
سيد احمد ولد باب / نواكشوط
sid89@hotmail.com
ديم بنت آبه"، "سدوم ولد أده"، "المعلومة بنت الميداح"، "لبابة بنت الميداح"، "علية بنت أعمر".. هذه الأسماء ليست لزعماء سياسيين في موريتانيا، وإنما لمطربات ومطربين برزوا كنجوم مع انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة، نظرا للرواج الكبير للأغاني والأشعار كأدوات دعاية رئيسية لمختلف المرشحين بمن فيهم الإسلاميون.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات يوم 19 نوفمبر الجاري، بمشاركة أكثر من 1600 لائحة (قائمة انتخابية) من 25 حزبا سياسيا وكتلة مستقلة.
ويتنافس في الانتخابات البلدية 1224 لائحة لانتخاب المجالس المحلية في 216 بلدية، فيما تتنافس 443 لائحة على مقاعد البرلمان، وعددها 95، ضمنها لائحة وطنية تتألف من 14 نائباً ينتخبها جميع الناخبين على المستوى الوطني.
ومن أبرز المطربين الكبار الذين استعانت بهم الأحزاب السياسية للترويج لمرشحيها بالحملة الانتخابية التي بدأت يوم الجمعة الماضي، الفنانة الشهيرة "ديم بنت آبه" التي اختارها حزب "الاتحاد والتغيير" (حاتم)، بزعامة الرائد السابق صالح ولد حننا، لتغني نشيدا خاصا به، وأشعارا للائحته الوطنية على مستوى الانتخابات البرلمانية.
وحزب "الاتحاد والتغيير" امتداد لتنظيم فرسان التغيير العسكري المعارض والذي وُلِد داخل المؤسسة العسكرية.
ويعلق ولد سيد مولود، عضو المكتب التنفيذي للحزب، على اختيار "ديم بنت آبه" بقوله: "اخترناها لجمال صوتها ولعراقة أسرتها في الفن ولتميزها بين الفنانين الموريتانيين.. إنها إضافة نوعية للحزب من شأنها المساعدة في ترويج خطاب أردناه متميزا في أدائه ومتناغما مع رغبات الناخبين".
وإلى جانب "ديم بنت آبة"، هناك العشرات ممن حظوا بعقود عمل لتلحين وغناء مقاطع شعرية لمرشح يطمح في كسب أصوات الناخبين.
ومن الفنانات الأخريات "سدوم ولد أده"، "المعلومة بنت الميداح"، "وعلية بنت أعمر تيشيت"، و"كمبان بنت أعل وركان".. وغيرهن.
صغار المطربين يفضلون العودة إلى مواطنهم الأصلية في الداخل، بعيدا عن جو المنافسة الشرس في العاصمة نواكشوط، لعلهم يحظون بعقود مع مرشحين في الانتخابات البلدية وإن كانت أقل قيمة من الناحية المادية.
وتتولى الأحزاب السياسية إنتاج أشرطة غنائية خاصة بها وتوزعها على كوادرها في الدوائر الانتخابية المختلفة، للاستفادة منها في الترويج لمرشحيها قبل كل مهرجان انتخابي.
ارتفاع أسعار الأغاني
إحدى الفرق الغنائية تقدم عروضها فى منتدى انتخابى
المنافسة المحتدمة بين المرشحين وإقبالهم المتزايد على الأغاني والأشعار كان لها مردودها على ارتفاع سعر الألحان، والذي بلغ أعلى معدلاته مع بداية الأسبوع الجاري، حيث بلغ سعر لحن الأغنية الواحدة مليون أوقية (3750 دولارا) خصوصا إذا كان المطرب مشهورا.
ووسط تلك المنافسة يحاول صغار الفنانين الاستفادة من خفض أسعار أغنياتهم إلى النصف، ويصل الأمر ببعض الفرق الموسيقية الصغيرة إلى تلحين الأغنية الواحدة بما يعادل 300 دولار.
المنافسة بين المرشحين ألقت بظلالها أيضا على أسعار المقطوعات الشعرية، سواء كانت باللغة العامية أو الفصحى، فوصل سعر المقطوعة إلى 150 ألف أوقية (600 دولار) بينما يختار صغار المرشحين قطعا شعرية يناهز سعرها المائتي دولار.
