الخميس، ١٦ أكتوبر ٢٠٠٨

ولد منصور ..حان وقت إشراك الإسلاميين في العملية السياسية

حوار: سيد أحمد ولد باب Sid89@maktoob.com
من أبرز معارضي النظام السابق خلال عقدين من الزمان، وكعادة الظالم يحاول أن يكمم أفواه من يتكلم الصدق فاعتقل عدة مرات حتى أصبح مطارداً من قبل السلطات، ولكن دولة الظلم لا تدوم ، فأراد الله أن ينقشع هذا الظلام وجاء فجر عهد جديد بعد الإطاحة بالنظام القمعي البائد.محمد جميل ولد منصور سياسي بارز ومن قيادات الحركة الإسلامية في موريتانيا، التقته المجتمع وكان هذا الحوار:
في 3 أغسطس الجاري أطيح بالرئيس ولد الطايع في انقلاب عسكري، هل أنتم راضون عن هذا؟ وهل لكم دور فيه؟
أخي الكريم، نحن كنا ومازلنا نتبنى المنهج السلمي في التغيير وإننا نرفض العنف كوسيلة للوصول إلى السلطة أو المحافظة عليها، ولكننا قلنا بصراحة: إن النظام السابق بممارساته وسلوكه وتصرفاته دفع الناس إلى مسلك وحيد، لقد أغلق كل الأبواب فلجأ الناس إلى الباب المحرم وهو التغيير بالقوة. ونحن نعبر عن ارتياحنا لإزالة مستبد كان يحكم البلد رغماً عن شعبه، كما أننا نعبر عن التصريحات التي أعلنها المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية ونرجوه أن يكون عند حسن ظن شعبه، وأن يلتزم بهذه المرحلة الانتقالية وبذلك الحياد التام تجاه الفرقاء السياسيين. وعلى كل حال ليس هناك ما يدعونا إلى الشك بشأن هذه الإعلانات لأن حسن الظن مقدم وخصوصاً في هذه المرحلة لأن الموريتانيين يريدون أن يصدقوا هذا الأمل وألا ينحرفوا به عن مساره. أما دورنا في هذه العملية، فالتغيير عادة عندما يحدث في بلد هناك من يهيئ له وهناك من يباشرونه، أو ما يسمى بخلق شروط التغيير.
وأعتقد أننا كإسلاميين ساهمنا بدور في بعث مقدمات التغيير بمعارضتنا للنظام وكشفنا لمساوئه ووقوفنا أمامه وتحملنا لضرباته وقمعه واستمرارنا في الحملات الموجهة ضد فساده.
كيف تنظرون إلى الحكومة الجديدة؟
وهل كانت على مستوى طموح المعارضة؟الحقيقة لست راضياً عن الحكومة الجديدة، لقد فوجئت بها، كنا ننتظر غيرها، وكنا ننتظر وجوها وشخصيات لا يوجد شك فيها على الأقل أغلبها لم تكن لها سوابق مع النظام البائد، ومع ذلك نسجل باهتمام أن كثيراً ممن صاحب النظام السابق كانوا أكثر نزاهة. وبالتالي نعتقد أنها لاتصل إلى مستوى الطموح لكن لا تدفع بالضرورة إلى اليأس، وننتظر أفعالها بعد أن عرفنا أشخاصها وسنحكم عليها بناءً على ذلك.
ولكن كيف تقيمون تعاطي المجلس العسكري مع القوى السياسية حتى الآن؟
أعتقد أنه بدأ بالفعل، استقبال الأحزاب وهيئات المجتمع المدني، والإعلان عن اللجنة الوطنية للانتخابات وعدم ترشح أي من أعضاء المجلس العسكري والحكومة في الانتخابات القادمة، كلها مؤشرات أساسية في العلاقة بين السلطة والسياسيين في المرحلة الجديدة.
وقد يحتاج الأمر إلى أن يكون أكثر مؤسسية بخلق إطار للتشاور الدائم والتواصل مع الأحزاب السياسية بحل الملفات العالقة بسرعة لكي نتمكن من الحكم الإيجابي المطلق على علاقة السلطة الجديدة بالقوى السياسية عموماً وأحزاب المعارضة خصوصاً.
نود أن نعرف ما الذي دار في العاصمة السنغالية دكار؟ وما الأطراف المدعوة للاجتماع ؟
لقد وصلتني دعوة من السلطات السنغالية أن هناك اجتماعاً سيعقده الرئيس السنغالي "عبد الله واد" مع بعض شخصيات المعارضة، وبادرت بالاستجابة لسببين:الأول: لأهمية الدور السنغالي في المنطقة باعتباره جاراً وباعتبار أن الرجل لديه تجربة في التعاطي مع الأزمات السياسية في المنطقة.والثاني: لعلها فرصة لمناقشة بعض الأطراف المعارضة في الخارج فيما يمكن أن يحقق مسعى سياسياً يخدم عملية الانتقال الديمقراطي بشكل سلس لا يؤدي إلى ردات الفعل غير المحسوبة، وفى نفس الوقت يلتزم بالمواقف المبدئية للمعارضة الموريتانية، ولقد حضرت الاجتماع والتقيت الرئيس السنغالي وبعض المسؤولين ودار النقاش حول الوضع في موريتانيا وأسس العملية الانتقالية فيها.
بفضل الله سبحانه وتعالى كانت المناقشات مرنة ومعتدلة انعكست نتائجها حيث خصصت فقرة للنقاط المتعلقة بعفو وطني شامل، واحترام الانتقال الديمقراطي السلمي خلال السنتين المعلنتين وفتح وسائل الإعلام وإشراك مختلف الأطراف السياسية بدون استثناء والاعتراف الفوري بالأحزاب الممنوعة وتضمين الدستور جملة من القضايا الاجتماعية تتعلق بهوية البلد ووحدته الوطنية والحريات الفردية والوطنية.
البعض يرى أن اجتماعات دكار جاءت بإيعاز من المجلس العسكري، لماذا لا تتحاورون في الداخل بدلاً من اللجوء إلى الخارج ؟
بالنسبة لبعض الأطراف الموجودة في الخارج فإن بعضهم محكوم عليه والبعض لا يزال متابَعاً وينتظر العفو لدخول البلاد، أما نحن فلم نأت للسنغال لنبحث عن وسيط، ولكننا أتينا لحضور اجتماع تشاوري مع رئيس له الاحترام في المنطقة وفى المحيط الإقليمي، أما علاقاتنا السياسية هنا بالنظام فنديرها ونحركها بشكل مباشر بلا وسيط ودون اللجوء إلى طرف ثالث.
ما موقف الإسلاميين من العلاقة مع الكيان الصهيوني؟
موقفنا من العلاقات مع الكيان الصهيوني لا تردد في شأنه، ليس مبنياً على أن ولد الطايع هو الذي أقام هذه العلاقة وبالتالي نرفضها حين يقيمها هو ونقبلها حين يقيمها غيره. موقفنا منها أنها علاقة مع دولة معتدية لا وجود لها من الناحية الأخلاقية، لأنها احتلت أرض الغير وانتهكت حرماتهم فالموقف مستمر وثابت، وبالتالي سنستمر في موقفنا، ونعتقد أن قطع العلاقة مع الكيان الصهيوني بند أساسي من بنود الإصلاح. ما أولويات الإسلاميين في المرحلة القادمة بعد الإطاحة بنظام ولد الطايع؟هناك أولويات وطنية بين التيار الإسلامي وغيره وهو إصلاح ما يمكن إصلاحه خلال المرحلة الانتقالية، وضمان مرحلة انتقالية جدية تؤدي إلى دولة عاقلة ديمقراطية، وتطبيع العلاقات بين مختلف مكونات الشعب الموريتاني العرقية وتوجهاته السياسية والتوصل إلى الحلول التي قد تؤثر على النسيج الوطني والاجتماعى للبلد. هذه هي أولوياتنا في المرحلة الانتقالية الحالية، لأننا نعتقد أن هذه الأمور تشكل أهدافاً حقيقية وأصيلة في ديننا الإسلامي .
هل حان الوقت لإشراك الإسلاميين في العملية السياسية، والترخيص لحزب إسلامى؟
لقد حان وقت إشراك الإسلاميين في العملية السياسية من قبل ولكن سياسات النظام الظالمة وإقصاؤه هو الذي منعنا من ذلك، نحن نتحدث عن حزب سياسي وطني مدني ذي مرجعية إسلامية، والأمر أصبح محسوماً في كثير من بلدان العالم الإسلامي بل حتى الدوائر الغربية بدأت تتفهمه لأنه يعبر عن حقيقة شعبية قائمة، ونعتبر أنفسنا من أكثر الأطراف فهماً لمعاني الشراكة والبعد عن الاحتكار في العملية السياسية مهما كانت قوتنا السياسية أو بعدنا الشعبي، كما أننا بطبيعتنا إيجابيون نفضل المشاركة على المقاطعة حتى في الأجواء المريضة، وإذا كانت هناك أجواء سياسية سليمة في البلد بالتأكيد سنكون من المشاركين فيها ببعض الضوابط:
أولها: خدمة الإسلام ومصلحته .
ثانيها: رعاية مصالح الوطن وأولوياته.
ثالثها: الحفاظ على الوحدة الوطنية والانسجام بين مكونات الشعب.
بعد رحيل ولد الطايع، هل تعترفون بالعلاقة بتنظيم فرسان التغيير العسكري وبتدبير ثلاث محاولات انقلابية على النظام المخلوع؟
عندما ظهرت أسماء من الشباب الذين قيل ساعتها إنهم محسوبون على التيار الإسلامي في المحاولات اللاحقة على المحاولة الأولى لتنظيم فرسان التغيير، قلنا وبشكل صريح: إن التيار الإسلامي تيار واسع وإن هذا التيار معروف من يمثله ومن يتحدث باسمه، وإذا ظهرت حالات فردية فأصحابها يعبرون عن أنفسهم ولا يعبرون عن التيار الإسلامي من الناحيتين الحركية والسياسية، وقلنا أيضاً: إن الحالة التي كان يعيشها البلد وحالة الانسداد السياسي وحالة الظلم الاجتماعى والاستهداف العرقي والتخريب الاقتصادى واستهداف الهوية والقيم والأخلاق، كل هذه الأمور تدفع كل أبناء الوطن إلى الالتحاق بأي عمل من شأنه أن يغير هذا الوضع. وحينما سئلنا عن موضوع فرسان التغيير قلنا كما قلنا الآن مع المجلس العسكري بأنه رغم رفضنا المبدئي للانقلابات العسكرية والعنف كوسيلة للتغيير، فإننا نتفهم الظروف الموضوعية التي دفعت مجموعة من الضباط الشباب للتضحية بحياتهم لأنه لم يترك لهم ولا لغيرهم سبيلاً سوى هذا السبيل.
ومازلنا نعتبر أن تنظيم فرسان التغيير تنظيم عسكري تحمل أصحابه كثيراً من الأمور في سبيل الوصول إلى أهدافهم وأعتقد أيضاً أنهم ساهموا بدورهم مساهمة كبرى في تهيئة الأجواء لما حدث لاحقاً لأنهم حركوا المفتاح في القفل المغلق وبالتالي سهلوا عملية التغيير لغيرهم وهيؤوا الأرضية لما حدث.
مشاركتكم في اجتماعات "دكار".. هل هي محاولة لحلحلة ملف الفرسان أم لحلحلة ملف الإسلاميين؟
سيكون لنا شرف كبير إذا تمكنا من حلحلة ملف الفرسان وسيكون لنا شرف كبير إذا نجحنا في مزيد من التفاهم بين مختلف مكونات البلد العسكرية والمدنية. الآن يوجد ملف عالق وهو ملف مجموعة المعتقلين العسكريين والمدنيين في السجن المدني بالعاصمة نواكشوط وفعلاً حتى تكتمل الفرحة، ويقتنع الموريتانيون بأن عهداً جديداً قد بدأ ووضعاً جديدًا قد عاشه الموريتانيون لابد من إطلاق سراح هؤلاء بعفو شامل يضمن لهم ولغيرهم المشاركة في المرحلة القادمة.

"المحاظر" حافظت على هوية الشعب في مواجهة الاستعمار الفرنسي


الشيخ أكناته ولد النقرة إمام جامع الهدى بنواكشوط للمجتمع:
"المحاظر" حافظت على هوية الشعب في مواجهة الاستعمار الفرنسي
نواكشوط: سيد أحمد ولد باب
تستقبل المبتدئ كما تستقبل العالم، من جميع المستويات الثقافية والفات العمرية والاجتماعية، تجدد لهم معارفهم وتوسعها وتعمقها، تبذل لكل طالب ما يريده من المعارف، إنها المحاظر(الكتاتيب) التي عاشت طيلة القرون الماضية في صحراء موريتانيا.ولعظم الدور التربوي والتعليمي للمحظرة التقت (المجتمع) الشيخ أكناته ولد النقرة، إمام جامع الهدى بمقاطعة ((دار النعيم)) وعضو رابطة الأئمة والمساجد في موريتانيا وأحد نشطاء التيار الإسلامي المهتمين بالقطاع التربوي، الذي استعرض تاريخ المحاظر في موريتانيا وواقعها وتحديات تطورها...
نريد إلقاء الضوء على "المحظرة" وماذا بقي منها بعد أربعة عقود من الاستقلال؟

المحظرة كما يعرفها الباحث الموريتاني "الخليل النحوي" هي مؤسسة من مؤسسات التربية العربية الإسلامية الأصيلة تحمل بعض خصائص وسمات النظام التربوي الذي نشأ وازدهر في أحضان مدن الثغور وحواضر الخلافة.

وتعتمد المحاظر على الطريقة التلقينية التي تشترك فيها مع مؤسسات التعليم الإسلامي الأهلية القديمة، هذا فضلاً عن كون المحظرة مؤسسة تعليمية مفتوحة لطلاب العلم من مختلف المشارب والأعمار والمستويات الثقافية والاجتماعية، ورغم نشأتها البدوية واعتمادها على التلقين كمنهج تربوي، إلا أن ذلك لم يؤثر في حقيقة كونها جامعة تقدم للطالب معارف موسوعية في مختلف فنون المعرفة الموروثة.ومع توالي موجات الجفاف والتصحر التي عرفتها البلاد في العقود الماضية ونزوح الكثير من سكان الأرياف والبدو نحو الحواضر تأثرت المحاظر هي الأخرى بالتغيرات الطبيعية والبشرية، فاندثر البعض بصورة كاملة وضعف عطاء البعض الآخر، وبقيت نحو 17 محظرة صامدة تدفع بما أوتيت من قوة في وجه التحديات والتطورات المجتمعية المتلاحقة.


