا لنا الحكام وخلعوا من يرغبون في خلعه متي أرادوا فلهم أيضا محبون وأبناء هم في الحقيقة نتاج حصاد السنين...
ولكن الأخطر ليس هذا ولا ذاك بل الاستعداد المعلن للتحرك السريع دون تحديد الوجهة أو الهدف ولنستمع قليلا إلي أحد هؤلاء وهو يقول "إن التيار القومي في الساحة الموريتانية، أصبح الآن جاهزاً للتحرك السريع بتوحيد صفوفه تحت قيادة الأخ القائد، بعد أن حققت معظم تيارته نقلة نوعية على مستوى مرجعيته الفكرية بتبني النظرية العالمية الثالثة وأدواتها التنظيمية، وستكون نتائج هذه النقلة عظيمة، والآفاق التي ستفتحها واسعة ليس على مستوى التيارات القومية والإسلامية فحسب وإنما على مختلف عموم موريتانيا".

قطعا موريتانيا دخلت منعطفا بالغ الخطوة ليس في انتفاء البلد ككيان موحد يجمع شتات أبنائه، بل بسبب ضعف النخبة العسكرية الحاكمة التي فتحت هي الباب أمام الاسترزاق بالوطن والمتاجرة بمواقف أبنائه واختارت البقاء في الكرسي علي منطق الشهامة والاستقلال بالقرار والرأى.
من يصدق بعد الآن أحادث وزيرة الخارجية عن السيادة الوطنية والمعاملة بالمثل وعودة الدولة الموريتانية القوية إلي مصاف الدول التي تحمي كرامة أبنائها وتفاخر بوجود فاعل في المحافل الدولية، ومن سيصدق الآن تعلق الشعب برئيسه إذا كان أقرب المقربين منه يبايعون غيره ويعقدون الصفقات باسمه مع الآخرين وكأننا في عهد المماليك الغابر .

سترك اللهم!!!

من يصدق الآن دعاوي الوحدة الوطنية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وأشعلت من أجلها الحروب مع الجيران، وما قيمة أحواض ناضبة هنا أو هنالك إذا كان من تراد له الحياض مستعد هو الآخر أن يسلم زمام أمره للغير وحياضه بل وحياض الآخرين مقابل دريهمات ضرها أكثر من نفعها يقينا.
لرئيس حزب الفضيلة الحق في أن يشيد بخطاب القذافي أمام الأمم المتحدة كغيره من المستضعفين في الأرض الذين رأوا فيه كلمة حق أمام سلطان جائر، ورسالة قوية لقوي الاستكبار من بلد ثالث لا يزال في طور النمو – ونحن معه في ذلك-، لكن ليس له الحق بحال من الأحوال أن يبخس الناس أشيائهم وأن يسرق من الموريتانيين انتصارهم في مواجهة العدو المشترك "الكيان الصهيوني" ودورهم الرائد في مواجهة اختراقاته والعمل علي إنهاء العلاقات معه بشكل تام .

صحيح أن الرجل كان بعيدا من ساحة الفعل السياسي، وصحيح أن علاقته بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز غير ودية، لكن لا أحد يكابر في أن الشعب الموريتاني هو من ضحي من أجل قطع تلك العلاقات وأن ولد عبد العزيز هو من نفذ والحديث عن قطعها من قبل آخرين أو استجابة لضغوطهم هو خفة في الميزان السياسي لرجل ذو بصيرة واستهتار بتضحيات شعب عظيم كشعب موريتانيا.

شكرا لليبيا حينما قارعت الاستعمار، وشكرا لليبيا عن ساعدت موريتانيا في أوقات صعبة، وشكرا لليبيا حين كشفت القناع عن أوجه نخبة من أبناء موريتانيا انخدع بهم كثر..

*كاتب صحفي موريتاني

ouldbaba2007@gmail.com

إلي شهداء و أسري قافلة الحرية



أخيرا وقع المحظور ،وسقط العشرات ما بين شهيد وجريح على متن سفن كسر الحصار عن أمة المليار مسلم وسط صمت عربى غير مسبوق وأنانية دولية بلغت حد المشاركة في الجرم الذي اقترفته دويلة الاحتلال ضد مدنيين عزل في عرض البحر.