"لا للبيع"
رغم هذه الأجواء التنافسية الشديدة يرفض بعض الشعراء بيع مقاطعهم الشعرية أو مدح "كل من هب ودب" من المرشحين.
من بين هؤلاء "محمد محمود ولد أحمد الشيخ"، أحد الشعراء الشباب الذين يؤيدون التيار الإسلامي، والذي قال لـ"إسلام أون لاين.نت": "الكثير من المرشحين يريدونني أن أكتب لهم مقطوعات شعرية، لكنني أرفض ذالك، فلست ممتهنا بيع الشعر".
لكن "ولد أحمد الشيخ" مستعد لدعم مرشحي التيار الإسلامي فقط ببعض المقاطع الشعرية، وكذلك بالمال والنفس، وقال: إن ذلك يأتي ضمن التزامه السياسي.
وتشكل التيار الإسلامي خلال العقود الثلاثة الماضية، ومرّ بالعديد من المراحل السياسية ويغلب عليه "التيار الإسلامي الوسطي" القريب من فكر الإخوان المسلمين.
وتدور الأشعار والأناشيد الخاصة بالإسلاميين الوسطيين في مجملها حول التمسك بالدين والتعهد بالإصلاح.
ويقول مقطع إحدى القصائد الشهيرة التي تروج لهذا التيار:
كرتك يل تبغيه تزيلك ش فالحين
حذرك من تعطيه كون الإصلاحيين
أزرك للتنمي للديمقراطي
صوت للحري للأمان للدين
"ظاهرة صحية"
"السيد ديدي ولد أحبيب"، حاصل على الماجستير في الأدب المعاصر من جامعة محمد الخامس بالرباط، يعتبر أن ارتفاع أسعار ورواج القطع الشعرية الدعائية "ظاهرة صحية".
وعزا ولد أحبيب ذلك إلى "التنافس الشديد في الاستحقاقات النيابية والبلدية، وطبيعة المجتمع الذي يتميز بعشقه للأغاني الحماسية وتعلقه بالشعر".
أما "ولد سيد مولود"، وهو من الشباب القلائل الذين درسوا الفن الشعبي دون أن يكون منتميا لأحد الأسر الفنية الشهيرة، فلا يرى في التدين مانعا من سماع الأغاني الحماسية وخصوصا في المناسبات العامة.
الإقبال المتزايد على المطربين المشهورين دفع بعضهم إلى الغناء لمرشحين متنافسين، وهو ما اعتبره ولد أحبيب "أمرا لا حرج فيه" أيضا.
وقال لـ"إسلام أون لاين.نت": "المسألة دليل على حياد المطرب في الاستحقاقات الجارية بوصفه ملكا للجميع وفوق كل الاعتبارات السياسية".
ويضرب "ولد أحبيب" مثلا على الحياد بقوله: "أنا مثلا أقدر المطربة المعلومة بنت الميداح (تشتهر بأغانيها السياسية الملتزمة) لموقفها الرائد سنة 2003، حينما غنت لمرشح الرئاسة السيد محمد خونه ولد هيدالة، المدعوم من التيار الإسلامي، رغم معارضتها الشديدة له".
لكنه يؤكد على أهمية ابتعاد المطربين عن الترويج للمرشحين المشهورين بالتطبيع مع إسرائيل بقوله: "إلا المفسدين أو الشخصيات المشهورة بالتطبيع مع إسرائيل".
ويعتبر "ولد أحبيب" أن "الأمر في هذه الحالة مختلف تماما، فلا يجوز بحال من الأحوال أن يسهم المطرب في حملة مرشح اشتهر بالفساد المالي أو الأخلاقي أو عرف بالتطبيع مع إسرائيل؛ فالأمر هنا يتعلق بمصلحة وسمعة بلد ولا يمكن التفريط فيها باسم الحياد أو لأجل المال".
وللشعر في موريتانيا مكانة خاصة، فقد عرفت البلاد منذ القدم بـ"بلاد المليون شاعر"، فللشعر سلطة وسيادة اجتماعية وثقافية نادرة الوجود في بلد آخر.
وقد دعمت المحاضر، وهي المدارس التقليدية، عشق الموريتانيين الكبير للشعر، فيجبر منهجها الدراسي الطلاب على حفظ عشرات الدواوين الجاهلية والإسلامية، وحكايات الأدب من مقامات وسير وأراجيز.