ما أهم المواد التي تدرس في المحظرة ؟ وطريقة تدريسها؟


تشمل بالإضافة إلى القرآن وعلوم الأصول والفقه والعقائد والنحو والبلاغة والمنطق وأشعار العرب وأيامها.. بعض الأصول الفقهية حيث كانوا يدرسون "الورقات" لإمام الحرمين الجويني والتي نظمها شعراً العالم الشيخ سيد محمد ولد الشيخ سيد المختار الكنتي، ليكتفوا لاحقًا بمؤلف العلامة المجتهد الشيخ سيد عبد الله ولد الحاج إبراهيم في الأصول المسمى "مراقي الصعود".


وأما طرق التدريس المحظرية فيصفها صاحب "الوسيط في تراجم أدباء شنقيط" أحمد بن محمد الأمين بقوله: "لا ضابط للهيئة التي يلقي عليها الأستاذ دروسه، فتراه مرة يدرس ماشياً مسرعاً ومرة جالساً في بيته ومرة في المسجد ومنهم من يدرس في أثناء الترحال من جهة إلى أخرى؛ سواء كان راجلاً أو راكباً، وقد يكون راكباً والطلبة يمشون على أقدامهم وهكذا!!".

وماذا تمثل المحاظر من قيمة حضارية للموريتانيين؟


لقد بلغ شغف الشناقطة بالعلم وولعهم بالمعرفة أن ذللوا صعوبات العيش في البيداء، ليوجدوا نمطهم التعليمي المسمى بالمحاظر. وإذا كانت البادية ربيبة الجهل والتخلف ونقيض الحضارة والمدنية، فإن ظاهرة "المحظرة" الموريتانية التي نشأت في أحضان مجتمع بدوي، وعرفت ازدهاراً ضاهت مؤسسات إسلامية ثقافية عريقة مثل جامع الأزهر والقرويين، وهي برهان ساطع على نسبية الأحكام.


وماذا عن الأدوار الثقافية والاجتماعية للمحاظر داخل المجتمع الموريتاني؟


لقد لعبت المحاظر دوراً حاسماً في مواجهة مخططات المستعمر الفرنسي الرامية إلى طمس الهوية الحضارية لأبناء هذا البلد المسلم ومحاولات اختراقه من قبل عيونه من المبشرين والمنصرين، الذين أرسلهم مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، أمثال "بول مارتي ديني كي" المعروف محلياً ب"ولد كيجه" النصراني، الذي تظاهر باعتناق الإسلام ومكث بعض الوقت ليتفقه في الدين على أيدي بعض شيوخ المحاظر الموريتانية، ثم قاده السياسيون العسكريون لاحقاً من أمثال "إيفون رازاك"، و"كزافي كبولاني"، وهذا ما أدركه شيوخ المحاظر الموريتانية مبكراً، فحرموا على كثير من الفتيان الالتحاق بالمدارس النظامية التي أنشأها الاستعمار ووضع مناهجها وتابع تطبيقها، حيث كانت لغته الفرنسية "لغة التدريس" لأغلبية المواد الدراسية.

وعلى المستوى السياسي.. ماذا قدمت "المحاظر" للشارع الموريتاني؟


بجانب دورها التعليمي والتربوي قامت المحظرة بدور التثقيف السياسي والتفاعل مع واقع الحياة الموريتانية ومستجداتها، وغرست في عموم الشعب الروح الوطنية المنضبطة بقيم الإسلام وتعاليم القرآن، وقد استفاد التيار الإسلامي بتشكيلاته المختلفة من ذلك الدور، وكانت المحاظر بمثابة الحديقة الخلفية بالنسبة للتيار الإسلامي في موريتانيا منذ بداياته الأولى، وخاصة تيار الإخوان المسلمين الذي تميز خطابه وخطه الفكري بالوسطية والاعتدال الفكري.


وكرد للجميل حاول تيار الوسطية والاعتدال تطوير تلك "المحاظر" ومدها بوسائل تعليمية حديثة، إلا أن المحن والضغوط الحكومية والاعتقالات المتوالية وحملات التضييق الإعلامي ضدهم منذ منتصف التسعينيات وحتى انقلاب الثالث من أغسطس 2005م، مما أنهك هذا التيار وجره إلى معارك جانبية فرعية حالت دون إنجاز ما سعى إليه من تطوير وتفعيل دور المحاظر. كيف ترى التحديات التي تواجه المحاظر التربوية الآن؟


أهم تلك التحديات يتمثل في المنافسة الحادة التي تقوم بها المدرسة النظامية على الناشئة، إضافة إلى غياب الدعم الحكومي المطلوب للمحاظر والقائمين عليها، وعدم الاعتراف الرسمي بالشهادات (الإجازات) التي يمنحها شيوخ المحاظر لطلبتهم المتخرجين، ولعل الأمر الأخطر من ذلك عجز سوق العمالة المحلي عن استيعاب خريجي المحاظر مقارنة بخريجي المدارس النظامية.

ولعل ما يؤرق الشارع الثقافي الذي يعتبر المحاظر نواة المدنية والحضارة الموريتانية، الضغوط الخارجية الهائلة التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب باتجاه تفكيك وإغلاق المحاظر وما على شاكلتها من معاهد دينية باعتبارها محاضن لأفكار ما يسمى ب"الإرهاب" والتحريض على الكراهية.

بسبب زواج ابنتها مأساة أسرة موريتانية في السجون الإسبانية

كأي فتاة موريتانية، عادت "سلمة بنت محمد ولد عبدالله"، إلى موريتانيا قبل سنة برفقة والديها، لتتزوج، وانتقلت إلى مدينة كيرو، حيث أقيم حفل زواجها على ابن عمها المختار السالم ولد عبدالله، كان الأمر عادياً جداً، بل ومحبباً على الطريقة التقليدية الموريتانية، ومضت الأمور عادية..وعادت "سلمة" إلى إسبانيا قبل ثلاثة أشهر، والتحقت بوالديها، لتتابع دراستها. وفي نهاية شهر مايو الماضي، سافر المختار السالم إلى أوروبا قاصداً ألمانيا في رحلة عمل ضمن نشاطه التجاري الذي يمارسه، وقرر المرور بإسبانيا حيث زوجته وأسرة عمه، وأمضى ثلاث ليال في ضيافة الأسرة، لكن حدث ما لم يخطر بباله. فسلمة الفتاة الصغيرة التي نشأت وترعرعت بين والديها، اللذين حرصا على الحصول لها على جنسية بلدها موريتانيا، رغم أنها ولدت في إسبانيا، كانت تعيش في مؤامرة، راحت أسرتها ضحية لها.فقد ذهبت يوم الأحد 3 يونيو الماضي، إلى أسرة إسبانية تربطها علاقات صداقة قوية جداً مع أسرتها، لتزور صديقتيها "ركيل"، و"وميركه"، وهناك قضي الأمر ونفذت مؤامرة قذرة، ولم تغرب شمس ذلك اليوم إلا والأب والأم والزوج في مخفر الشرطة، قبل أن يفرج عن الأب محمد ولد عبدالله في حرية مؤقتة، بينما ألقي بالأم حواء بنت الشيخ، والمختار السالم ولد عبدالله زوجها في غياهب السجن؛ انتظاراً لمحاكمتهما بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصر، وبيعها!وشنَّت الصحافة الإسبانية حملة شعواء ضدهم، واتهمتهم بالضلوع في جريمة بيع فتاة قاصر، والاعتداء عليها جنسياً، بينما يتعلق الأمر بزواج فتاة وفقاً للطريقة الإسلامية، وتبعاً للأعراف والتقاليد الموريتانية. ملابسات: وحول ملابسات القضية قال والد "سلمة" لصحيفة "أخبار نواكشوط" اليومية: "ابنتنا كأي بنت موريتانية، تزوجت من ابن عمها المختار السالم في موريتانيا، وقبل ثلاثة أشهر عادت إلى إسبانيا لمواصلة دراستها والإقامة مع أبويها، ولها صديقات هن بنات أسرة كانت جاراً لنا على مدى سنوات عديدة، وتربطنا بهم صداقات قوية، لدرجة أن والدتها كانت حين تدخل المستشفى، تضطر لتركها عند تلك الأسرة، ومؤخراً وصل الزوج إلى إسبانيا في طريقه إلى ألمانيا، التي كان ينوي السفر إليها في إطار نشاطه التجاري، وبعد ثلاثة أيام من وصوله، خرجت البنت إلى صديقتيها "ركيل"، و"ميركه"، وفي المساء اتصلت والدتها على تلك الأسرة لتسأل عن البنت، فأخبروها أنها ذهبت إلى المستشفى دون أن يعطوها أية تفاصيل، وبالطبع أسرعت الأم نحو المستشفى بحثاً عن ابنتها، التي أخضعت هناك لفحوصات طبية، لا ندري حتى الآن من طلبها ومن أمر بها، ولما وصلت إلى المستشفى أخبروها أن الشرطة ذهبت بابنتها، فتوجهت إلى مركز الشرطة للاستفسار عما يحصل لابنتها، لكن الشرطة اعتقلتها فور وصولها إلى المركز، وأرسلت دورية لاعتقال زوج البنت في المنزل، واعتقالي قبل أن يفرج عني، كل ذلك تم يوم الأحد وهو عطلة رسمية في إسبانيا".
جريمة صحفية
ويواصل الوالد: لدينا معلومات مفادها أن الأمر يتعلق بمؤامرة دبرت مسبقاً، فقد علمنا أن إحدى الصحف المحلية تحدثت عن الموضوع يوم 14 مايو، أي قبل وصول الزوج إلى إسبانيا، أضف إلى ذك أن البنت كانت طبيعية ولم تشك لأمها ولا لأي أحد من شيء.. بل أصدرت السلطات قراراً بضم ابنتنا إلى أسرة جيراننا، وأصدر القاضي قراراً بمنع أهلها من لقائها، وحتى أنا غير مسموح لي بالاقتراب منها أكثر من خمسمائة متر، أو محاولة الاتصال بها". ويضيف والد الفتاة: "على السلطات الإسبانية أن تدرك أن الزواج إذا كان جريمة فإنه لم يتم على أراضيها، والبنت التي يقولون إنهم ينتصرون لها، ليست لديها جنسية إسبانية، فلماذا يتدخل القضاء الإسباني في هذه القضية".

الشيخ محمد الحسن ولد الددو بعد إطلاق سراحه أطالب بالعفو والتسامح مع ولد الطايع


أجرى الحوار في نواكشوط سيد أحمد ولد باب



رغم النداءات والدعوات التي أطلقت من مختلف أنحاء العالم الإسلامي لإطلاق سراحه، ورغم أن الظلم والقهر والطغيان أصم آذانه أمام كل هذه المحاولات، إلا أن الله استجاب لدعاء المخلصين، فكشف الغمة وحرر المخلصين من عباده.في سجن مدني وسط العاصمة نواكشوط مكث الشيخ محمد الحسن ولد الددو أربعة أشهر معزولاً عن العالم في زنزانة انفرادية رغم حالته الصحية الصعبة، إلى أن جاء انقلاب 3 أغسطس 2005م ليضع حداً للظلم والقهر وليطلق سراح الشيخ الددو بعد سنوات من الظلم واظهاد العلماء.م التقته في منزله رغم توافد مئات المهنئين، ودار هذا الحوار:


نود أن نطمئن على وضعكم الصحي؟


في البداية أشكر مجلة المجتمع على اهتمامها بأخبار العالم الإسلامي عامة وعلى ما قامت به في سبيل الوقوف إلى جانبي أثناء اعتقالي خاصة، أما عن الحالة الصحية فأنا مصاب منذ زمن بقرحتين بالمعدة إحداهما على العرق الأساسي في المعدة، وقد أكد الأطباء ضرورة إجراء عملية جراحية في القريب العاجل لإزالة جزء من المعدة.وهى عملية ليست معقدة، ولكن خطورتها تكمن في بقاء القرحة، لأنني أتقيأ بعض الدم وفى ذلك بعض الخطر، كما أن البكتريا المسببة لذلك في المعدة ينميها السهر والروائح الكريهة وهو ما تعرضت له كثيراً طيلة أربعة أشهر من الاعتقال حيث كنت أسكن في زنزانة عبارة عن حمام بجانبه مطبخ السجن والذي يستعملون فيه الحطب لطهي الطعام فتأثرت بحرارة الجو والروائح والدخان المتصاعد من المطبخ، كما أن إزعاج الدوريات العسكرية للسجناء فاقم هو الآخر من الوضع حيث كنت لا أستطيع النوم إلا قليلاً.


كيف تفسرون السقوط المفاجئ للنظام الموريتاني؟ وهل أنتم مرتاحون لما حدث؟


هذا أمر لا يحتاج إلى تفسير فسنة الله في الحياة هكذا تغير وتبدل، والدنيا لا يستقر فيها شيء على حال، ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك.وليس الأمر مفاجأة، فقد أسقط بانقلاب ناجح سبقه العديد من المحاولات الانقلابية الفاشلة، وقد جاء الانقلاب بعد أن باءت محاولات التغيير السلمي بالفشل نتيجة التزوير وغير ذلك.أما ما حدث فكل البيانات التي صدرت حتى الآن عن المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، تجسد أملاً لدى الشعب الموريتاني، ولذلك فهي محل إجماع من مختلف القوى السياسية ولم نلمس أي معارضة لها داخل البلاد حتي الآن.


فالشعب يريد أن تكون هذه المرحلة مرحلة انتقالية، وألا تطول مدتها وأن تشرف خلالها لجنة مستقلة على انتخابات نزيهة، وأن تتاح الحرية للجميع، وألا يترشح أعضاء المجلس في الانتخابات القادمة وهذا ما تعهدوا به للأحزاب والقوى السياسية.ونحن نرجو أن يوفوا بالتزاماتهم وتعهداتهم، وإن تصرفاتهم في المستقبل على المحك، فما جاء منها مجسداً لهذا الأمل وسائراً في طريقه فنحن نرحب به ويرحب به الشعب عموماً، وما كان مغايراً لذلك فسيرفض كما رفض نظيره في الفترات السابقة. أنتم كتيار إسلامي عانى كثيراً من الحكم السابق، ما أولوياتكم في المرحلة الحالية؟نحن جزء من الشعب الموريتاني ولسنا مستقلين عنه، وأولوياتنا هي أولويات الشعب، من استتباب للأمن إلى تطبيق حقيقي للديمقراطية ونشر الحرية بين الناس مع تساوى للفرص ومراقبة شفافة لعمل السلطات الانتقالية مع استقلال للقضاء. كما نسعى إلى تحقيق أمن الاجتماعي بين أبناء الوطن والحفاظ على الممتلكات العمومية ومقدرات الوطن.


هناك بعض رموز النظام السابق متورطة في قضايا فساد مالي وجرائم حقوق الإنسان، برأيك.. كيف يكون التعامل الأمثل مع مثل هذه القضايا؟


نحن دعاة لا قضاة.. وهذا أمر يسأل عنه القضاة وحكام البلاد، أما نحن فندعو للتسامح والعفو وإصلاح ذات البين وترابط هذا الشعب، وأن يكفل لكل إنسان حقه، والرئيس السابق مواطن يمكنه العيش في بلده إذا رغب في ذلك، وعلى الجميع أن يكفلوا له حريته كغيره من المواطنين الموريتانيين.