وقع المحظور ،وحملت الصور القادمة من بحر المتوسط صورة طالما ارتسمت في أذهان الكثيرين عن واقعنا القادم من وراء الظلام : "عدو غاشم يتشبث بآخر خيوط النجاة،وأبطال يستقبلون الردي وثغورهم باسمة" يلوحون بأعلام الحرية ويدافعون بشموخهم عن أمة هانت على كل الأمم.

حملت الصور الواردة من عرض المتوسط مواقف إباء يعز على المرء نسيانه ودماء أمة بكاملها تراق وسط صمت حكام رضوا بالحياة الدنيا وأخلدوا إليها وباتوا جزء من مشهدها القاتم والمذل.

أن يصاب الشيخ رائد صلاح أو يستشهد فتلك والله جروح صعيب علي النفس تقبلها ،وشهادة سعي إليها الرجل حتى ولو تأخرت اليوم فهي جزاء يستحقه وخاتمة نسأل الله أن يوفقه لها.

لكنها من دون شك جروح وشهادة لن تنسي أحرار العالم أن في فلسطين المحتلة شيخا ارتبط اسمه بالمقدسات والرفض والجرأة في قول الحق والعمل علي تجييش أمة ماتت منذ قرون،لم تثنيه السجون و زنازين المحتل ،ولم ترعبه تهديدات الغاصبين الحاقدين،ولم تقعده أنانية أبناء جلدته،فطار شرقا وغربا ،جوا وبرا وبحرا لحشد الأنصار والدعم لقضيته وقضية كل المسلمين،منتفضا مع رفاقه في الداخل ضد سياسات المحتل تجاه القدس الشريف ،ومتصدرا قوافل الحرية نحو غزة المحاصرة راسما خط مسار أبي أصحابه وصناعه إلا أن يتوجوه بدماء الشهداء الزكية.

أن يسقط ربان السفينة التركية جريحا مضرجا بدمائه الشريفة رافضا في الوقت ذاته تلقى العلاج من قتلة "ايمان حجو" فتلك والله صورة متوقعة لأمة بدأت تستعيد مكانتها بين الأمم،وتدفع باتجاه مستقبل زاهر يقوم علي رفض الظلم واثبات الذات.

لكن أن تبح حناجر المتضامنين معنا معاشر العرب ،وتراق دمائهم الزكية في سبيل نصرة قضايانا،وتهدر كرامتهم من قبل رفاق "مبارك " وعبد الله " ولا نسمع لقادتنا همسا فتلك والله المصيبة والخيبة !!

أما نحن في موريتانيا فراضون بما يقرره القضاء بشأن أبرز قادتنا، وأحب الناس إلينا وممثلنا في حملة العزة عبر البحار أخونا محمد غلام ولد الحاج الشيخ سائلين الله عز وجل أن يحفظه مع رفاقه من كيد جنود الاحتلال وغطرسة الصهاينة الغزاة وأن يعود إلي ذويه ومحبيه بعد أن أدي واجبه في فضح زيف أنظمة التوت الجاثمة على صدورنا،وكشف مع رفاقه زيف ادعاءات الغرب والمنبهرين به.

ندرك والله إنها لساعات عصيبة ليست علي الإسلاميين فحسب بل علي كل الموريتانيين الذين عاشروه وعرفوه واختبروا صدقه وحماسه للقضية وجرأته في قول الحق وفعله،ولكن ندرك كذلك أنه لم يخرج لنزهة عابرة بل قرر بمحض إرادته وإيمانه بعقيدته أن يكون ضمن القلة القليلة المضحية بأرواحها من أجل كسر الحصار الظالم عن غزة وهو يستشعر قول الله عز وجل :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ، إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

ونقول له ولغيره من مخلصي النيات ابشروا وأنتم الأعلون ،لكم والله ما طلبتم من أجر وعزة وكرامة ،فلا تهنوا ولا تحزنوا وتذكروا أن ثمن الحرية صعب،والجود بالنفس أغلي مراتب الجود.

هنيئا لكم حين خرجت وجرحتم واستشهد البعض منكم واعتقل البعض الآخر شعاركم قول الله عز وجل " ما كَانَ لأَهْلِ المدِينَةِ ومَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أن يَتَخَلَّفُوا عن رسُولِ اللَّهِ ولايَرْغبَوُا بأنفُسِهِمْ عن نفْسِهِ ذلك بأنَّهُمْ لايُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ لانَصَب ٌولامَخْمَصَةٌ في سَبِيلِ اللَّه ِولايَطَأون موطِئاً يَغِيظُ الكُفَّار ولا يَنَالون من عَدُو نَّيْلاً إلا كُتِبَ لَهُم به عَمَلٌ صَالحٌ إنَّ اللَّهَ لايُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِين ولايُنْفِقُون نَفَقَةً صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً ولايَقْطَعُونَ وَادِياً إلا كُتِبَ لهم ليِجْزِيَهُم اللَّهُ أحسَنَ ماكانوا يَعْمَلُون ".