ديم بنت آبه"، "سدوم ولد أده"، "المعلومة بنت الميداح"، "لبابة بنت الميداح"، "علية بنت أعمر".. هذه الأسماء ليست لزعماء سياسيين في موريتانيا، وإنما لمطربات ومطربين برزوا كنجوم مع انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة، نظرا للرواج الكبير للأغاني والأشعار كأدوات دعاية رئيسية لمختلف المرشحين بمن فيهم الإسلاميون.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات يوم 19 نوفمبر الجاري، بمشاركة أكثر من 1600 لائحة (قائمة انتخابية) من 25 حزبا سياسيا وكتلة مستقلة.
ويتنافس في الانتخابات البلدية 1224 لائحة لانتخاب المجالس المحلية في 216 بلدية، فيما تتنافس 443 لائحة على مقاعد البرلمان، وعددها 95، ضمنها لائحة وطنية تتألف من 14 نائباً ينتخبها جميع الناخبين على المستوى الوطني.
ومن أبرز المطربين الكبار الذين استعانت بهم الأحزاب السياسية للترويج لمرشحيها بالحملة الانتخابية التي بدأت يوم الجمعة الماضي، الفنانة الشهيرة "ديم بنت آبه" التي اختارها حزب "الاتحاد والتغيير" (حاتم)، بزعامة الرائد السابق صالح ولد حننا، لتغني نشيدا خاصا به، وأشعارا للائحته الوطنية على مستوى الانتخابات البرلمانية.
وحزب "الاتحاد والتغيير" امتداد لتنظيم فرسان التغيير العسكري المعارض والذي وُلِد داخل المؤسسة العسكرية.
ويعلق ولد سيد مولود، عضو المكتب التنفيذي للحزب، على اختيار "ديم بنت آبه" بقوله: "اخترناها لجمال صوتها ولعراقة أسرتها في الفن ولتميزها بين الفنانين الموريتانيين.. إنها إضافة نوعية للحزب من شأنها المساعدة في ترويج خطاب أردناه متميزا في أدائه ومتناغما مع رغبات الناخبين".
وإلى جانب "ديم بنت آبة"، هناك العشرات ممن حظوا بعقود عمل لتلحين وغناء مقاطع شعرية لمرشح يطمح في كسب أصوات الناخبين.
ومن الفنانات الأخريات "سدوم ولد أده"، "المعلومة بنت الميداح"، "وعلية بنت أعمر تيشيت"، و"كمبان بنت أعل وركان".. وغيرهن.
صغار المطربين يفضلون العودة إلى مواطنهم الأصلية في الداخل، بعيدا عن جو المنافسة الشرس في العاصمة نواكشوط، لعلهم يحظون بعقود مع مرشحين في الانتخابات البلدية وإن كانت أقل قيمة من الناحية المادية.
وتتولى الأحزاب السياسية إنتاج أشرطة غنائية خاصة بها وتوزعها على كوادرها في الدوائر الانتخابية المختلفة، للاستفادة منها في الترويج لمرشحيها قبل كل مهرجان انتخابي.
ارتفاع أسعار الأغاني
إحدى الفرق الغنائية تقدم عروضها فى منتدى انتخابى
المنافسة المحتدمة بين المرشحين وإقبالهم المتزايد على الأغاني والأشعار كان لها مردودها على ارتفاع سعر الألحان، والذي بلغ أعلى معدلاته مع بداية الأسبوع الجاري، حيث بلغ سعر لحن الأغنية الواحدة مليون أوقية (3750 دولارا) خصوصا إذا كان المطرب مشهورا.
ووسط تلك المنافسة يحاول صغار الفنانين الاستفادة من خفض أسعار أغنياتهم إلى النصف، ويصل الأمر ببعض الفرق الموسيقية الصغيرة إلى تلحين الأغنية الواحدة بما يعادل 300 دولار.
المنافسة بين المرشحين ألقت بظلالها أيضا على أسعار المقطوعات الشعرية، سواء كانت باللغة العامية أو الفصحى، فوصل سعر المقطوعة إلى 150 ألف أوقية (600 دولار) بينما يختار صغار المرشحين قطعا شعرية يناهز سعرها المائتي دولار.