أنتم كإسلاميين هل ستسعون إلى الشرعية في ظل العسكر بعد أن حرمتموها في ظل المدنيين؟


الواقع الآن ليس ظلاً للعسكر، وإنما هي فترة انتقالية أصحابها كما أعلنوا جاؤوا من أجل الإصلاح ونحن أول المرحبين به، ونحن فعلا نسعى إلى حقوقنا بكل الوسائل السلمية المتاحة، ونرجو أن يفي المجلس العسكري بالتزاماته المعلنة وإذا وفى بها فسننال حقوقنا كغيرنا من قوى الشعب الأخرى. هل ستتصلون بقادة المجلس العسكري لإنهاء كل الإجراءات التي وضعت أمام حرية الدعوة إلى الله في العهد السابق؟أصل الأمور هو بقاء شرعيتها لأن تشريعها إنما هو من عند الله وليس لأي سلطة الحق في تحريمها وبالتالي لا تحتاج إلى إذن من أحد. كيف ستتعاطون في المرحلة القادمة مع ملف العلاقة مع الكيان الصهيوني؟نحن باقون على مواقفنا كما كانت، نرفض العلاقة مع الكيان الصهيوني وندعو إلى قطعها باستمرار، لكن هذه الأمور تحتاج إلى مرحلية ودراسة وترتيب أولويات والإصلاح لا يأتي دفعة واحدة فقد قال ابن عمر بن عبد العزيز له: "إنك وليت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولازلنا نرى بعض مظاهر الفساد فيها"، فقال: "يا بنى ألا يكفيك أن يكون أبوك كل يوم في إحياء سنة وإماتة بدعة". فالأمور لا تأتى إلا بالتدرج فتلك سنة الله في الكون. خلال اعتقالك أصدر عشرات العلماء وقادة الحركات الإسلامية بيانات تطالب بإطلاق سراحك، ماذا تقول لهم الآن بعد أن خرجت من السجن؟أشكرهم جميعاً على ما قاموا به وقد كان من حسن ظنهم ومن فضلهم هم كما قال الشافعي عليه رحمة الله:قالوا يزورك أحمد وتزورهقلت الفضائل لا تغادر منزلهإن زارني بلفضله أو زرتهفلفضله فالفضل في الحالين له.وأسال الله تعالى أن يثيبهم وأن يتقبل منهم وشكراً.


الشيخ ولد الددو في سطور


محمد الحسن ولد محمد الملقب ب"الددو".ولد نهاية شهر أكتوبر 1963م في البادية التابعة لمقاطعة أبي تلميت.بدأ دراسة القرآن الكريم في سن الخامسة وأكمله بعد تجاوز السابعة.درس مبادئ العلوم الشرعية وصحب جده الشيخ محمد عالي ولد عبد الودود ولازمه حتى وفاته.درس العلوم الشرعية على يد جده وخاليه: محمد يحيى، ومحمد سالم ابني عدود.شارك في البكالوريا عام 1986م، وكان الثامن في الترتيب الوطني وأعطي منحة دراسية إلى تونس واعتذر عنها.سجل في جامعة نواكشوط كلية الحقوق وشارك في مسابقة المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية فجاء الأول فيها، كما جاء الأول في مسابقة القسم الجامعي لجامعة الإمام محمد بن سعود في نواكشوط ليلتحق بها، وإثر مقابلة مع مدير الجامعة أثناء زيارة له لنوا كشوط اتخذ قراراً بنقل محمد الحسن إلى الرياض.حصل على الماجستير بامتياز في نفس الجامعة وكانت رسالته عن "مخاطبات القضاة".يشهد له العلماء بالتبحر في العلوم الشرعية المختلفة؛ قرآنا وسنة وفقهاً وأصولاً فضلاً عن معرفة واسعة بلغة العرب وتاريخهم وبالعلوم الكلامية والمنطقية.متزوج وله أبناء وبنات.له رسائل مطبوعة كما طبعت رسالته للماجستير. له عدد كبير من الفتاوى والأشرطة التي يفضل العامة والخاصة اقتناءها.اعتقل عدداً من المرات: مايو 2003 أكتوبر 2004م نوفمبر 2004م أبريل 2005م.

الأربعاء، ١٥ أكتوبر ٢٠٠٨

المطربون.. نجوم الحملة الانتخابية بموريتانيا!


سيد احمد ولد باب / نواكشوط
sid89@hotmail.com
ديم بنت آبه"، "سدوم ولد أده"، "المعلومة بنت الميداح"، "لبابة بنت الميداح"، "علية بنت أعمر".. هذه الأسماء ليست لزعماء سياسيين في موريتانيا، وإنما لمطربات ومطربين برزوا كنجوم مع انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة، نظرا للرواج الكبير للأغاني والأشعار كأدوات دعاية رئيسية لمختلف المرشحين بمن فيهم الإسلاميون.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات يوم 19 نوفمبر الجاري، بمشاركة أكثر من 1600 لائحة (قائمة انتخابية) من 25 حزبا سياسيا وكتلة مستقلة.
ويتنافس في الانتخابات البلدية 1224 لائحة لانتخاب المجالس المحلية في 216 بلدية، فيما تتنافس 443 لائحة على مقاعد البرلمان، وعددها 95، ضمنها لائحة وطنية تتألف من 14 نائباً ينتخبها جميع الناخبين على المستوى الوطني.
ومن أبرز المطربين الكبار الذين استعانت بهم الأحزاب السياسية للترويج لمرشحيها بالحملة الانتخابية التي بدأت يوم الجمعة الماضي، الفنانة الشهيرة "ديم بنت آبه" التي اختارها حزب "الاتحاد والتغيير" (حاتم)، بزعامة الرائد السابق صالح ولد حننا، لتغني نشيدا خاصا به، وأشعارا للائحته الوطنية على مستوى الانتخابات البرلمانية.
وحزب "الاتحاد والتغيير" امتداد لتنظيم فرسان التغيير العسكري المعارض والذي وُلِد داخل المؤسسة العسكرية.
ويعلق ولد سيد مولود، عضو المكتب التنفيذي للحزب، على اختيار "ديم بنت آبه" بقوله: "اخترناها لجمال صوتها ولعراقة أسرتها في الفن ولتميزها بين الفنانين الموريتانيين.. إنها إضافة نوعية للحزب من شأنها المساعدة في ترويج خطاب أردناه متميزا في أدائه ومتناغما مع رغبات الناخبين".
وإلى جانب "ديم بنت آبة"، هناك العشرات ممن حظوا بعقود عمل لتلحين وغناء مقاطع شعرية لمرشح يطمح في كسب أصوات الناخبين.
ومن الفنانات الأخريات "سدوم ولد أده"، "المعلومة بنت الميداح"، "وعلية بنت أعمر تيشيت"، و"كمبان بنت أعل وركان".. وغيرهن.
صغار المطربين يفضلون العودة إلى مواطنهم الأصلية في الداخل، بعيدا عن جو المنافسة الشرس في العاصمة نواكشوط، لعلهم يحظون بعقود مع مرشحين في الانتخابات البلدية وإن كانت أقل قيمة من الناحية المادية.
وتتولى الأحزاب السياسية إنتاج أشرطة غنائية خاصة بها وتوزعها على كوادرها في الدوائر الانتخابية المختلفة، للاستفادة منها في الترويج لمرشحيها قبل كل مهرجان انتخابي.
ارتفاع أسعار الأغاني
إحدى الفرق الغنائية تقدم عروضها فى منتدى انتخابى
المنافسة المحتدمة بين المرشحين وإقبالهم المتزايد على الأغاني والأشعار كان لها مردودها على ارتفاع سعر الألحان، والذي بلغ أعلى معدلاته مع بداية الأسبوع الجاري، حيث بلغ سعر لحن الأغنية الواحدة مليون أوقية (3750 دولارا) خصوصا إذا كان المطرب مشهورا.
ووسط تلك المنافسة يحاول صغار الفنانين الاستفادة من خفض أسعار أغنياتهم إلى النصف، ويصل الأمر ببعض الفرق الموسيقية الصغيرة إلى تلحين الأغنية الواحدة بما يعادل 300 دولار.
المنافسة بين المرشحين ألقت بظلالها أيضا على أسعار المقطوعات الشعرية، سواء كانت باللغة العامية أو الفصحى، فوصل سعر المقطوعة إلى 150 ألف أوقية (600 دولار) بينما يختار صغار المرشحين قطعا شعرية يناهز سعرها المائتي دولار.
"لا للبيع"
رغم هذه الأجواء التنافسية الشديدة يرفض بعض الشعراء بيع مقاطعهم الشعرية أو مدح "كل من هب ودب" من المرشحين.
من بين هؤلاء "محمد محمود ولد أحمد الشيخ"، أحد الشعراء الشباب الذين يؤيدون التيار الإسلامي، والذي قال لـ"إسلام أون لاين.نت": "الكثير من المرشحين يريدونني أن أكتب لهم مقطوعات شعرية، لكنني أرفض ذالك، فلست ممتهنا بيع الشعر".
لكن "ولد أحمد الشيخ" مستعد لدعم مرشحي التيار الإسلامي فقط ببعض المقاطع الشعرية، وكذلك بالمال والنفس، وقال: إن ذلك يأتي ضمن التزامه السياسي.
وتشكل التيار الإسلامي خلال العقود الثلاثة الماضية، ومرّ بالعديد من المراحل السياسية ويغلب عليه "التيار الإسلامي الوسطي" القريب من فكر الإخوان المسلمين.
وتدور الأشعار والأناشيد الخاصة بالإسلاميين الوسطيين في مجملها حول التمسك بالدين والتعهد بالإصلاح.
ويقول مقطع إحدى القصائد الشهيرة التي تروج لهذا التيار:
كرتك يل تبغيه تزيلك ش فالحين
حذرك من تعطيه كون الإصلاحيين
أزرك للتنمي للديمقراطي
صوت للحري للأمان للدين
"ظاهرة صحية"
"السيد ديدي ولد أحبيب"، حاصل على الماجستير في الأدب المعاصر من جامعة محمد الخامس بالرباط، يعتبر أن ارتفاع أسعار ورواج القطع الشعرية الدعائية "ظاهرة صحية".
وعزا ولد أحبيب ذلك إلى "التنافس الشديد في الاستحقاقات النيابية والبلدية، وطبيعة المجتمع الذي يتميز بعشقه للأغاني الحماسية وتعلقه بالشعر".
أما "ولد سيد مولود"، وهو من الشباب القلائل الذين درسوا الفن الشعبي دون أن يكون منتميا لأحد الأسر الفنية الشهيرة، فلا يرى في التدين مانعا من سماع الأغاني الحماسية وخصوصا في المناسبات العامة.
الإقبال المتزايد على المطربين المشهورين دفع بعضهم إلى الغناء لمرشحين متنافسين، وهو ما اعتبره ولد أحبيب "أمرا لا حرج فيه" أيضا.
وقال لـ"إسلام أون لاين.نت": "المسألة دليل على حياد المطرب في الاستحقاقات الجارية بوصفه ملكا للجميع وفوق كل الاعتبارات السياسية".
ويضرب "ولد أحبيب" مثلا على الحياد بقوله: "أنا مثلا أقدر المطربة المعلومة بنت الميداح (تشتهر بأغانيها السياسية الملتزمة) لموقفها الرائد سنة 2003، حينما غنت لمرشح الرئاسة السيد محمد خونه ولد هيدالة، المدعوم من التيار الإسلامي، رغم معارضتها الشديدة له".
لكنه يؤكد على أهمية ابتعاد المطربين عن الترويج للمرشحين المشهورين بالتطبيع مع إسرائيل بقوله: "إلا المفسدين أو الشخصيات المشهورة بالتطبيع مع إسرائيل".
ويعتبر "ولد أحبيب" أن "الأمر في هذه الحالة مختلف تماما، فلا يجوز بحال من الأحوال أن يسهم المطرب في حملة مرشح اشتهر بالفساد المالي أو الأخلاقي أو عرف بالتطبيع مع إسرائيل؛ فالأمر هنا يتعلق بمصلحة وسمعة بلد ولا يمكن التفريط فيها باسم الحياد أو لأجل المال".
وللشعر في موريتانيا مكانة خاصة، فقد عرفت البلاد منذ القدم بـ"بلاد المليون شاعر"، فللشعر سلطة وسيادة اجتماعية وثقافية نادرة الوجود في بلد آخر.
وقد دعمت المحاضر، وهي المدارس التقليدية، عشق الموريتانيين الكبير للشعر، فيجبر منهجها الدراسي الطلاب على حفظ عشرات الدواوين الجاهلية والإسلامية، وحكايات الأدب من مقامات وسير وأراجيز.

"المؤمنة" و"المعلومة".. أسلحة انتخابية بموريتانيا!


سيد أحمد ولد باب ، نواكشوط

ouldbaba2007@gmail.com
المؤمنة بنت عمار".. وجه نسائي لمع في أجواء حملة الانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة في موريتانيا.. حازت على ثقة التيار الإسلامي كمرشحة تحظى بشعبية كبيرة؛ فوضعها على رأس لائحته للانتخابات البلدية في مقاطعة "الرياض" بالعاصمة، منافسة بذلك 23 لائحة حزبية ومستقلة في ذات المقاطعة.
المؤمنة تولي اهتماما خاصا بالجانب الاجتماعي والطبقات المهمشة في برنامجها الانتخابي على خلفية معاناة دائرتها من الفقر ونقص الخدمات، وهي الدائرة التي تعيش فيها منذ ولادتها في مطلع سبعينيات القرن الماضى.
لم تشأ بنت عمار أن تدخل الانتخابات كمستقلة كباقي لوائح التيار الإسلامي الوسَطي في العاصمة، لكنها أصرت على الترشح من خلال حزب سياسي مقرب من الإسلاميين وهو حزب "التجمع الوطني من أجل الوحدة والعدالة".
وتوضح بنت عمار موقفها الرافض للترشح كمستقلة لـ"إسلام أون لاين.نت" بالقول: "لست مستقلة.. بل صاحبة مشروع سياسي ورؤية واضحة ترفض التنازل عنها حتى لو أصر العسكر -خطأ- على حرمان التيار الذي أنتمي إليه من حقه السياسي".
بنت عمار ليست حالة استثنائية في مشهد الانتخابات الموريتانية المقبلة فى ظل توجه المجلس العسكري الحاكم لإعطاء المرأة الموريتانية حقوقها السياسية؛ حيث أصدر قرارًا خصص فيه 20% من مقاعد البلديات والبرلمان للنساء، رغم اعتراض بعض التشكيلات الحزبية على القرار.
كما سبق أن تعهدت الحكومة بتخصيص دعم مالي للأحزاب التي تعطي الأولوية للنساء في الانتخابات القادمة.
وما لفت انتباه المراقبين هو تجاوز التيار الإسلامى في موريتانيا لنسبة الـ 20 % المخصصة للنساء في اللوائح الانتخابية، حيث وضع أكثر من 60 من كوادره النسائية ضمن لوائحه التي تنافس في 69 دائرة على الانتخابات البلدية، احتلت بعض المرشحات قمة بعضها.
ولم يكتف التيار الإسلامى بترشيح كوادره النسائية في الانتخابات البلدية فقط، ولكنه دفع ببعضهن في الانتخابات البرلمانية، كما في حالة "فاطمة بنت الميداح" التي جاءت رقم 2 في لائحة النواب على المستوى الوطني، و"ياى أنضو كولى بالى" التى جاءت رقم 2 في لائحة النواب على مستوى نواكشوط.
معايير ثابتة
وحدد التيار الإسلامي في موريتانيا شروطا معينة عند اختيار من يرشحهم عنه في الانتخابات البلدية والبرلمانية المقبلة، أهمها الأمانة والكفاءة للمنصب والشجاعة في طرح مشاكل السكان.
وقال أحمد ولد الوديعة الناطق الرسمي باسم التيار الإسلامي في الانتخابات المقبلة لـ "إسلام أون لاين.نت": "إن اختيار مرشحات التيار الإسلامي تم بنفس الشروط التي اختير بها زملاؤهن الرجال، سواء من رشحن للانتخابات البلدية أو البرلمانية".
من جانبه، قال القيادي البارز بتيار الإسلام الوسطي محمد جميل ولد منصور وهو يخاطب الآلاف من أنصار التيار الإسلامي يوم الثلاثاء الماضى في ملعب العاصمة: "إذا كنا قد اخترنا للنواب من يحسن الكلام والمحاججة وفهم القوانين فقد اخترنا للبلديات من يحسن العمل وخدمة المواطنين، وفي مقدمة هؤلاء بدون شك المؤمنة بنت عمار"، في إشارة لكفاءة المرشحات عن التيار الإسلامى في البلديات.
وبرز التيار الإسلامي الموريتاني خلال العقود الثلاثة الماضية، ومرّ بالعديد من المراحل السياسية والتفاعلات الداخلية، وظهر كتيار سياسي يسعى للمشاركة في العملية السياسية بشكل أكبر، ويسيطر على نقابات كالأساتذة والطلاب.
ويغلب على التيار الإسلامي في موريتانيا "التيار الإسلامي الوسَطي" القريب من فكر الإخوان المسلمين. ويرفض المجلس العسكري التصريح للتيار بتأسيس حزب سياسي. ورغم ذلك لا تمنعهم السلطات من ممارسة العمل السياسي.
بقية الأحزاب
وفي مقابل التوجه الإسلامي للدفع بالكوادر النسائية في الانتخابات المقبلة دفعت بعض القوى السياسية الأخرى في موريتانيا ببعض كوادرها النسائية؛ فرشح "التحالف الشعبي التقدمي" (ناصري) أبرز قياداته النسائية "المعلومة بنت بلال" على لائحة نواكشوط.
بينما اختار الحزب الجمهوري (الحاكم سابقا) الدفع بمستشارة الرئيس السابقة "فاطمة بنت عبد المالك" في الاستحقاقات البلدية على رأس لائحة البلدية في "تفرغ زينه" كبرى مقاطعات العاصمة.
وفي مواجهة مرشحة التيار الإسلامي في "الرياض"، دفع حزب "الاتحاد والتغيير الموريتاني" (حاتم) بالناشطة الإسلامية (مقربة جماعة الدعوة والتبليغ) "أماه بنت أحمد" إلى قيادة اللائحة.
وحزب "الاتحاد والتغيير" امتداد لتنظيم فرسان التغيير العسكري المعارض والذي وُلِد داخل المؤسسة العسكرية.
أجواء انتخابية ساخنة
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية والبلدية فى موريتانيا يوم 19 نوفمبر الجاري، بمشاركة أكثر من 1600 لائحة (قائمة انتخابية) من 25 حزبًا سياسيًّا وكتلة مستقلة، يتوجه فيها حوالي مليون ناخب موريتاني إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بثلاثة أصوات في نفس الوقت وعلى بطاقة واحدة.
ويتعلق الصوت الأول منها بالمجلس البلدي، وثانيها بالمرشحين المحليين لمجلس النواب (يتنافسون على 70 مقعدا وفق نظام الدوائر الفردية). أما ثالثها فيكون لصالح مرشحي اللائحة الوطنية (القائمة) لمجلس النواب والتي تتنافس عليها الأحزاب فقط (25 مقعدا). ويبلغ إجمالي مقاعد مجالس النواب 95 مقعدا.
وكان العقيد أعلى ولد محمد فال قد تعهد بعد 3 أيام من الانقلاب العسكري الأبيض على ولد الطايع في الثالث من أغسطس 2005 بإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة. وشدد على أنه لن يسمح لأعضاء المجلس بالترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في مارس 2007 ولا لعضوية البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ الذي من المقرر أن يجري انتخاب أعضائه في يناير 2007.

موريتانيا: انقلاب قصر أم ثورة إنقاذ؟



سيد أحمد ولد باب / نواكشوط
موريتانيا: انقلاب قصر أم ثورة إنقاذ؟
سيد أحمد ولد باب / نواكشوط
لم يعش النظام الموريتاني - على مدار العشرين سنة الماضية من حكمه- مثلما عاش في السنتين المنصرمتين من الفوضى وعدم الاستقرار الأمني والسياسي، ما جعل الكثير من المشفقين على البلد وأمنه يدقون ناقوس الخطر، ويطلقون صيحات الإنقاذ مخافة أن ينجرف أمن البلد نحو هاوية سحيقة لا ينهض بعدها أبدا.
ولم يكن أي أحد قبل محاولة الثامن يوينو 2003 يعلق كثيرا من الأمل على العسكر رغم تعثر المشروع السياسي بعد أن باتت الأحزاب السياسية عاجزة عن الحركة بفعل الحل والمضايقة والمنع وتهميش الفاعلين السياسيين.
في فجر الأربعاء 3 أغسطس 2005 تحركت وحدات من الحرس الرئاسي وقيادة أركان الجيش لتضع حدا لنظام الرئيس الموريتاني وتعلن فتح صفحة جديدة من تاريخ البلاد بينما كانت طائرة ولد الطايع في مطار انيامى للتزود بالوقود قادمة من الرياض بعد زيارة للعربية السعودية استمرت يومين.

- ومع ساعات الصباح الأولى نزل سكان العاصمة إلى الشوارع تعبيرا عن فرحتهم برحيل نظام ديكتاتوري جثم على صدور الموريتانيين طيلة عقدين، بينما سيطرت وحدات الأمن التابعة للانقلابيين على الرئاسة وقيادة أركان الجيش والدرك والحرس والتلفزيون ومبنى الإذاعة، وأغلقت المطار أمام الرحلات الجوية بعد اعتقال أغلب الضباط الموالين للرئيس المخلوع.

ارتياح شعبي وتحفظ دولي

فور إعلان المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية سيطرته على مقاليد الحكم، شهدت العاصمة ومدن الداخل مسيرات تأييد واسعة ليس حبا في العسكريين الجدد ولكن تعبيرا عن الفرحة بسقوط نظام عانى تحته الشعب من وطأة الفقر والظلم الكثير.

وعبرت أغلب القوى السياسية في البلاد عن فرحتها بالتغيير الذي حصل داعية العسكريين إلى احترام الشعارات التي رفعوها والى إعادة الحكم للمدنيين في أسرع وقت ممكن بعد تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة يشارك فيها الجميع.

وعبر التيار الإسلامي الذي عانى كثيرا من حكم العقيد ولد الطايع عن ترحيبه بتغيير نظام الحكم في البلاد مطالبا>بوضع الترتيبات الضرورية لعودة الحياة الدستورية إلى البلاد بشكل يصون الحريات الفردية والجماعية ويؤدي إلى التئام الشمل وطي صفحات الماضي المؤلمة وتجنيب البلاد ويلات الاضطراب والقلاقل والفتن الداخلية<. وهو الموقف نفسه الذي اتخذته أحزاب المعارضة الرئيسة في البلاد كتكتل القوى الديمقراطية والتحالف الشعبي واتحاد قوى التقدم، ناهيك عن قادة تنظيم فرسان التغيير العسكري المعارض الذين عدوا الخطوة تتويجا لثلاث محاولات انقلابية قادها التنظيم خلال السنتين الماضيتين مؤكدين اتفاقهم في المبادىء مع قادة الانقلاب الجديد.
بينما تباينت ردود الفعل الدولية مابين متحفظ على الانقلاب العسكري ومابين قلق بشأن التطورات التي قد تشهدها البلاد في ظل الحكم الجديد. الموقف الأكثر تشددا جاء من حليفة ولد الطايع الولايات المتحدة الأمريكية التي طالبت بإرجاعه إلى الحكم وأكدت رفضها للوصول إلى السلطة عن طريق انقلاب على الشرعية الدستورية حسب ما جاء في تصريح للخارجية بعد ساعات قليلة من إعلان العسكريين لنجاح الانقلاب. ثم ما لبثت أن رضيت بالأمر الواقع. أما ولد الطايع فقد قال في أول تصريح له بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح به إنه فوجئ بحدوث الانقلاب عليه وإن دهشته كانت أكبر عندما علم بهوية منفذيه. ووصف من مكان إقامته الحالية في النيجر الانقلاب الذي أطاح به من رئاسة موريتانيا بأنه الأكثر حماقة ومأساوية في أفريقياعلى الإطلاق. ودافع ولد الطايع في تصريح لبعض وسائل الإعلام عن فترة رئاسته للبلاد التي امتدت نحو 21 عاما وقال إنها هيأت مستقبلا واعدا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأشار إلى أن موريتانيا كانت خلال فترة حكمه دولة مسالمة ذات نظام ديمقراطي تعددي حسب زعمه، داعيا الجيش إلى إعادة الأمور إلى نصابه الطبيعي، مؤكدا قرب عودته إلى البلاد!!
غير أن التطورات التي شهدت البلاد بعد حكم العسكريين ولدت ارتياحا عاما لدى الشارع الموريتاني وبعض المراقبين الدوليين وخصوصا دول الجوار. حيث أعلن المجلس العسكري في أول لقاء له مع قادة أحزاب المعارضة الإبقاء على بنود الدستور الخاصة بالإسلام والحريات العامة والفردية والصحافة والأحزاب والنقابات، وأصدر ميثاقا دستوريا يكمل ويحدد ترتيبات دستور العشرين يوليو 1991 كما حل البرلمان، وتعهد بإجراء انتخابات عامة وشفافة في أقل من سنتين لا يكون المجلس العسكري طرفا فيها، وتشرف عليها لجنة مستقلة معينة بالتوافق بين الأحزاب السياسية في البلاد.
كما أشفع إعلان المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية بإطلاق سراح عشرات المعتقلين الإسلاميين في السجون الموريتانية من أبرزهم الشيخ محمد الحسن ولد الددو الذي كان يعاني من آلاماً حادة داخل السجن منذ ثلاثة أشهر من الاعتقال، متعهدا في الوقت ذاته بتسوية ملف العسكريين المعتقلين بتهمة قيادة ثلاث محاولات انقلابية على الرئيس الموريتاني المخلوع بزعامة الرائد صالح ولد حننا والذي كان يقضي عقوبة السجن المؤبد مع 32 من العسكريين. تحديات تواجه الانقلابيين بات في شبه المؤكد أن الأوضاع في موريتانيا استقرت لصالح المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية وأن نظام العقيد ولد الطايع قد ولى إلى غير رجعة بعد 20 سنة من القهر والكبت والتطبيع والعمل على اجتثاث جذور التدين ومحاربة الإسلاميين.
غير أن قادة البلاد الجدد سيواجهون بدون شك عراقيل جمة ومشكلات عديدة وتركة ليست بالبسيطة تحتاج إلى الكثير من الجهد في ظل ضغوط دولية صعبة؛ فهل سينجح هؤلاء في حل مشكلات موريتانيا كما نجحوا في القضاء على ولد الطايع؟!
ففي المجال الاقتصادى تعاني البلاد ويلات الجفاف نتيجة انتشار الجراد، كما ترتفع نسبة الفقر والأمية بين السكان ارتفاعاً ملحوظاً ناهيك عن المديونية الخارجية وانتشار الرشوة والفساد الإداري وسوء التسيير.
- وعلى الصعيد السياسي ورث القادة الجدد تركة صعبة، فعلى مدى العقدين الماضين شهدت البلاد العديد من الاضطرابات السياسية، أحزاب تحل وانتخابات تزور وصحف تصادر ولعل كان آخرها الأزمة بين الإسلاميين والنظام والتي لا تزال جذورها إلى اليوم. فالمعاهد الإسلامية مغلقة والكتاتيب محاصرة والدعوة في المساجد ممنوعة والمؤسسات الخيرية مغلقة والأمن تحول إلى سيف مصلت على رقاب العلماء وأئمة المساجد والخيرين.
- أما على المستوى الدولي فاضطراب العلاقات الخارجية والأزمات المتكررة مع الجيران والعلاقة مع الكيان الصهيوني كلها أمور تؤرق المواطن الموريتاني.. فهل يستطيع القادة الجدد رفع التحدي وحل مشاكل الشعب؟.. الكل يأمل ذلك والأيام القادمة قد تكشف المزيد..


(*) مقال منشور فى مجلة الفرقان بعد انقلاب 2005

الثلاثاء، ١٤ أكتوبر ٢٠٠٨

إقليم "أزواد" بين ضياع الهوية ومطامع القوى الأجنبية



نواكشوط: سيد أحمد ولد باب

Sid89@maktoobcom
إقليم "أزواد" اسم يطلق على الجزء الشمالي من جمهورية مالي ويتكون من أربع ولايات حيث توجد آثار مملكة "دوقون" وسكان هذه المنطقة أغلبهم من قبيلة "الفلان" وهى قبيلة اشتهرت بكثرة العلماء.وحسب المؤرخ الموريتاني الدكتور محمد محمود ولد وودادي فإن أغلب سكان الإقليم وصلوا إليه قادمين من المغرب العربي بعد هجرتهم من مصر، وكان لهم دور كبير في تعريب سكان المنطقة وترسيخ الدين الإسلامي الحنيف ولغته بفضل الانصهار الذي تم بين السكان الأصليين والمهاجرين الجدد.أما عن حياة هذه القبائل فهي حياة عربية أصيلة، فالتقاليد العرفية والاجتماعية لا تختلف عن حياة العرب في شمال إفريقيا أو الجزيرة العربية، فهم أهل بادية وأكثر ما يمارسونه تربية المواشي والإبل والأغنام، ولهم مواضع وآبار ينتقلون إليها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب حسب الفصول وأماكن الكلأ.وتسميتهم للمواضع والآبار أسماء عربية أو حسانية في الغالب مثل: قصر الشيخ، قصر الحلة المبروك... الخ، كما تتميز هذه القبائل عن غيرها "بالطبائع والتقاليد العربية العريقة كالكرم والشجاعة وحسن الضيافة والأخلاق الكريمة والشهامة والحرص على الدين والعرض".ولهم عدة نشاطات أخرى مع الرعي من أهمها استخراج الملح من منجم "تاودن" الذي يبعد عن عاصمة الرمال (تيمبكتوا) 750كلم وبتم بيعه في الدول المجاورة كالنيجر وموريتانيا والجزائر وبعض المناطق المالية الأخرى.
تعتبر مدينة "تيمبكتوا" من أقدم المدن داخل الإقليم ومن أكثرها أهمية عبر تاريخه الطويل.. وقد اختلف المؤرخون في تاريخ تأسيسها إلا أن أغلب الآراء تؤكد أنها تأسست في أواخر القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي، على يد (طوارق مقشرن) وكانت لديهم رحلتان الأولى في فصل الخريف حيث يرحلون إلى صحراء (أروان) والثانية في فصل الصيف.وتقع الولايات الأزوادية على الحافة الجنوبية للصحراء الكبرى أو ما يعرف بمنحنى نهر النيجر، ويعتبر الإقليم حلقة وصل بين السودان الغربي والصحراء الكبرى وكان أغلب سكان الإقليم من البدو الرحل.أما القاطنون في المدن فعادة ما يبنون مساكنهم من أعواد الشجر وحشائش النباتات وتطورت بيوتهم بعد ذلك لتصبح من الطين.
وقد اشتهرت مدن الإقليم وخصوصاً مدينة "تيمبكتوا" بسرعة انتشار التدين ودماثة أخلاق الناس. ويصف أحد المؤرخين المدينة قائلاً "كانت مدينة ذات جمال رائع وكان أهلها يدينون بالإسلام ويحاربون البدع. فلهذه المدينة فضائل عديدة، فإن من دخلها خائفاً وجد الطمأنينة ومن سكن فيها عاماً أو أكثر نسي فعلته وتاب عند دخوله لها، فهي دار فقه وعلم وصلاح، حيث سكنها صفوة من العلماء والفضلاء".. وقد وصف ابن خلدون العلاقات التجارية بينهم بقوله: "وهابتهم أمم السودان، وارتحل إلى بلادهم التجار من بلاد المغرب وإفريقيا". وبالنسبة لطرق التجارية، فكانت عديدة ونشطة أهمها:1 طريق من مصر تمر بكانو إلى تمبكتو وهي أبعد الطرق.2 طريق من تونس تمر بهجار إلى تمبكتو. 3 طريق من المغرب الأقصى ماراً بسجلماسة وتوات إلى تمبكتو. 4 طريق من تغازة ماراً بولاته ومنها إلى تمبكتو. 5 طريق من طرابلس ومنها إلى غدامس ومن ثم إلى تمبكتو.وقد شكل الإقليم جزءاً من مملكة مالي الإسلامية منذ بداية عام 726ه-1325م غير أنه احتفظ بحكم ذاتي استمر إلى عام 837ه -1433م حيث بدأت المملكة تتخلى عن سيادتها على الإقليم لصالح الطوارق المجاورين لها.
ثم خضع الإقليم كغيره من الأقاليم الإفريقية للهيمنة الفرنسية ردحاً من الزمن، وكان يتكون من عدة ممالك ُتحكَم بواسطة النظام القبلي، وقد ظلت قائمة حتى جاء الاحتلال في مطلع القرن التاسع عشر ومن أهمها:سلطنة الفولان مملكة الصونغاي سلطنة البرابيش سلطنة كنته سلطنة إلمدن سلطنة الأنصار أو كلنتصر وسلطنة إفوغاس. الاستقلال والحريةوعند مجيء حركة الاستقلال 1957 1958م، طلبت فرنسا من هذه الممالك أن توافق على جعل منطقة أزواد محمية فرنسية إلى أن يتم تأطير أهلها، إلا أن أهل أزواد رفضوا العرض الفرنسي لاعتقادهم أنه يستهدف محاصرة الثورة الجزائرية الفتية آنذاك ولاعتقادهم أنه يستهدف وجود قواعد عسكرية فرنسية في المنطقة، وفضلوا الانضمام لجمهورية مالي يحدوهم الأمل في التعايش مع إخوانهم "البمبرا" (سكان مالي الأصليين) ماداموا جميعاً مسلمين ويجمعهم تاريخ طويل .
وهو ما لم يحصل رغم محاولات التسوية طيلة العقدين الأولين من الاستقلال عن فرنسا. فقد عانى سكان الإقليم من اضطهاد غير مسبوق من قبل الحكومات المالية المتتالية على الحكم وشهدت العلاقة بين السلطة في بامكوا (عاصمة مالي) والأزواديين عدة توترات وتجاذبات انتهت إلى إعلان الثورة الأزوادية وحمل السلاح في وجوه السلطات

الثورة والتدخل الأجنبي
إثر تزايد الغضب الشعبي في إقليم أزواد جراء الممارسات اللاإنسانية من قبل الحكومة المالية، وبعد أن بلغ تهميش السكان مبلغه بدت الحاجة إلى تشكيل إطار يعد للإقليم هيبته وللشعب حقوقه أمر ضروري.وهكذا أُعلن عن تأسيس الجبهة الإسلامية العربية لتحرير أزواد سنة 1989داخل الإقليم وفى مخيمات اللاجئين، وقد بدأت محدودة لكن العمليات النوعية التي نفذتها الجبهة والإحساس المتزايد بالاضطهاد دفع الكثير من الشباب الأزوادي إلى الانخراط في صفوفها، رغبة في إعادة الاعتبار للسكان وسعياً لتحرير الإقليم.ولم تكن الجبهة الإسلامية هي الأولى من نوعها ولكنها كانت الأكثر تنظيماً والأقدر على مواجهة النظام المالي.
حمل السلاح
وقد انطلقت الجبهة خلف المرجعية الإسلامية للسكان والهوية العربية للإقليم واستخدام كل الوسائل المتاحة بما في ذلك العمل العسكري من أجل إعادة حقوق الشعب الأزوادي التي سلبت منه منذ إعلان الدولة المالية الاستقلال عن فرنسا مطلع الستينيات.وفي هذا الصدد يقول الجيد المختار عضو الجبهة الإسلامية لتحرير أزواد والناطق الرسمي باسم اللاجئين الأزواديين في موريتانيا في لقاء مع المجتمع شارحاً الأسباب التي دفعتهم إلى حمل السلاح في وجه الحكومة المالية وإعلان الثورة في الإقليم: "لقد كانت لدينا ثروات هائلة من المواشي ندفع ضرائبها للسلطات المالية، ومع ذلك لا توجد طرق في الإقليم ولا توجد بنية تحتية تساعد السكان على البقاء في صحراء قاحلة تفتقر لكل مقومات الحياة؛ حيث يعتمد السكان في الشرب على آبار يبلغ طول الواحد منها 180 ذراعاً داخل الأعماق وهى آبار غير صالحة للشرب بل تسبب الإسهال لكل القادمين الجدد على الإقليم ويضر بصحة السكان.وفى الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المالية جاهدة لطمس هوية الأزواديين يجد الأزواديون أنفسهم في هذا المجال عاجزين عن مواجهة الحكومة المالية، حيث لا يوجد في الإقليم طبيب واحد يتكلم اللغة العربية ولا حتى صيدلاني لأن التعليم النظامي بالفرنسية
".

القيادات العسكرية
ويعتبر مولاي الحسن الذي قضى نحبه في إحدى المعارك ومحمد الأمين ولد حيمدون والجيد المختار الأزوادي من أهم القيادات العسكرية التي قادت الجبهة في بداية التسعينيات، كما انضم إليها أخيراً أحمد ولد سيد أحمد وهو أحد أهم القادة السياسيين في حكومة المختار ولد داداه في موريتانيا مطلع السبعينيات، لكنه قرر العودة إلى إقليم أزواد (مسقط رأسه) ليلتحق بصفوف الجبهة الإسلامية لتحرير أزواد.
وقد شهدت الحرب التي خاضتها الجبهة ضد النظام المالي تطورات مهمة وكبدته خسائر كبيرة، لكن الجو العام لم يكن في صالحها على الإطلاق، فالوضع المتأزم في الجزائر والقلق الفرنسي من تنامي ظاهرة الإرهاب في المنطقة واختراق الجبهة من بعض العملاء للنظام المالي وضعف التغطية الإعلامية للثورة الأزوادية كلها أمور دفعت باتجاه آخر خاصة بعد تغير موقف الجزائر من داعم للثورة الأزوادية، إلى ضاغط من أجل التسوية وإخماد الثورة، وهو الضغط الذي انتهى بتوقيع الجبهة لاتفاق "تمراست" مع الحكومة المالية تحت إشراف جزائري سنة 1994.ورغم أن الاتفاق نص على وجود حكم ذاتي للإقليم وانسحاب الجيش المالي في اتجاه الجنوب وتسليم الإدارة الأمنية والمدنية لسكان الإقليم والتعويض عن الخسائر الناجمة عن الحرب وعودة اللاجئين، إلا أن الأمور تغيرت على أرض الواقع، فالحكومة المالية تراجعت عن كثير من بنود الاتفاق كما أن المنطقة شهدت غلياناً شعبياً غير مسبوق، والصحراء الأزوادية الآن غير آمنة بالمرة والسلاح منتشر، إضافة إلى البعد عن وسائل الإعلام.

خطر المجاعة
على الجانب الآخر وعندما تتجول في مخيمات اللاجئين الأزواديين على الحدود الموريتانية المالية تدرك حجم المأساة، فهناك فقر مدقع وانتشار مذهل للأمية (حوالي 90%من سكان المخيمات) وثلاثة مخيمات لا يوجد فيها إلا طبيب واحد وخيام بالية لا.. تقى من حرارة الشمس ولا من برد الشتاء. وأطفال في عمر الزهور يبيعون علف الماشية للسكان الموريتانيين علهم يجدون ما يسدون به رمق الجوع وسط ارتفاع مذهل لأسعار المواد الغذائية، كما أن السكان الذين عادوا إلى ديارهم يعيشون أيضاً في ظروف لا تطاق.فقد يسمح لك أن تتاجر في المدن لكن لا يسمح لك بالعيش داخل المدينة نتيجة الظروف الأمنية، فالسلطات المالية لا تزال تخشى من تسلل المقاتلين الأزواديين إلى المدن وبالتالي أقيمت قرى صغيرة للاجئين العائدين قرب المدن الكبير ليسهل متابعة أي تحرك مفترض للمقاتلين.ويواجه السكان حالياً خطر المجاعة بعد انسحاب المنظمات الغربية العاملة في مجال الإغاثة وتزايد موجات الجفاف التي ضربت الإقليم في السنوات الأخيرة وما خلفه ذلك من نفوق للماشية التي يعتمد عليها السكان كأهم مصدر من مصادر العيش في صحرائهم القاحلة.ويرى بعض المراقبين للشأن الأزوادي أن غياب المنظمات الإسلامية عن الإقليم وانحياز المنظمات الغربية للحكومة المالية ذات التوجه الغربي فاقم المأساة "حيث شكلت المنظمات الغربية وسيلة ضغط لا يستهان بها في يد الحكومة المالية مستغلين حاجة الناس وبؤس المجتمع لإجبار السكان على العودة إلى الإقليم رغم انعدام الأمن وخطر المجاعة ليصبحوا لاجئين جدداً في ديارهم تحت رحمة السلطات المالية، بعد أن كانوا لاجئين في الدول المجاورة يعتمدون على ما تجود به أيدي الخيرين من هبات ومساعدات تبقيهم قيد الحياة

صحوة إسلامية
ولعل الأبرز في القضية الأزوادية عموماً هو تمسك الشعب غير المسبوق بدينه والعودة القوية للإسلام داخل المجتمع رغم عزلة الإقليم دولياً وقلة وسائل الإعلام وجهود الحكومة المالية غير الخافية لطمس الهوية وتصفية رموز التدين والمجازر الرهيبة التي ارتكبت وكان العلماء أكثر ضحاياها، كذلك التطورات التي شهدها الإقليم ساعدت في انتشار الصحوة الإسلامية.فالإحساس بالغربة داخل الوطن والتوجهات الواضحة للحكومة المالية نحو طمس هوية وتاريخ الإقليم والدور الذي لعبه العلماء وأئمة المساجد في جبهة المقاومة والرفض وما تعرضوا له من اضطهاد من قبل الحكومة المالية كلها أمور أثرت على حياة الناس ودفعت باتجاه التمسك بالدين، فالمساجد منتشرة في الإقليم وهناك عودة قوية للتدين وان كانت لاتزال تحتاج إلى الرعاية والتعميق
.
دور المنصرين
وللأزواديين مع المنصرين قصة جعلتهم يأخذون العبر وينظرون بعين الريبة إلى كل وافد على الإقليم تحت أي عباءة كانت، فقد حاولت بعض الجمعيات الغربية الوافدة إلى الإقليم استغلال العمل الخيري والإنساني من أجل أهدافها المشبوهة لكن الشعب الأزوادي كان لهم بالمرصاد، فقد فتحت الجمعيات عدة مدارس وجمعيات خيرية في مدينة "غاوا" شرق الإقليم من أجل مساعدة السكان، لكن بعض الممارسات الشائنة التي أقدم عليها بعض العاملين ألبت عليهم السكان وحطموا مكاتب الجمعيات وطردوهم من الولاية. فبيع الخمور وفتح محلات للرقص وتشجيع الانحراف الأخلاقي كلها أمور من المحرمات عند الأزواديين وغير مسموح بها على الإطلاق.. ولذلك كان الرد الشعبي عنيفاً على هذه الجمعيات. وينظر الأزواديون الآن إلى المستقبل بقلق شديد بعد دخول الولايات المتحدة على الخط ودعمها للحكومة المالية عسكرياً وسياسيا بعد أن استطاعت الأخيرة إقناع الرأي العام الدولي بتنامي ظاهرة الإسلام السياسي داخل الإقليم وما يشكله ذلك من خطر على الأطماع الغربية في السيطرة على إقليم يحتوي على مخزون نفطي معتبر ومعادن كالذهب.. هذا بالإضافة إلى موقعه الإستراتيجي بين موريتانيا والجزائر ومالي والنيجر.

"مريم" وجميل مع أطفال القرية ب"أكدرنيت" وهم يلعبون
















الوالد محمدو ولد باب وهو يودع أفراد الأسرة أثناء سفره







صورة من أسرة "أهل باب" بقرية "أكدرنيت"
















صور من بلدية "أم الحياظ" فى عمق الصحراء الموريتانية













الاثنين، ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨

المشرف العام على "صوت المحرومين" مع الخليل النحوى


من اليمين : رئيس تحرير وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة سيد أحمد ولد باب ومحمد غلام ولد الحاج الشيخ نائب رئيس حزب "تواصل" والخليل النحوى مستشار رئيس الجمهورية المخلوع سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله وقد التقطت أمام دار الشباب الجديدة بنواكشوط سنة 2006 بعيد ندوة فكرية نظماها احدى الجمعيات الثقافية
وقد تعززت العلاقة مع الخليل النحوى خلال زيارة قمت بها له سنة 2005 بعد الإنقلاب اثر دعوة وجهها له قادة التيارالإسلامى بعيد عودته من النيجر فى منزل المختار ولد محمد موسى شكلت فى ماشكلت بداية طى صفحة من الجدل بين "الأخوان المسلمون" والحركة الصوفية فى البلاد وخصوصا "أهل نحوى" وقد تبادلنا بعد ذلك العديد من الرسائل والاتصالات سهل بموجبها أول لقاء مع رئيس الجمهورسة المخلوع سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله مع احد الصحفيين المحليين فى موريتانيا وهى المقابلة التى بصها التلفزيون والإذاعة والوكالة ونشرتها صحيفة الشعب الرسمية وصحيفة السفير الموريتانية ووكالة أنباء "الأخبار" المستقلة.

خريف "أكدرنيت" بساطة الجو وجمال الطبيعة



صورة ألتقطت سنة 2006 فى فصل الخريف تحديدا على بعد 3 كلم جنوب قرية "أكدرنيت" لأسرة "أهل باب" بينما كانوا فى جلسة صباحية يتناولون "الفطور" العادى ..وتظهر فى الصورة الوالدة ميج بنت النان وهى توزع الشراب على أفراد العائلة ،والخالة فاطمة بنت النان وهى تشرب من قدح اللبن وتظهر الزوجة الغالية "المصرية بنت عابدين" وهى تحك عيناها مع طلوع الشمس والاطفال "مريم بنت باب" وأحمد ولد باب وطفلة صغيرة والدتها فاطمة بنت النان.

موريتانيا ..استمرار الأزمة والبحث عن حلول


موريتانيا ..استمرار الأزمة والبحث عن حلول
هل ينجح الفرنسون فى اعادة ولد الشيخ عبد الله
الى سدة الحكم من جديد؟
سيد أحمد ولد باب : نواكشوط
Ouldbaba2007@gmail.com

دخلت الأزمة السياسية فى موريتانيا شهرها الثانى وسط مخاوف جدية من تدهور الأوضاع الامنية فى البلاد بعد الأزمة الخانقة التى يعيشها البلد منذ الإطاحة برئيسه المنتخب سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله فى انقلاب عسكرى على يد الجينرالات المقربين منه فى السادس من أغشت 2008.
وقد انقسمت الساحة السياسية فى البلاد الى شطرين يرفض أحدهما (الجبهة الوطنية لإعادة الديمقراطية ) الإعتراف بالأمر الواقع أو التعامل مع المؤسسات التنفيذية أو الدستورية التى أفرزها انقلاب الجينرال النافذ محمد ولد عبد العزيز ومن أبرز رواد هذا الطرح رئيس البرلمان الموريتانى مسعود ولد بلخير الذى يقود حزب التحالف الشعبى التقدمى ومحمد جميل ولد منصور رئيس حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية "تواصل" الذى يمثل الأخوان الملسلمين فى موريتانيا وحزب اتحاد قوى التقدم اليسارى بزعامة محمد ولد مولود وبعض فلول الحزب الحاكم سابقا (عادل) الذى أنضم أغلب قادته للحركة الإنقلابية الجديدة.
بينما يتزعم الطرف الآخر نواب البرلمان الموريتانى المنسحبين من حزب "عادل" والبالغ عددهم 67 بقيادة النائب يحى ولد عبد القهار وحزب الاتحاد والتغيير الموريتانى الذى يقوده الضابط السابق صالح ولد حننا وبعض التشكيلات السياسية الصغيرة الأخرى بعد أن تراجع عيم المعارضة الموريتانية السيد أحمد ولد داداه عن مواقفه السابقة مع رئيس حركة التجديد والقيادى الزنجى صار مختار ابراهيما اثر رفض رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد ولد عبد العزيز اعطاء ضمانات سياسية بشأن المرحلة الانتقالية القادمة .

صراع الداخل ومواقف الخارج

الأزمة السياسية فى موريتانيا والناجمة عن انقلاب السادس من أغشت تعمقت خلال الأسابيع الأخيرة بفعل الصراع السياسي المحتدم بين أطراف المشهد السياسي كما عمقتها المواقف الخارجية التى مالت فى مجملها لصالح المناوئين للإنقلاب.
فقد بدأ الجينرال محمد ولد عبد العزيز والفريق الداعم له معركة كسر العظم مع رئيس الجمعية الوطنية (الغرفة الأولى للبرمان) ورئيس الجبهة مسعود ولد بلخير من خلال عقد دورة برلمانية تحت اشراف نائبه "العربى ولد جدين" وهو قائد أركان سابق للجيش الموريتانى وأحد الموالين للحركة الإنقلابية فى محاولة لسحب البساط من تحت زعيم الأرقاء السابقين مسعود ولد بلخير الذى رفض عقد الدورة البرلمانية مع نواب "الجبهة" ،كما قام العسكريون بتوجيه تهم بالفساد لرئيس مجلس الشيوخ با أمبارى الذى ينض الدستور على توليه مقاليد السلطة فى البلاد بعد عجز الرئيس المنتخب عن تأدية مهامه فى محاولة لإجباره على الإستقالة من رئاسة المجلس قاموا كذلك بتنصيب لجنة برلمانية للتحقيق مع عقيلة الرئيس المخلوع سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله بتهم تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ ضمت عددا من نواب المعارضة السابقة وأبرز المساندين للإنقلاب فى مجلس الشيوخ.
فى المقابل صعدت الجبهة الوطنية لإعادة الديمقراطية للبلاد من أنشطتها المناوئة لحكم الجيش وحركت النقابات العمالية ونزلت للشارع فى مسيرات تطالب بالإفراج عن رئيس البلاد المخلوع وكثفت جهودها السياسية لإقناع القوى الخارجية بالضغط على قادة الإنقلاب ،بل ذهب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود وهو أحد أبرز منظريها إلى توجيه دعوة صريحة للغرب بفرض حصار اقتصادى على موريتانيا لإجبار العسكريين على التخلى عن السلطة وفرض المسار الديمقراطى فى البلاد وإن نقت الجبهة بشكل قاطع ماتردد عن دعوة أمريكية للتدخل العسكرى فى موريتانيا للإطاحة بالجينرال عزيز .

وقد أقدم الجيش على اعتقال رئيس الوزراء السابق ووضعه تحت الإقامة الجبرية فى مدينة "المجرية " وسط البلاد بعض رفضه الإعتراف بالوزير الجديد ولد محمد لغظف وتلويحه باجراء تعيينات سياسية الهدف منها التشويش على الحكام الجديد.
وقد شكلت المواقف الخارجية ضربة قوية لحكم الجيش وخصوصا بعد الإعلان عن تجميد الأموال التى حصلت عليها موريتانيا ضمن اجتماع باريس 2007 والمقدرة بمليارى دولار وانسحاب قطر من مشروع للحديد كانت تنوى اقامته شمال موريتانيا بتكلفة ناهزت الثلاث مليارات واعلان أمريكا واليابان والأمم المتحدة وفرنسا عن تجميد مساعداتها لموريتانيا بعد الإنقلاب الجديد وتجميد البرلمان الأوربى للاموال الموريتانية المستحقة مقابل الصيد فى المياه الإقليمية ،غير أن الموقف الفرنسى كان الاكثر اثارة بالنسبة للمتابعين.
ففرنسا التى راهن الإنقلابيون على موقفها من الرئيس المخلوع سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله بعد الضربات الأمنية التى تلقاها رعايا فرنسون فى موريتانيا نهاية 2007 ومطلع 2008 فاجات الجميع بمواقفه الصارمة تجاه الحركة الإنقلابية وأعلنت الرئاسة الفرنسة رفضها القاطع للإنقلاب ،كما رفضت الإعتراف بالنتائج المترتبة عليه وعلقت تعاونها العسكرى مع موريتانيا وفرضت حظرا للسفر على اعضاء المجلس العسكرى والبالغ عددهم 11 واعضاء الحكومة الجديد والبالغ 22 ولوحت بعقوبات مالية وسياسية قد تطال بعض الداعمين لحكم الجيش واستصدرت قرارا من مجلس الأمن يدين الإنقلاب ويطالب بالإفراج عن الرئيس المخلوع سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله ومن دون شروط .

البحث عن حل

جرح الديمقراطية النازف فى موريتانيا منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب سيدى محمد ولد الشيخ عبدالله بات مثار قلق دولى وعربى بعد أتسفحلت الأزمة الداخلية وبات الجيش طرفا فى الأزمة الداخلية للبلاد وهو مادفع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى والجامعة العربية التى التداعى لاجتماع طارئ فى "أديس بابا" لوضع خارطة طريق تمكن من انهاء الأزمة السياسية وعودة الشرعية الدستورية للبلاد.
الاجتماع الذى عقد فى الرابع من سبتمبر انتهى الى توجيه دعوة للعسكريين بالإفراج الفورى عن الرئيس المعتقل ،كما كلف المجتمعون رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى بلقاء الرئيس الموريتانى المعتقل والضباط والبحث عن حل للأزمة بالتعاون مع القوى السياسية فى البلاد.
ووفق التسريبات المتوفرة حتى الآن فإن النقاش ينصب على خارطة الطريق الفرنسية التى يقال أن وزير الخارجية الفرنسى "كوشنير" سيناقشها خلال الاسابيع القادمة مع القوى السياسية فى موريتانيا ضمن زيارته المرتقبة لنواكشوط ومن ابرز بنودها:
1- الإفراج عن الرئيس الموريتانى سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله واعادته الى منصبه كرئيس منتخب لموريتانيا والإعلان عن التراجع عن الحركة التصحيحة التى قادها الجيش
2- الإبقاء على الضباط فى مناصبهم القيادية التى كانوا يحتلونها قبل اقدام الرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله على اقالتهم بشكل جماعى يوم السادس من أغشت قبل ساعات من الإنقلاب الذى قاده قائد الحرس الرئاسي الجينرال محمد ولد عبد العزيز
3- تعجيل الإنتخابات البرلمانية والرئاسية تحت اشراف دولى لاختيار مؤسسات دستورية جديدة تنهى حالة الاحتقان السياسي الحالى وقد لايكون الرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله من بين المشاركين فيها شأنه شان العسكريين.
4- اجراء اصلاحات دستورية تضمن توازن السلطة ومنح البرلمان والوزير الأول المزيد من الصلاحيات لطمأنة القوى السياسية الأخرى وتحديد جبهة النواب

غير ان أبرز العقبات فى وجه المبادرة الفرنسة الجديدة هو موقف رئيس المجلس العسكرى الحاكم الجينرال محمد ولد عبد العزيز والذى أعلن بشكل صريح رفضه لاى حل يكون من بين بنوده عودة الرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله للسلطة تاركا المجال مفتوحا أمام أى حلول اخرى أو اقتراحات تتوافق عليها القوى السياسية فى البلاد.
ومع ذلك فقد اوفد الجينرال عزيز وزيره المقرب منه فى التشكلة الوزارية الجديدة ولد ابراهيم أخليل الى فرنسا للقاء المسؤولين والتباحث بشان الأوضاع المستقبلية والحلول الممكنة فى وقت حددت فيه الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية رئيس البرلمان مسعود ولد بلخير كمفوض باسمها فى أى اتفاق قد تتوصل اليه الأطراف.
مقال منشور فى مجلة المجتمع الكويتية بعد انقلاب السادس من اغشت 2008

موريتانيا انقلاب جديد ورئيس بزى العسكر


موريتانيا انقلاب جديد ورئيس بزى العسكر
هل يقدم العسكريون على حل حزب "تواصل" ذو الخلفية الإسلامية؟
وأين سيقف العالم الخارجى من انهيار العملية الديمقراطي فى البلاد؟
سيد أحمد ولد باب / نواكشوط
Ouldbaba2007@gmail.com

مرة أخرى يكرر الجينرالات الموريتانييون المشهد أربعاء جديد وانقلاب جديد يطيح بالرئيس المنتخب سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله بعد أزمة سياسية أستمرت شهرين كان الصراع بين الرئيس والبرلمان أبرز مظاهرها وأنتهت بالرئيس خلف القضبان.
فمع الساعات الأولى لفجر الأربعاء 6-8-2008 كان الرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله قد حسم أمره وقرر الزج بنفسه فى معركة مفتوحة مع الجيش فى محاولة لقطع الطريق على المخطط الذى وضعه الرجينرال النافذ محمد ولد عبد العزيز مع نواب البرلمان والدى كان يقضى وفق ماعلمته "المجتمع" من مصادر نيابية بالقيام بمظاهرات شعبية عارمة داخل العاصمة نواكشوط تنتهى باقتحام القصر الرئاسي وبسط الجيش سلطته على الدولة تضامنا مع المتظاهرين وفق النمط الأوربى .
قادة المؤسسة العسكرية حاولوا وفق الجنرال عزيز ثنى الرئيس عن قراره به لكن رفضه دفعهم الى اعلان حالة استنفار قصوى داخل الوحدات العسكرية وبعد أخذ ورد قرر ولد عبد العزيز تنصيب نفسه رئيسا لموريتانيا بعد سجن الرئيس والوزير الأول السيد يحى ولد أحمد الواقف ووزي الداخلية محمد ولد أرزيزيم ومدير وكالة اللاجئين العائدين الدى تتهمه الأجهزة الأمنية بالوقوف وراء العديد من القرارات التى أتخذها الرئيس المخلوع.
ورغم أن القيادات العسكرية التى عينها الرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله خلفا للضباط المقالين حاول بعضهم القيام بدوره إلا أى رصاصة لم تطلق داخل الاراضى الموريتانىة وسط أجواء من الدهشة سادت الشارع الموريتانى بسبب التطورات المتلاحقة فى وقت مبكر من فجر الأربعاء.
وتقول "آمال بنت الشيخ عبد الله " ابن الرئيس المخلوع إن والدها عادة من صلاة الفجر واخذ المدياع ينتظر صدور البيان الذى سربه من القصر الرئاسي ليلا ويحمل اقالة الضباط الخمسة النافذين (قائد أركان الحرس محمد ولد عبد العزيز ،وقائد أركان الجيش محمد ولد الغزوانى وقائد أركان الحرس فلكس نيكرى ،وقائد أركان الدرك أحمد ولد بكرن ،ومدير الامن الوطنى محمد ولد الهادى) ومع اعلان البيان فى الإداعة الرسمي دخل عليه ضباط من الحرس الرئاسي الخاص يطلبونه بناء على قرار من الجينرال المنقلب لكنه رفض فى البداية قبل أن تتدخل أسرته لإقناع بالذهاب مع عناصر الجيش من دون اللجوء الى القوة.
وقد تحرك ولد عبد العزيز (قائد الحرس الرئاسي) والجينرال "فلكس نكيرى" قائد أركان الحرس الوطنى بسرعة وأعتقلا كلا من :
الوزير الأول الموريتانى يحى ولد أحمد الواقف
أحمد ولد سيدى باب رئيس المجلس الإجنماعى
موسى فال وهو مدير وكالة دمج اللاجئين العائدين
محمد ولد أرزيزيم وزير الداخلية الأخير
بينما قطع قائد أركان الجيش الموريتانى رحلته الى الوحدات العسكرية داخل البلاد وعاد فى طائرة عسكرية وفرها له رفاقه خلال الساعات الأولى من يوم الإنقلاب ليكنمل مشهد الإطاحة بالرئيس المنتخب بعدما أغلق التلفزيون الرسمى والإذاعة الوطنية وتوقف الوكالة الرسمية للأنباء عن التحديث فى انتظار معرفة الجديد القادم .
مواقف متباينة من الإنقلاب

القوى السياسية الموريتانية وبعد أن استفاقت من هول الصدمة التى أنهت المسار الديمقراطى فى البلاد بعد سنوات من الحراك السياسي تفاوتت فى المواقف بين مبرر للإنقلاب ومتفهم له وبين رافض له ومتعهد بالإطاحة بالعسكر وارجاع الرئيس الموجود رهن الإعتقال بقصر المؤتمرات حيث وسم بوشاح الرئاسة الموريتانية فى التاسع عشر من ابريل سنة 2007 تحت حراسة مشددة من قبل عناصر الأمن الرئاسي التابعين للرئيس الجديد وقائد أركان الحرس سابقا الجينرال محمد ولد عبد العزيز.
فقد أعرب حزب تكتل القوى الديمقراطية بقيادة أحمد ولد داداه عن دعمه للإنقلاب قائلا إن الإطاحة بالريئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله لم يكن قادرا على قيادة البلاد وإن تحرك الجيش من شأنه تصحيح غلط أرتكب مطلع 2007 حينما قرر العسكريون الخروج عن الحياد ودعم أحد المتنافسين مقابل وعود بالنفوذ وهو ما أعترف به ولد الشيخ عبد الله قبل ايام فليلة من رحيله عن الحكم.
وهو نفس الموقف الذى اتخذه الأمين العام للحزب الجمهورى أقرين ولد محمد فال ورئيس حزب التجمع من أجل موريتانيا الشيخ ولد حرمه ونواب البرلمان المعروفين بنواب "حجب الثقة" وبعض القوى السياسية الأخرى التى رأت فى ولد الشيخ عبد الله نكسة للمسار الديمقراطى بعد ماتردد من ضعفه أمام الجيش وبعض المقربين منه
غير أن موقف أحزاب المعارضة التقليدية وحزب "عادل" الذى يقوده الوزير الأول المعتقل كان .مختلفا فقد شكلت الأحزاب تجمعا أطلق عليه "الإئتلاف من أجل اعادة الديمقراطية" ضم كلا من :
التحالف الشعبى التقدمى الذى يقوده مسعود ولد بلخير
اتحاد قوى التقدم بقيادة محمد ولد مولود
حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية "تواصل" بقيادة محمد جميل ولد منصور
حزب "عادل" بقيادة الوزير الأمين العام للرئاسة بيجل ولد هيمد
وقد تعهد قادة الأحزاب السياسية بتقويض حكم الجيش وإعادة الديمقراطية في البلاد واسترجاع حكم الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رافضين لأي حوار مع قادة الجيش الجدد الذين تولوا زمام الأمر في البلاد بعد انقلاب أطاح بالرئيس الموريتاني المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
التحالف من أجل إعادة الديمقراطية في موريتانيا والذي أعلنت عنه أربعة أحزاب سياسية بينها حزب رئيس البرلمان والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) وحزب اتحاد قوى التقدم (اليسارى) وحزب "عادل" الحاكم سابقا دشن نشاطه اليوم الجمعة بتجمع جماهيري بمقر حزب التحالف الشعبي التقدمي قرب مجمع السفارات بالعاصمة نواكشوط وسط طوق أمنى فرضته الشرطة الموريتانية على المحتجين على خلع الرئيس السابق للبلاد.
النائب الأول لرئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي والنائب في البرلمان الموريتاني تعهد باسم الأحزاب بمواصلة الضغط إلى غاية إعادة الشرعية الديمقراطية للبلاد رافضا التعاون مع الجيش أو القبول بالأمر الواقع منددا بما أسماه التراجع الكبير في الحريات حيث تعرض أحد نواب البرلمان المعارضين للحكم الجديد للضرب على يد الشرطة ،كما تعرض بعض الصحفيين للمضايقات ومنعت وسائل الإعلام الرسمية من تغطية الأنشطة المعارضة لحكم الجيش.
وقال رئيس حزب اتحاد قوى التقدم اليساري إن قيادة الجيش للبلاد مرفوضة متعهدا للجماهير بالإطاحة بالجينرالات وإعادة الرئيس ولد الشيخ عبد الله إلى سدة الحكم قائلا إن تصريحات الجينرال عزيز الذي وصفه "برئيسهم" كانت نشازا حينما تقرر جهة أنها هي من يمتلك الديمقراطية في البلاد وعلى البقية أن يعيش على فتاة الممنوح منها.
وفى السياق ذاته أكد رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية النائب محمد جميل ولد منصور معارضة الأحزاب لأي انتخابات جديدة في البلاد قائلا إن العالم لم يعد يثق في وعود العسكريين بعدما أطاحوا بالرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله متسائلا من سيمنع العسكريين غدا من الانقضاض على المسار السياسي في البلاد إذا لم يعجبهم والدعوة لانتخابات جديدة!!
وكشف ولد منصور عن حملة سياسية متواصلة تنوى الأحزاب القيام بها للضغط على الانقلابيين الجدد من أجل التراجع وإعادة الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله متهما الجيش بالاستخفاف بعقول السكان حينما يتصور أن الجميع سيقبل العودة لمربع الحكم الواحد من جديد.
النائب الأول لرئيس حزب "عادل" والوزير الأمين العام للرئاسة بيجل ولد حميد أكد مواقف حزبه الرافضة للانقلاب أو الاعتراف بشرعية الجيش مذكرا بأن النواب والشيوخ الغاضبين كانوا يستهدفون بالأساس الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله بدعم وتوجيه من العسكر.
وأستهجن ولد حميد منع الشرطة لقادة الحزب من الاجتماع في مقره واصف الأمر بالمؤشر الخطير على تراجع الحرية السياسية في البلاد عكس ما ردده قادة الانقلاب.
وقد حضر التجمع المئات من أنصار الأحزاب المشكلة للتجمع الجديدة بالإضافة إلى نواب من حزب التحالف الشعبي التقدمي وحزب عادل وتواصل وعدد من وزراء الحكومة المطاح برئيسها.
من جهة ثانية عبرت منظمات مدنية مدافعة عن حقوق الإنسان عن قلقها الشديد خشية تردى الأوضاع الصحية للرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبدالله الذي يخضع لحمية غذائية خاصة منذ فترة وقد جاء هذا التصريح على لسان رئيسة منظمة رابطة النساء المعيلات للأسر آمنة بنت المختار التي نظمت مع رئيس منظمة نجدة العبيد بوبكر ولد مسعود يوم أمس زيارة تفقدية لعائلات المعتقلين على خلفية انقلاب السادس من أغسطس 2008
وقد ضمت العائلات المزورة أسرة كل من الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، والوزير الأول يحيى ولد احمد الوقف، ووزير الداخلية محمد ولد ارزيزيم، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي أحمد ولد سيدي باب، ومدير وكالة دمج اللاجئين موسى افال، وقد أوضحت آمنة بنت المختار بأن هذه الزيارة تأتى في إطار اللالتزام الأخلاقي للمنظمتين والقاضي بالدفاع عن حقوق الإنسان بقض النظر عن موقعه أو جنسه أوظيفته كما أوضحت أن هذه الخطوة تأتي لتقديم الدعم المعنوي والنفسي لعائلات المعتقلين الذين تم اختطافهم من بين ذويهم صبيحة يوم الأربعاء الماضي –حسب تعبيرها- دون تقديم تعليل شرعي لسبب هذا الاعتقال، وأكدت من المختار أن أهالي المعتقلين الذين التقتهم-بما في ذلك عقيلة الرئيس السابق ختو بنت البخاري، وابنته آمال- لم يتمكنوا لحد الساعة من معرفة مصير أقاربهم أو مكان اعتقالهم كما حملت رئيسة المنظمة السلطات العسكرية المسؤولية الكاملة لما يمكن أن يصيب هؤلاء الأشخاص خصوصا أن بعضهم يعاني مرض السكري ويخضع لحمية غذائية محددة وقد أكد ذوى موسى فال وأحمد ولد سيد باب رفض معتقيلهم السماح لهم بأخذ أدويتهم أو ملابسهم.


أى مستقل لموريتانيا؟
يرى العديد من المراقبين السياسيين أن الأزمة الحالية تشكل منعطفا خطيرا فى تاريخ البلاد وأن النخبة السياسية والعسكرية أمام أمرين :
1- أولا : أن يتراجع العسكريون عن انقلابهم العسكرى أو يقبلوا بجدول واضح للمرحلة الإنتقالية مع ضمانات جدية لوضع أسس سليمة للديمقراطية فى البلاد وهو أمر مرهون بقوة الجبهة الداخلية الرافضة للإنقلاب على الرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله ومدى امساك الإنقلابيين بزمام المؤسسة العسكرية فى البلاد واستمرار المواقف الدولية الرافضة له وتحديدا الموقف الفرنسى الصارم والذى لوح برفض باريس لأى نتائج مترتبة على الإنقلاب الحالى ورفضها المطلق التعامل مع الإنقلابيين ولو بعد اجراء انتخابات رئاسية فى البلاد .
ثانيا : أن يرفض الجينرال عزيز التنازل عن الحكم أو وجود تسوية وبالتالى ستتجه الأمور الى جهة الحكم الواحد من خلال اجراء انتخابات شكلية يشارك فيها بعض المرشحين القريببن من الجيش وتنتهى بفوز الرئيس الحالى محمد ولد عبد العزيز وبعدها ستشهد البلاد – وفق هذا الطرح – نكسة للحريات الإعلامية والسياسية وسيكون الإسلاميون الخاسر الأكبر فيها خصوصا بعدما تردد من أنباء عن عزم الإنقلابيين مقايضة الإعتراف الخارجى بهم باجراءات وصفت بالسلبية تجاه الإسلاميين المتحالفين مع الرئيس المخلوع والمتصدرين لجبهة الرفض الحالية
---------------------
مقال منشور فى مجلة المجتمع الكويتية بعد انقلاب السادس من أغشت 2008
www.almujtamaa-mag.com

موريتانيا ..حين تضيع الطفولة بسبب الحرمان!!


هذه الصورة لعدد من أطفال العمال العاملين سابقا فى الخطوط الجوية الموريتانية التى أفلست فى عهد الوزير الأول الزين ولد زيدان وقد تجمهروا أمام مقرها بنواكشوط طلبا للمساعدة بعدما انقطعت بهم السبل ..ردد الأطفال بحسرة مطالبهم والتى اهمها توفير دخل لذويهم يجنبهم الإنقطاع المدرسى مع بداية العام الجديد ويوفر لهم ملابس طالما حالفهم الحظ باقتنائها لكن من سيتمع للاطفال فى وقت ضاع فيه الوطن بما يحوى من صغير وكبير؟!!

"بنت حرطان".. ضحية العبودية في موريتانيا


أضمن لك الجنة إذا قبلت أن أدخل بك" هكذا علّلت "توعة بنت أحميدة" سبب حملها من الرجل الذي قالت إنه رفض الاعتراف ببنوة ولدها، ومع ذلك كتمت السر لفترة طويلة بعد أن أقنعها السيد بأنها ستدخل الجنة إذا ما كتمت السر مدى الحياة.المكان نواحي مقاطعة أركيز، الزمان غير محدد للجهل بالتأريخ، والضحايا ثلاث أسر من العبيد أهل "حرطان" وأهل "أبليل" وأهل "إبراهيم".
وتقدمت السيدة الغايبة بنت حرطان بشكوى رسمية ضد "السيد محمدو ولد أحمد باب" أحد سكان قرية "المنحر" التابعة لمقاطعة أركيز إلى فرقة الدرك هناك، حيث أحالتها إلى وكيل الجمهورية في روصو "سيد محمد ولد مولاي أحمد" الذي قرر حفظ الدعوى بحجة عدم كفاية الأدلة بعد أن منعها هي الأخرى من الزواج، وحذر أي عريس يتقدم إليها؛ لأنها ملك يمينه وهو وحده المخول بالدخول بها رافضًا تحريرها حتى الآن رغم المساعي التي بذلتها مع أقاربه وعدد من المقربين من "سيدها" الذي أعاد قصة العبودية للواجهة من جديد.
تطليق الصغيرة
وقد ادعت "الغايبة" في شكواها أن المدعو "محمدو ولد أحمد باب" قرر شن حربًا لا هوادة فيها على الأسر السالفة الذكر بحجة أنهم عبيده الذين ورثهم عن والده، وقد طلب منهم الانتقال من مكان إقامتهم للسكن معه في القرية الجديدة التي انتقل إليها، لكن الأسر رفضت الانتقال معه فكان أول إجراء له أن طلب من إحدى الأسر التي كانت تعمل عندها ابنتهم عاملة منزل أن تطردها، بحجة أنها أمة له ولا يجوز لها أن تشتغل بدون إذنه فاستجابت الأسرة لطلبه.
لكن ذلك لم يكن سوى البداية، حيث لجأ إلى فصل ابنتهم "تيدمات بنت عثمان" من زوجها المدعو "عبد الله ولد السالك"، حيث طلب من ولد السالك طلاق المرأة التي تحته باعتبارها امرأة له، لكن الأول رفض فتوجّه محمدو ولد أحمد باب إلى والد السالك وطلب منه أن يأمر ابنه بتطليق أمته، فطلب الأخير من ابنه تطليق "تيدمات" بحجة أنها أمة وهو حر، ومن غير اللائق به اجتماعيًّا أن يتزوجها فرفض عبد الله ذلك فدخل والده في إضراب مفتوح عن الطعام إلى أن استجاب ابنه.
ليست الأولى
وحسب ما أوردته يومية "أخبار نواكشوط" واسعة الانتشار فإن حالة "تيدمات" ليست هي الأولى، حيث سبق للمدعو محمدو ولد أحمد باب قبل سنوات أن استغل إحدى قريبات الضحية المدعوة "توعة بنت أحميدة" التي ظهر عليها الحمل إبان عملها -دون أجر- عنده وقال لذويها: إنه قد زوجها لشخص مهم وعندما بدأ التحقيق اعترف بدخوله بها، وعندما وضعت تنكر لها وأعادها إلى أهلها برفقة ابنها المدعو الشيخ، وقد ذكرت بأنها قبلت أن يدخل بها معتقدة أنها ستدخل الجنة التي ضمنها لها، بعد ذلك بفترة تزوجت من شخص آخر وأنجبت له أربعة أبناء وتصدى له محمدو من جديد وطلب منه تطليقها، وعرض عليها أن تشتغل له دون أجر على أن يحرر لها أحد أبنائها بعد كل عام من الخدمة، إلا أن زوجها رفض ذلك وطلق زوجته التي قبلت ذلك.
ويثير موضوع السيدة "الغائبة" من جديد موضوع العبودية في موريتانيا والجدل الدائر بشأنه قبل أيام قليلة من دعوة "ولد الشيخ عبد الله" البرلمان الموريتاني الجديد إلى التصديق على قانون يجرم العبودية ويمنع ممارستها بشكل نهائي في البلاد.
قانون ناقص
وكانت المنظمة غير الحكومية الموريتانية "نجدة العبيد" انتقدت مشروع القانون الذي عرضته الحكومة الموريتانية نهاية الشهر الماضي بشأن تجريم العبودية ووصفته بغير الكاف، وقال رئيس المنظمة بوبكار مسعود، أثناء نقاش حول العبودية: "نحن مرتاحون لما تم القيام به وللأجواء التي تسود البلاد ولعزم السلطات الحالية على اجتثاث الرق، غير أننا نعتبر أن المشروع المقترح غير كاف".
ورأى أن "المشروع لا يعطي تعريفًا واضحًا للرق كما هو عندنا. وهو يشير إلى نواح عامة لدى تطرقه إلى قضايا أساسية، وينص على أحكام تقل عما هو محدد لجرائم مماثلة مثل الجرائم ضد الإنسانية".
واقترحت "نجدة العبيد" بالاشتراك مع منظمات غير حكومية موريتانية أخرى للدفاع عن حقوق الإنسان إدخال تعديلات على مشروع القانون وفي مقدمها تشديد أحكام السجن بحق مرتكبي جرائم الاستعباد من 10 إلى 30 عامًا.
كما ستقترح هذه المنظمات على الحكومة اتخاذ إجراءات جانبية "من أجل تطبيق سياسة حقيقية لاجتثاث الرق" وإنشاء وكالة وطنية لمكافحة هذه الظاهرة.وقال مسعود: إنه يعتزم طرح هذه الاقتراحات في وقت "قريب جدًّا" على النواب الموريتانيين، ورغم إلغاء الرق بموريتانيا في العام 1981، لا تزال توجد حالات عبودية في هذه البلاد الصحراوية الواقعة غرب إفريقيا.
وكان رئيس الوزراء الموريتاني زين ولد زيدان قد أشار لدى تقديمه مشروع القانون في 25 حزيران (يونيو) الماضي إلى أن نصوص القوانين بشأن العبودية التي تم اعتمادها في 1981 "لم تلحظ توصيفًا واضحًا للظاهرة ولا تجريمها وقمعها".
وقال: "إن موريتانيا دخلت منعطفًا حاسمًا تهدف من خلاله إلى إزالة كل العاهات الموروثة عن الماضي، وتشجيع ثقافة مساواة وتقبل للآخر ومواطنيه، وتوفير شروط تشجع التقدم الاجتماعي وتحرر جميع الموريتانيين".
ويقترح مشروع القانون الجديد عقوبات سجن تصل إلى 10 سنوات مع النفاذ ويحظر "التلفظ علنًا بعبارات مسيئة تجاه شخص يعتبر من الرقيق".


سيد أحمد ولد باب / نواكشوط

www.islamonline.net

الوالدة الكريم وهى تحمل ابنى الصغير "أحمد"


هذه الصورة للوالدة الكريمة ميجه بنت النان أطال الله فى عمرها وهى تحمل ابنى الصغير "أحمد ولد باب" من أمام مطبخ العائلة المبنى من الطين فى قرية "أكدرنيت" وسط البلاد (80 كلم شرق مدينة لعيون) وهى تتجه الينا أمام المنزل صباحا وقد ألتحق بها قبل ذلك طالبا منها الذهاب معه الى المتجر الذى نمتلكه بالقرية الصغيرة الوادعة حيث يأخذ منه كل يوم بعض حاجيات الأطفال ليعود وقد ملأت تلك الحاجات المتواضعة عليه دنياه المحدودة.
كنت ساعة التقاط الصورة اتلذذ برؤية الوالجة التى أحبتنى كثيرا وربتنى وأنا مثله و تحمله وقد ملأ المشهد وجهها البسيط سرورا وقد ضمت حفيدها الى صدرها ضمة تبعث الأمل فى النفس .ن كان لى من تعليق فهو الدعاء لها بطول العمر وللأسرة بالإستقرار وللطفل بالنجاخ فى الدنيا والآخرة انه ولى ذلك والقادر عليه.

الأحد، ١٢ أكتوبر ٢٠٠٨

بنت أسويلم : أشكو إلى الله جوع أبنائي ونسيان الحكومة (*)

على الطريق الرابط بين أكبر ميناء في موريتانيا والعاصمة نواكشوط وعلى بعد أمتار قليلة من مطاحن نواكشوط الكبرى، تجلس العجوز "مامه بنت أسويلم" وقد خلفت وراءها عقدها الخامس بحثا عن رزق تسوقه الأقدار من فوق متن الشاحنات القادمة من الميناء إلى مخازن الأغذية وسط العاصمة مع العشرات من بنات جلدتها القادمات من حي"الدار البيضاء" الفقير .وعلى الجانب الأيمن تجلس حفيدتها الصغيرة "تسلم" وقد هدها الجوع وهى تتناول شربة ماء كلما أحست بالجوع وتطالب الوالدة بالعودة إلى الحي بعدما أجهدهما التعب وتوقفت الرياح وارتفعت درجة الحرارة في سماء نواكشوط، لكن الوالدة غير مستعجلة بأمر العودة فليس في الحي الفقير النائي ما يغرى ربات الأسر، هذا على الأقل ما استشفيناه من حديث مطول مع الوالدة حاولت خلاله التأدب معنا والتركيز على الأسئلة التى كنا نوجهها من وقت لآخر رغم أزيز الشاحنات وما قد تحمله الرياح لفقيرة معدمة قررت هجر منزلها إلى الشارع بحثا عن قمح يتساقط مع منعرجات الطريق من وقت لآخر كلما مرت شاحنة قادمة من الميناء.

مامه بنت اسويلم عجوز سمراء من ضحايا السنوات السود في موريتانيا جربت العبودية في مطلع شبابها وهجرت الريف إلى العاصمة نواكشوط بحثا عن نسيم حرية قد تحمله لها فضاءات المدينة ولقمة عيش أجبرتها نوازع الحرية على البحث عنها خارج بوتقة الأسياد السابقين.في مقاطعة "الميناء" تمركزت مع العشرات من بنات جلدتها وفى المقاطعة المكتظة بالسكان عاشت لسنوات طويلة على أحلام التمتع بحياة المدينة، وفيها أنجبت وبأبنائها تتمتع اليوم كما تقول رغم ضيق ذات اليد وشغف العيش وهجر بعض الأبناء بسبب ظروفهم الصعبة للحى الفقير.استفادت كالعشرات من قطع أرضية منحتها الدولة الموريتانية للمبعدين من مقاطعة الميناء أو المرحلين منها في حراك اجتماعي أملته مقتضيات العصرنة وفرضته حاجة المقاطعة لكنها لم ترحل إلى مكان صالح للعيش- كما تقول- فقد تم تحويلها إلى حي "الدار البيضاء" حيث يفتقد الحي الجديد لأبسط مقومات الحياة ..الماء..الكهرباء..النقل..الأسواق..الشوارع ..لكنها تحمد الله على أن الحي الجديد وفر لها فرصة للاستقرار في المدينة وشيخ محظرة تطوع بتدريس أبناء الحي الفقير الذي يعتبر الأرقاء السابقين أغلب ساكنته.

عن رحلتها مع "ميناء نواكشوط" ويوميات العمل تقول "مامه بنت اسويلم" للأخبار :"لقد تأخرت في الوصول إلى المنطقة لعدة أشهر بعد اكتشافنا للمورد الوحيد لنا اليوم لكن كانت لدى صديقة أخبرتني بأن نساء الحي اكتشفن فرصة عمل جديدة تتمثل في التمركز قبالة المنعطفات الموجودة على الطريق الرابط بين ميناء نواكشوط و مخازن الأغذية التابعة للدولة أو لتجار المواد الغذائية، وأن الريح عادة ما تحمل بعض حبوب القمح من فوق الشاحنات إلى الأرض وبدلا من أن تترك للحمام البرى باتت تشكل مصدر رزق كريم لعدد من العائلات من خلال جمع الأتربة وتصفية حبات القمح منها وبعد الصبر على العملية أياما يتمكن الشخص من جمع عدة كيلوغرامات من القمح تكفى لإطعام أسرة لأيام.وتضيف :" كانت العملية في البداية صعبة وشاقة، الطريق طويل ،والزاد معدوم وحمل المياه على الأعناق يتعبنا قبل بداية جمع حبوب القمح، كما أن عملية التصفية تحتاج الكثير من الوقت والمبيت في المنطقة شاق بفعل البرودة والخوف من اللصوص خصوصا وأننا جميعا من النساء.لكنها تستدرك قائلة: " الحمد لله ..هكذا الحياة تعب ونصب ولكن القليل مع العافية يكفى والأرزاق بيد الله ..اللقمة الحلال أفضل من كثير الحرام ".تمتلك "مامه بنت اسويلم" وكما تقول في حديثها للأخبار خباءين نصبا على منعطفين ثانويين بينما تمتلك رفيقاتها عدة أخبية في أماكن متقدمة من الطريق وهو ما يجعل حظوظهن في الحصول على كميات من القمح المتساقط على الطريق أكبر لكنها مع ذلك راضية بعملها الذي تمارسه منذو سنتين.وعما تتلقاه هي ورفيقاتها من مساعدات من الحكومة تقول "مامه بنت أسويلم" للأخبار منذ فترة ولم أستمع إلى الإذاعة لكنني سمعت عن "تعاونيات" تلقت مساعدات لكن وكما تعلمون في موريتانيا الفقراء آخر من يستفيد نسمع بذلك لكن والله ما استفدت منه رغم جوع عيالي ". وتتابع بلهجة حسانية أبلغ تعبيرا عن واقعها المتردي ("ذاك شاكيت ألا المولان يعلم أم لعباد ما يعول أعليهم")

سيد أحمد ولد باب _ نواكشوط

"أم الخير" قصة اغتصاب ثم زواج فتاة في السادسة


هي طفلة بكل المقاييس طفلة بالسن، طفلة بالاهتمامات، طفلة حتى بالنظرة والبسمة .. ومع ذلك وجدت نفسها وقد عاشت تجارب الكبار، تزوجت أو على الأصح: زوجت، وطلقت وسافرت خارج وطنها الأصلي، ثم عادت أو أعيدت، حنينا إل الجذور!!.كل هذا و"أم الخير" تحبو إلى ربيعها الثامن، ولدت في العام 2000 لأبوين موريتانيين، هي وحيدة أمها التي كلفها فقدها كل شيء حتى براءة الطفولة.بعد بلوعها السادسة من العمر وجد سيدي محمد ولد التيجاني نفسه مضرا إلى دفع فلذة كبده إلى شقيقته من أجل تربيتها، و"إدخالها المدرسة" .. واختارت العمة طريقا آخر: سافرت بالبنت إلى المملكة العربية السعودية، "لتزوجها من ثري هناك" كما يقول والد الطفلة.

"أم الخيرى" : بعد رحلة الخطف والاغتصاب والزواج القهرى
وبعد فترة من المقام هناك أقدم ابن عمة الفتاة على اغتصابها، مما اضطر العمة إلى تزويجها منه، وبعد شيوع الحادث قام الكفيل السعودي بطرد الجميع.وعادت أم الخير رفقة العمة وقد أصبحت صهرة وأصبح ابنها زوجا، وبعد أن أصبحت الزهرة ذات الثمانية أعوام ربة منزل!!.واختارت العمة مرة أخرى طريق ذات الشوكة فحرمت الوالد الشقيق من رؤية فلذة كبده حينا.. لكن الإصرار فرج أخيرا كربة الطفلة ربة المنزل، وتم "الطلاق" بعد جهد مضن بذله الوالد المكلوم.هي الآن حرة طليقة، لكنها حرة فقط فهي لا تقرأ ولا تكتبن تعاني من إعاقة نفسية، تغيرت الأولويات بالنسبة إلى والدها، وتحول من مواطن ريفي بسيط إلى "مناضل حقوقي" يقول عن نفسه "لن تثنيني أي قبيلة، ولا أي إغراءات من أي نوع عن مواصلة النضال من أجل معاقبة الجناة، وإعادة الاعتبار لابنتي" تم اغتيال طفولة أم الخير بعد أن تخطف الموت أمها، وتم اغتيال أحلام أبيها ببنت متعلمة تساعده على نصب الدهر.. لا يتحدث الآن بمرارة عن أحلامه لوردته الصغيرة .. بل يكفكف العبرة ويعد لاستخلاص حق ابنته الضائع.تنتهي، إلى هذا الحد، قصة "الطفلة المطلقة" أم الخير..لكنها تفتح الباب أمام التساؤل إن هناك آخرون وأخريات عاشوا نفس القصة بتفاصيل مختلفة .. لكن التقاليد الاجتماعية أرغمتهم على السكوت.. والإغضاء على "ظلم ذوي القربى"!!

نقلا عن وكالة الأخبار

www.alakhbar.info

فقراء موريتانيا ..أحلام العيد وقصر الأيدى!!


أمام منزلها المتواضع..وبين صبيتها الذين يتضاغون.. تجلس زينب بنت عمار "تلاطم" عيدان حطب تحت مرجلها الذي يغلي –والله تعالى أعلم بما فيه- وهي أكثر طموحا من سابقاتها؛ رغم ما يبدو على ناصيتها من البؤس والمعاناة، و على صبيانها من مظهر رث يندى له الجبين..فهي تطمح يوم العيد إلى أن يذهب زوجها إلى "المربط" لعله يجد من يسلخ له...أو على الأقل يرى من يهدي له فرسن شاة أو رأسها أو رقبتها، وهي غنيمة عظيمة تعول عليها هذه الأسرة الفقيرة في مواكبة أجواء العيد والتمتع بشيء ولو يسير من متعه..وهو حلم ترجو المرأة المسكينة أن يتحقق ويكون عنوان الاحتفال.


المكان : حى سالم بالدار البيضاء وسط العاصمة الموريتانية نواكشوط

الزمان : قبل يومين من عيد الفطر لسنة 2008

سيد أحمد ولد باب ،موريتانيا

سيد أحمد ولد باب ،موريتانيا

أرشيف المدونة الإلكترونية