عن الإسلاميين وأحزاب المعارضة بموريتانيا

سيد أحمد ولد باب/ كاتب صحفي
Ouldbaba2007@gmail.com

في الثاني من يونيو 2009 وقعت أطراف الأزمة السياسية اتفاق العاصمة السينغالية دكار لوضع حد للأزمة المتفاقمة وللاحتكام إلي منطق العقل والشعب بعد شهور من الأخذ والرد كان زمام الأمور فيها غالبا بيد دعاة التوتير والفتنة من كلا الطرفين.

ومع توقيع الاتفاق بدت الرغبة واضحة لدي قواعد التيار الإسلامي الموريتاني أو المقربين من حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" علي الأصح واضحة في "فك الارتباط" غير المقدس مع أحزاب المعارضة السياسية أو ما عرف ساعتها بالجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية بعد تجربة شهدت الكثير من الأخذ والعطاء وكانت فرصة من دون شك لتعارف واسع بين نخب ظلت إلي وقت قريب تتعامل عبر الإعلام وتستقي منه معلوماتها عن الآخر..

ومع اقتراب الحملات الانتخابية كانت دوائر المعارضة "التقليدية" وخصوصا الاجتماعية منها قد أخذت قرارها بشأن مهاجمة الإسلاميين الرافضين لدعم مرشحي الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية أو تكتل القوي الديمقراطية المعارض سابقا ،وغيرت تلك الدوائر مسار المعركة من حقها في المشاركة السياسية ونيل ثقة المواطن إلي محاولة بائسة لإجبار الإسلاميين علي التنازل عن حقهم المشروع في التميز كفكرة ومشروع وحزب بعيدا عن دوائر باتت أقرب إلي التجمعات القبلية منها إلي المشاريع السياسية الناضجة.
أخذ الإسلاميون علما بالمعركة ،وتجاهلوا اساءة الأقربين واكتفوا بالبحث في ساحة سياسية متخمة بالمشاريع والأطروحات عن نصير لمشروع يدركون قبل غيرهم أن أنصاره قلة في ظل الوضع القائم حاليا بعد عقود مارس خلالها الممسكون بالسلطة والمعارضون لهم سياسة تمييع طالت مجمل العقليات والفئات.

دفع الإسلاميون الفاتورة غالية – وهم مستعدون دوما لذلك – خسروا كثيرا من علاقاتهم التاريخية بأحزاب المعارضة التقليدية ودوائرها المتحمسة ،ولم يندفعوا لكسب ولاء الأغلبية أو زعيمها علي الأصح رغم ارتياحهم المعلن للعديد من الإجراءات التي اتخذها منذ وصوله إلي السلطة في انقلاب عسكري انهي محطة قال الإسلاميون إنها كانت الأقرب إلي الأحكام المدنية من مجمل الأحكام التي عاشتها البلاد.

كان رئيس حزب "تواصل" محمد جميل ولد منصور من أوائل المعترفين بولد عبد العزيز رئيسا لموريتانيا – قرارات الحزب أملت ذلك- ،لكنه لم يهنئ الرجل بعد فوزه فرفاق الأمس لا يزالون تحت الصدمة بعد أن أظهرت النتائج المعلنة من قبل وزير الداخلية المعارض أن الشعب لا يريد قادة المعارضة حاليا –علي الأقل- كما أنه غير متحمس لحكم الإسلاميين علي الإطلاق،ينضاف إلي ذلك أن قادة التيار الإسلامي غير متحمسين للتحالف مع السلطة حاليا أو التوقيع علي شيك أبيض لرجل لم تختبره بعد سوي وحدات الجيش ومجموعة قليلة من النواب غير المجربين.

ارتياح وتحفظ لم يستوعبه الطرفان،فلا الأغلبية راضية بالاعتراف دون الدعم المباشر والعلني ،ولا المعارضة مستوعبة للاعتراف المبكر بنتائج الانتخابات من شريك ظل حتى يوم التصويت من بين الأحزاب المناوئة للنظام العسكري القائم.

من المواجهة إلي المراجعة

مع انقلاب الجيش الموريتاني علي نتائج الانتخابات الرئاسية 2007 باعتقاله للرجل الأول في البلاد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله كان التيار الإسلامي في مقدمة الرافضين لحكم الجيش والداعين إلي إعادة العمل بالدستور،وكان نوابهم بعيدين كل البعد عن بوابة القصر ولم يشاركوا في حمل الرايات دعما "لتصحيح الجيش"..

شارك الإسلاميون داخل وخارج البلاد بقوة في مسيرة الرفض – رغم الشوائب التي صاحبتها- وظل زمام الأمر دولة بين فرقاء الطيف المعارض ليتولي حزب "تواصل" قيادة أحلك مراحل الرفض (ما قبل السادس من يونيو)،وكانت تصريحات قادة الحزب تكشف بجلاء أن التنازل ممنوع وأن الاستعداد قائم،وشعر مجمل الإسلاميين بالتحدي واستوعبوا جميعا أن المرحلة لا تقبل انصاف الحلول.

من معقل حزب "تواصل" لوح زعيم حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير برد الصاع صاعين لقوات الأمن،ومن علي منصة الحزب قدم شباب "تواصل" هداياهم الثمينة لقائد الحزب وحلفائه من جبهة الرفض (عصي رجال الشرطة) بعد مواجهات أحزاب الجبهة والشرطة قرب سوق "كبتال" مساء الخميس الأسود قبل ساعات فقط من توقيع اتفاق دكار..

وبعد توقيع الاتفاق من قبل السلطة وشركاء الإسلاميين في أحزاب المعارضة وتحول الأنظار إلي انتخابات الرئاسة 2009 شارك الإسلاميون إلي جانب مجمل الأطراف بمرشح للرئاسة لم تسعفه الموارد المالية ولا العقليات القائمة في حصد المزيد من أصوات غير التواصليين رغم وضوح الخطاب ونضج التفكير والحماس الداخلي لدي مجمل العاملين في الحزب أو المتأثرين به.

وبعد فرز النتائج وهزيمة قوي المعارضة مجتمعة في الشوط الأول ابقي الإسلاميون كل الخيارات مشروعة في التعامل مع السلطة أو البقاء في المعارضة ،وأداروا النظر إلي الداخل،فالعاقل يدرك أن النفس معنية بالأخطاء ومراجعة الذات أولي خطوات التحرر ..

وبعد أسابيع من النقاش الداخلي والمراجعة المتأنية ،زكي الإسلاميون قيادتهم الحزبية واعربوا عن ارتياحهم للخطاب الذي قدمه مرشحهم في الحملة الرئاسية والمرتبة التي احتلوها،واعتادوا ترتيب الأوراق مع تحوير طفيف في بعض الملفات تقتضيه المصلحة الحزبية وظروف البلد وصادقوا علي الخطط الجديدة وموازنة العام القادم وقرروا الانطلاقة من جديد، فللحزب شؤون وأولويات جديدة بعد حسم ملف الشرعية في البلاد لصالح بقاء ولد عبد العزيز رئيسا لخمس سنوات قادمة.

انشغل قادة المعارضة وأنصارهم بالتباكي علي نتائج الانتخابات والبحث عن "الثابت والمتحول" في أحرف الهجاء وازداد الشرخ اتساعا بين معارضة لا تري في غيرها حكما وبين حزب أسسه أشخاص يؤمنون بنسبية الحقيقة في السياسية وضرورة التدرج في مراقيها ويدركون أن لله في خلقه شؤون وللشارع في الناس رأى يطاع ويحترم ،وينبغي الدفاع عنه إذا اقتضت الضرورة ذلك.


الإسلاميون والآخر ..أي علاقة ؟


منذ شهور عديدة والسؤال المطروح داخل الساحة السياسية عموما والمعارضة خصوصا هو : هل سيتحالف الإسلاميون مع السلطة أم سيظلون وسطا بين الفرقاء؟
وبغض النظر عن جدية السؤال من عدمه فالمؤكد حتى الآن أن التيار الإسلامي يميل إلي المعارضة الهادئة و يعترف بالرئيس ويتعامل مع الحكومة ويرغب في اعطاء الجميع فرصة للعمل فالبلاد تحتاج والشعب يستحق والأزمات التي عاشتها موريتانيا انتجت شعبا فقيرا ونخبة مائعة وقادة متعطشون لتبادل الأدوار من خلال تغيير الولاءات واستغلال كل سانحة لصالح تعزيز مراكزهم المالية والسياسية بينما كتب علي المواطن أن يدفع الفاتورة من عرقه وماله وحظه ظلما وغبنا من قبل الممسكين بالسلطة ،أو متاجرة وخذلانا ومزايدة من قبل المعارضين ..

اختلاف في المسميات والضحية واحد.

يستغل الآخر كل تصريح أو تعليق أو حضور أو تلبية لدعوة من قبل قادة حزب "تواصل" للتأكيد علي قرب تحالف الإسلاميين والسلطة وكأن في الأمر خطيئة ينبغي التكفير عنها ويتناسى هؤلاء رغيتهم المعلنة في دخول السلطة والمشاركة في تسيير البلاد،والتباكي علي كل "قريب" غادر مكانه ،والجنوح نحو اللامعقول (الباء الطائرة) حينما يرفض الشعب أن يوليهم قيادة البلاد في أي محطة من محطات الحسم المجبر عليها .

ولعل السؤال المطروح أكثر هو : متى رفض هؤلاء الدخول في السلطة ؟ وما الذين يريدونه من وراء تأسيس الأحزاب السياسية؟ وأين هو عمل الخير في أجندتهم اليومية؟ !!.
صحيح أن النظام القائم يفتقد لكثير من العمق وتنقصه الشورى في المواقف والإجراءات،ويعاني من ترهل في أداء الإدارة سببه ضعف الولاء للوطن لدي أغلب مسؤوليه،وعجز كبير لدي البعض الآخر،لكن صحيح كذلك أن هنالك ما تم القيام به وأن الرجل علي الأقل حسم ملف الشرعية في انتخابات يوليو 2009 والدفع بغير ذلك مضيعة للوقت والبحث عن "شوط ثالث" قد لا يفيد..

الثلاثاء، ١٣ أبريل ٢٠١٠

مركز الإستطباب الوطني .. مشاهد من عمق المأساة !!

سيد أحمد ولد باب / كاتب صحفي  ouldbaba2007@gmail.com

سيد أحمد ولد باب / كاتب صحفي ouldbaba2007@gmail.com

"ليس في حياة الإنسان أصعب من البوح بانتصار الموت علي الحياة..لحظة لاتقاس بأى لحظة أخري ..أن تعترف بالهزيمة وتلقي سلاحك وترفع الراية البيضاء مكلوما منكسرا،وأن تكون الجسر الذي تعبر منه الموت نحو الأحياء"..

كانت تلك مشاعر طبيب ماهر وهو يرسم في مذكراته أصعب لحظات البشر في بلاد تعود ساكنوها أن يبتلعوا المصائب وأن يستوعبوا الصدمات ..عبر فيها بجلاء عن لحظات يمر بها كل شخص كتب له المرور من مستشفي نواكشوط المركزي حيث أولي محطات الآخرة في انتظار الزائرين..
لكن هل يمكن استعارتها منه في مشاهد أخري يكون المرء فيها لا جسرا للموت كما هو حال الطبيب بل هو المستهدف بها غيلة من قبل من كانوا في يوم من الأيام يرجي منهم بعد الله عز وجل أن يكون ملهما للحياة ؟؟!!
طبعا ..لا

(1)

كانت الساعة تشير إلي الرابعة والنصف زولا وكان الهاتف يرن ففي المستشفي شخص عزيز علي النفس هجرانه وقد طال انتظاره للدواء بعدما تعذر كاتب الوصفة وغاب المختص وتثاقل المداوم وعجز صغار الممرضين عن الكلام!!

سارعت إلي بوابة المستشفي طلبا لتدخل ينقذ مريضا تخلي عنه ممرضوه ،ورغبة في ركن يأوي إليه مكلوم تتقاذفه هموم المرض والضياع وتغضبه سياسة التجاهل التي تنخر أكبر مؤسسات البلاد الصحية دون وازع من أخلاق أو دين..

رفض الطلب كما هو حال العشرات ممن ضعف بهم المقام عن مزاحمة أصحاب الحظوة والجاه ،لكن الأكثر إيلاما والأشد علي النفس كان بكاء تلك العجوز (حوالي 56 سنة) عند بوابة المستشفي بعدما خرجت لشراء وصفة طبية لأبنتها الصغيرة وعجزت عن تسديد الفاتورة ومنعها رجال الأمن من العودة إلي القاعة علي الأقل للعيش إلي جانب ابنتها المريضة في انتظار قضاء الله !!!

كانت العجوز تتوسل رجال الأمن والمارة علي السواء..لم يبق يمين إلا وطرقته ولكن هيهات فالآذان قد سدت ولم تعد آهات المستضعفين تسمع في أي مكان.. كانت تبكي بصوت عال كلما سمح لصحاب سيارة فخمة بالعبور إلي الطرف الآخر أو كلما قدم شخص ما ورقة تثبت أنه جزء من المؤسسة الرسمية بشقيها الأمني والسياسي بينما كان محكوما عليها وعلي آخرين بالانتظار لساعتين وهي تناشد الواقفين عند البوابة ..بالله عليكم أرسلوا أحدكم ليتأكد أنني الوحيدة مع الصغيرة لتعلموا كم هي محتاجة إلي من يساعدها في غربتها بين أسرة المركز الوطني للإستطباب .. لكن هيهات فقد ضاعت الدموع وبحت الحناجر وسدت الآذان !!

(2)
عند قسم المسالك البولية كان المشهد الثاني ..وكانت الذكريات مريرة فقد كان آخر مرة زرت فيها المكان حينما كنت أعمل تحقيقا صحفيا عن أسرة "أهل عثمان" التي عاشت سبعة أشهر في دهاليز المركز الوطني للإستطباب دون دواء أو غذاء أو كساء إلا ما تجود به أيدي الزائرين للمرضي أو عجز الأهالي عن أكله من فضلات الطعام!!
قبل سنتين كنت أجلس في نفس المكان،لكن كنت ساعتها أستمع لقصة الأسرة ومعاناتها –التي نشرت في الأخبار- لكن أجلس هذه المرة وأنا أيضا صاحب قصة ليست بالطبع كحال "أهل عثمان" لكن من دون شك نحن في المأساة سواء ..

قبل سنتين كانت دموعي تنهال علي الخدين وأنا أستمع من والد الأسرة إلي معاناته وأري "القمل" علي كتفيه،وأستمع إلي ابنته المريضة وهي تروي قصتها مع الأطباء والكادر الإداري وكيف عاشت الأسرة كل تلك الساعات الثقيلة دون أبسط أمل في العلاج أو الخروج من النفق المظلم الذي عاشته داخل وجه موريتانيا الحضاري (مركز الإستطباب الوطني بنواكشوط).

واليوم وقد تغير المشهد بت أنا القصة ذاتها،أتجول بين المداومين أملا في طبيب يشرح لي وضعية المريض أو يكتب لي وصفة دواء أو يتحدث لكن دون جدوي ..فقد غاب "الإخصائي"،وعجز المداوم عن تشخيص الحالة رغم بدائيتها،ورفع القلم عن الممرضين فهم مجرد أرقام في المشهد لا حول لديهم ولاقوة ..إنهم تماما مثلنا ملزمون بالحضور والانتظار..

منذ مساء الخميس والمريض يتألم ،من دون وصفة دواء أو فحص طبي ،أو شرح حتى لحالته التي يعيش في انتظار حضور الطبيب المكلف بمتابعة الجراحات لكن كيف كان الحضور؟!!

عند الساعة العاشرة والنصف كان الحضور،مجرد جولة سريعة في أقبية المركز الوطني ينظر صاحبها شزرا إلي ضحايا رفاقه ولسانه حاله يقول "أمازلتم أحياء!!"..ثم يغيب عن المشهد دون شرح أو حديث مع المريض ونحن نصرخ بالله عليكم ماذا يجري ..أليس فيكم رجل رشيد؟!!
كان الطبيب "باري" يتعاطف مع المريض لكن ليس الأمر في يديه إنه يدرك أن الأمر ناجم عن احدي ثلاث
1- نقص للأملاح المعدنية
2- سوء هضم
3- احتباس للتبول

لكن الطبيب المختص وحده القادر علي تمييز الحالة والمختص فعليا بالوصفات الطبية المناسبة ..لكن متي يعود؟!!
سؤال قد تجيب عنه الإدارة إن عادت هي الأخري أو راعت أنات المرضي ومشاعر المكلومين !!
*كتب هذا المقال وأنا اشرف علي علاج المرحوم عابدين ولد صمباره والدة الزوجة الغالية المصرية بنت عابدين وقد فارق الرجل الحياة بعد
تسبب الإهمال في قصور كلوي مزمن وتسمم في الدم وانا لله وإنا اليه راجعون
اللهم أغفر له وأرحمه

موريتانيا .. حزب إسلامي لشؤون الدنيا !!

سيد أحمد ولد باب – نواكشوط

تسلمت وزارة الداخلية الموريتانية يوم الثلاثاء 19/06/2007 ملف أول حزب سياسي للإسلاميين في موريتانيا، بعد قرابة عشرين عاما من الحظر، والصراع من أجل الشرعية.

وقد سلمت الوزارة الإسلاميين إيصالاً أوليا ينص القانون على وجوب تسلمه، في انتظار دراسة الملف والرد على مؤسسيه قبل انقضاء مهلة 60 يوما، التي يحددها القانون المنظم للأحزاب السياسية في البلاد.

رئيس الحزب الجديد، والمنسق العام لتيار الإصلاحيين الوسطيين، النائب محمد جميل ولد منصور، استبق طرح أوراق الملف رسميا لدى وزارة الداخلية، ليعلن أن الحزب الجديد ليس حزبا إسلاميا بالمفهوم المتداول في الإعلام، وإنما هو حزب للإصلاحيين، رغم أن القانون الموريتاني لا يمنع الأحزاب الإسلامية على الإطلاق، وإنما السلطة التي تتعسف في فهمها للقانون.

لا لاحتكار التدين

وقال ولد منصور في مقال نشرته يومية "السراج" الناطقة باسم التيار الإسلامي 19/06/2007: "إن الدستور الموريتاني لا يتضمن لا في طبعته الأصلية ولا في تعديلاته الجديدة أي إشارة للأحزاب الإسلامية، وليس صحيحا أنه يمنعها، لا في منطوقه ولا في مفهومه، كل ما في الأمر هو القانون المنظم للأحزاب السياسية، والذي ينص في مادته الرابعة على أنه لا يجوز لحزب من الأحزاب أن ينفرد بحمل لواء الإسلام، وهو أمر لا خلاف فيه، ولعله يؤكد أن كل الأحزاب مطالبة بأن تكون إسلامية المرجعية بناء على الدستور".

وخلص ولد منصور إلى القول بأن كل الأحزاب السياسية القائمة متمسكة بذلك البند القانوني، وتهمة الانفراد هنا منتفية؛ لأن كل الأحزاب ترفضها، ولا تسمح لأحد بأن يحتكر الإسلام عنها، ومن سعى لاحتكار الإسلام في هذا البلد فهو واهم ومخطئ.

وقال ولد منصور الذي يترأس فريقا برلمانيا في البرلمان الجديد بأنه لا يعلم طرفا في الساحة السياسية قدم نفسه باعتباره حزبا إسلاميا، وأن الآخرين ليسوا كذلك، بل إن الذي يصر على اعتبار طرف بعينه إسلاميا دون غيره هو الذي يمارس مهمة نفي الصفة الإسلامية عن الأحزاب الوطنية الأخرى، وهو أمر غير مقبول.

حزب يدبر شؤون الدنيا

ولعل الأكثر إثارة في توضيح رئيس الحزب الجديد، هو تشديد رئيس الحزب على أن المطالع للوثيقة المعبرة عن الإصلاحيين الوسطيين يجد نفسه أمام حزب سياسي يدبر شؤون الدنيا، له رأي في الاقتصاد وتدبير المعاش، وله اقتراحات في الصحة والتعليم، وله مواقف من جملة مسائل السياسة الداخلية والخارجية، وقال ولد منصور: "صحيح أنه قبل ذلك حقق نسبته الفكرية والنظرية حين اعتبر منطلقاته هي المرجعية الإسلامية والانتساب الوطني والخيار الديمقراطي، وبطبيعة الحال لا يحتكر أيا منها عن الآخرين، لا هو بالمريد ولا هو بالقادر".

ولعل الرسالة التي أراد ولد منصور توصيلها للسلطة الموريتانية الحاكمة هي: "إن الانتقاء في الديمقراطية خطر عليها، والإكراه مناقض لجوهر وتفاصيل الديمقراطية، ومن لم تعترف له بحزب أرغمته على خلاف رغبته"!!.

وأكد المنسق العام لتيار الإصلاحيين الوسطيين أن البلاد الآن تعيش مرحلة خاصة من تطورها السياسي، تحتاج فيها لكل أبنائها، فحماية الديمقراطية بعد سنوات من التحريف و التزوير، وتحقيق التنمية بعد عهود من الحيف والتطفيف، وتعزيز الوحدة الوطنية بعد ما لحق بها من الاستهداف والانخرام، تحتاجنا جميعا، و تستلزم تعاوننا جميعا.

النظام الأساسي للحزب الجديد

الديباجة:

اعتمادا على الله سبحانه وتعالى، وتوكلاً عليه، وتأسيسا على دستور 20 يوليو 1991، قامت مجموعة من الموريتانيين بتأسيس حزب سياسي يدعى التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، سعيا إلى الإسهام في إيجاد حلول للمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وغيرها من المشاكل التي تعترض مسيرة الشعب الموريتاني، خلال برنامج سياسي ينطلق من الثوابت بنظرة متفتحة تساير العصر وتسعى للتجديد الهادف البناء.

الباب الأول- الاسم، المقر، الرمز، الشعار:

المادة 1: تأسس في الجمهورية الإسلامية الموريتانية حزب سياسي يدعى التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، وذلك طبقا للقوانين المعمول بها في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.

المادة 2: يوجد المقر الرئيسي في العاصمة نواكشوط، ويمكن نقله إلى أية نقطة من الوطن بناء على قرار من هيئات الحزب، وفقا لترتيبات يحددها النظام الداخلي.

المادة 3: شعار الحزب هو: أصالة – إصلاح – تنمية.

المادة 4: الرمز المميز للحزب سيحدد في النظام الداخلي.

الباب الثاني- المبادئ والمنطلقات:

المادة 5: المبادئ الأساسية للحزب:
- الالتزام بالإسلام مصدرا وحيدا للتشريع، ودينا للدولة والشعب، كما ينص عليه دستور البلاد.

- تعزيز الوحدة الوطنية، وحمايتها في إطار من الاعتراف بحق التعدد العرقي والثقافي.

- تعزيز الحريات الفردية والجماعية، والدفاع عن الحقوق الأساسية للإنسان والمواطن.

- الدفاع عن الحوزة الترابية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وحماية استقلالها.

- ضمان حماية الملكية الفردية، وحرية المبادرة والإبداع في إطار المصلحة العامة.

- التقيد بدستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية، والتشبث بالآليات الديمقراطية التعددية للتداول السلمي على السلطة.

الباب الثالث- الأهداف:

المادة 6: يهدف التجمع الوطني للإصلاح والتنمية إلى:

- إقامة مجتمع ينعم بالمثل والقيم المستلهمة من ديننا الإسلامي الحنيف، وتطبيقات الديمقراطية الصحيحة، التي تكفل العدالة والسلم والرفاهية والحرية والمساواة.

- حماية الوحدة الوطنية، والحوزة الترابية، والاستقلال الوطني، والدفاع عن المصالح العليا للبلاد.

- إرساء دولة قانون حقيقية.

- تكريس خيار التناوب السلمي الديمقراطي على السلطة.

- القضاء على الأمراض الاجتماعية والمسلكيات المنحرفة، كالاسترقاق والعنصرية والفئوية والقبلية والجهوية والمحسوبية، وكل مظاهر استغلال الإنسان للإنسان.

- تحقيق العدالة الاجتماعية وإشاعة العدل.

- الدفاع عن استقلال البلاد وهويتها وثوابتها.

- حماية موارد البلاد الاقتصادية وتراثها الحضاري.

- إحياء دور موريتانيا الحضاري، وإعطاؤها مكانتها اللائقة بين شعوب العالم، بوصفها جمهورية إسلامية ديمقراطية نموذجية.

- العمل على قيام نظام عالمي جديد مؤسس على السلم والتعايش المنسجم والعدالة الاجتماعية, يسعى إلى القضاء على الحروب ومصادر النزاعات المسلحة.

- الدفاع عن القضايا العادلة في العالم، ونصرة المظلومين، والتأكيد على حق الشعوب في تقرير مصيرها.

موريتانيا.. بلد المليون شاعر و6 رؤساء أحياء!

سيد أحمد ولد باب ،موريتانيا

سيد أحمد ولد باب ،موريتانيا