"لا للبيع"
رغم هذه الأجواء التنافسية الشديدة يرفض بعض الشعراء بيع مقاطعهم الشعرية أو مدح "كل من هب ودب" من المرشحين.
من بين هؤلاء "محمد محمود ولد أحمد الشيخ"، أحد الشعراء الشباب الذين يؤيدون التيار الإسلامي، والذي قال لـ"إسلام أون لاين.نت": "الكثير من المرشحين يريدونني أن أكتب لهم مقطوعات شعرية، لكنني أرفض ذالك، فلست ممتهنا بيع الشعر".
لكن "ولد أحمد الشيخ" مستعد لدعم مرشحي التيار الإسلامي فقط ببعض المقاطع الشعرية، وكذلك بالمال والنفس، وقال: إن ذلك يأتي ضمن التزامه السياسي.
وتشكل التيار الإسلامي خلال العقود الثلاثة الماضية، ومرّ بالعديد من المراحل السياسية ويغلب عليه "التيار الإسلامي الوسطي" القريب من فكر الإخوان المسلمين.
وتدور الأشعار والأناشيد الخاصة بالإسلاميين الوسطيين في مجملها حول التمسك بالدين والتعهد بالإصلاح.
ويقول مقطع إحدى القصائد الشهيرة التي تروج لهذا التيار:
كرتك يل تبغيه تزيلك ش فالحين
حذرك من تعطيه كون الإصلاحيين
أزرك للتنمي للديمقراطي
صوت للحري للأمان للدين
"ظاهرة صحية"
"السيد ديدي ولد أحبيب"، حاصل على الماجستير في الأدب المعاصر من جامعة محمد الخامس بالرباط، يعتبر أن ارتفاع أسعار ورواج القطع الشعرية الدعائية "ظاهرة صحية".
وعزا ولد أحبيب ذلك إلى "التنافس الشديد في الاستحقاقات النيابية والبلدية، وطبيعة المجتمع الذي يتميز بعشقه للأغاني الحماسية وتعلقه بالشعر".
أما "ولد سيد مولود"، وهو من الشباب القلائل الذين درسوا الفن الشعبي دون أن يكون منتميا لأحد الأسر الفنية الشهيرة، فلا يرى في التدين مانعا من سماع الأغاني الحماسية وخصوصا في المناسبات العامة.
الإقبال المتزايد على المطربين المشهورين دفع بعضهم إلى الغناء لمرشحين متنافسين، وهو ما اعتبره ولد أحبيب "أمرا لا حرج فيه" أيضا.
وقال لـ"إسلام أون لاين.نت": "المسألة دليل على حياد المطرب في الاستحقاقات الجارية بوصفه ملكا للجميع وفوق كل الاعتبارات السياسية".
ويضرب "ولد أحبيب" مثلا على الحياد بقوله: "أنا مثلا أقدر المطربة المعلومة بنت الميداح (تشتهر بأغانيها السياسية الملتزمة) لموقفها الرائد سنة 2003، حينما غنت لمرشح الرئاسة السيد محمد خونه ولد هيدالة، المدعوم من التيار الإسلامي، رغم معارضتها الشديدة له".
لكنه يؤكد على أهمية ابتعاد المطربين عن الترويج للمرشحين المشهورين بالتطبيع مع إسرائيل بقوله: "إلا المفسدين أو الشخصيات المشهورة بالتطبيع مع إسرائيل".
ويعتبر "ولد أحبيب" أن "الأمر في هذه الحالة مختلف تماما، فلا يجوز بحال من الأحوال أن يسهم المطرب في حملة مرشح اشتهر بالفساد المالي أو الأخلاقي أو عرف بالتطبيع مع إسرائيل؛ فالأمر هنا يتعلق بمصلحة وسمعة بلد ولا يمكن التفريط فيها باسم الحياد أو لأجل المال".
وللشعر في موريتانيا مكانة خاصة، فقد عرفت البلاد منذ القدم بـ"بلاد المليون شاعر"، فللشعر سلطة وسيادة اجتماعية وثقافية نادرة الوجود في بلد آخر.
وقد دعمت المحاضر، وهي المدارس التقليدية، عشق الموريتانيين الكبير للشعر، فيجبر منهجها الدراسي الطلاب على حفظ عشرات الدواوين الجاهلية والإسلامية، وحكايات الأدب من مقامات وسير وأراجيز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق