الخميس، ١٦ أكتوبر ٢٠٠٨

ولد منصور ..حان وقت إشراك الإسلاميين في العملية السياسية

حوار: سيد أحمد ولد باب Sid89@maktoob.com
من أبرز معارضي النظام السابق خلال عقدين من الزمان، وكعادة الظالم يحاول أن يكمم أفواه من يتكلم الصدق فاعتقل عدة مرات حتى أصبح مطارداً من قبل السلطات، ولكن دولة الظلم لا تدوم ، فأراد الله أن ينقشع هذا الظلام وجاء فجر عهد جديد بعد الإطاحة بالنظام القمعي البائد.محمد جميل ولد منصور سياسي بارز ومن قيادات الحركة الإسلامية في موريتانيا، التقته المجتمع وكان هذا الحوار:
في 3 أغسطس الجاري أطيح بالرئيس ولد الطايع في انقلاب عسكري، هل أنتم راضون عن هذا؟ وهل لكم دور فيه؟
أخي الكريم، نحن كنا ومازلنا نتبنى المنهج السلمي في التغيير وإننا نرفض العنف كوسيلة للوصول إلى السلطة أو المحافظة عليها، ولكننا قلنا بصراحة: إن النظام السابق بممارساته وسلوكه وتصرفاته دفع الناس إلى مسلك وحيد، لقد أغلق كل الأبواب فلجأ الناس إلى الباب المحرم وهو التغيير بالقوة. ونحن نعبر عن ارتياحنا لإزالة مستبد كان يحكم البلد رغماً عن شعبه، كما أننا نعبر عن التصريحات التي أعلنها المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية ونرجوه أن يكون عند حسن ظن شعبه، وأن يلتزم بهذه المرحلة الانتقالية وبذلك الحياد التام تجاه الفرقاء السياسيين. وعلى كل حال ليس هناك ما يدعونا إلى الشك بشأن هذه الإعلانات لأن حسن الظن مقدم وخصوصاً في هذه المرحلة لأن الموريتانيين يريدون أن يصدقوا هذا الأمل وألا ينحرفوا به عن مساره. أما دورنا في هذه العملية، فالتغيير عادة عندما يحدث في بلد هناك من يهيئ له وهناك من يباشرونه، أو ما يسمى بخلق شروط التغيير.
وأعتقد أننا كإسلاميين ساهمنا بدور في بعث مقدمات التغيير بمعارضتنا للنظام وكشفنا لمساوئه ووقوفنا أمامه وتحملنا لضرباته وقمعه واستمرارنا في الحملات الموجهة ضد فساده.
كيف تنظرون إلى الحكومة الجديدة؟
وهل كانت على مستوى طموح المعارضة؟الحقيقة لست راضياً عن الحكومة الجديدة، لقد فوجئت بها، كنا ننتظر غيرها، وكنا ننتظر وجوها وشخصيات لا يوجد شك فيها على الأقل أغلبها لم تكن لها سوابق مع النظام البائد، ومع ذلك نسجل باهتمام أن كثيراً ممن صاحب النظام السابق كانوا أكثر نزاهة. وبالتالي نعتقد أنها لاتصل إلى مستوى الطموح لكن لا تدفع بالضرورة إلى اليأس، وننتظر أفعالها بعد أن عرفنا أشخاصها وسنحكم عليها بناءً على ذلك.
ولكن كيف تقيمون تعاطي المجلس العسكري مع القوى السياسية حتى الآن؟
أعتقد أنه بدأ بالفعل، استقبال الأحزاب وهيئات المجتمع المدني، والإعلان عن اللجنة الوطنية للانتخابات وعدم ترشح أي من أعضاء المجلس العسكري والحكومة في الانتخابات القادمة، كلها مؤشرات أساسية في العلاقة بين السلطة والسياسيين في المرحلة الجديدة.
وقد يحتاج الأمر إلى أن يكون أكثر مؤسسية بخلق إطار للتشاور الدائم والتواصل مع الأحزاب السياسية بحل الملفات العالقة بسرعة لكي نتمكن من الحكم الإيجابي المطلق على علاقة السلطة الجديدة بالقوى السياسية عموماً وأحزاب المعارضة خصوصاً.
نود أن نعرف ما الذي دار في العاصمة السنغالية دكار؟ وما الأطراف المدعوة للاجتماع ؟
لقد وصلتني دعوة من السلطات السنغالية أن هناك اجتماعاً سيعقده الرئيس السنغالي "عبد الله واد" مع بعض شخصيات المعارضة، وبادرت بالاستجابة لسببين:الأول: لأهمية الدور السنغالي في المنطقة باعتباره جاراً وباعتبار أن الرجل لديه تجربة في التعاطي مع الأزمات السياسية في المنطقة.والثاني: لعلها فرصة لمناقشة بعض الأطراف المعارضة في الخارج فيما يمكن أن يحقق مسعى سياسياً يخدم عملية الانتقال الديمقراطي بشكل سلس لا يؤدي إلى ردات الفعل غير المحسوبة، وفى نفس الوقت يلتزم بالمواقف المبدئية للمعارضة الموريتانية، ولقد حضرت الاجتماع والتقيت الرئيس السنغالي وبعض المسؤولين ودار النقاش حول الوضع في موريتانيا وأسس العملية الانتقالية فيها.
بفضل الله سبحانه وتعالى كانت المناقشات مرنة ومعتدلة انعكست نتائجها حيث خصصت فقرة للنقاط المتعلقة بعفو وطني شامل، واحترام الانتقال الديمقراطي السلمي خلال السنتين المعلنتين وفتح وسائل الإعلام وإشراك مختلف الأطراف السياسية بدون استثناء والاعتراف الفوري بالأحزاب الممنوعة وتضمين الدستور جملة من القضايا الاجتماعية تتعلق بهوية البلد ووحدته الوطنية والحريات الفردية والوطنية.
البعض يرى أن اجتماعات دكار جاءت بإيعاز من المجلس العسكري، لماذا لا تتحاورون في الداخل بدلاً من اللجوء إلى الخارج ؟
بالنسبة لبعض الأطراف الموجودة في الخارج فإن بعضهم محكوم عليه والبعض لا يزال متابَعاً وينتظر العفو لدخول البلاد، أما نحن فلم نأت للسنغال لنبحث عن وسيط، ولكننا أتينا لحضور اجتماع تشاوري مع رئيس له الاحترام في المنطقة وفى المحيط الإقليمي، أما علاقاتنا السياسية هنا بالنظام فنديرها ونحركها بشكل مباشر بلا وسيط ودون اللجوء إلى طرف ثالث.
ما موقف الإسلاميين من العلاقة مع الكيان الصهيوني؟
موقفنا من العلاقات مع الكيان الصهيوني لا تردد في شأنه، ليس مبنياً على أن ولد الطايع هو الذي أقام هذه العلاقة وبالتالي نرفضها حين يقيمها هو ونقبلها حين يقيمها غيره. موقفنا منها أنها علاقة مع دولة معتدية لا وجود لها من الناحية الأخلاقية، لأنها احتلت أرض الغير وانتهكت حرماتهم فالموقف مستمر وثابت، وبالتالي سنستمر في موقفنا، ونعتقد أن قطع العلاقة مع الكيان الصهيوني بند أساسي من بنود الإصلاح. ما أولويات الإسلاميين في المرحلة القادمة بعد الإطاحة بنظام ولد الطايع؟هناك أولويات وطنية بين التيار الإسلامي وغيره وهو إصلاح ما يمكن إصلاحه خلال المرحلة الانتقالية، وضمان مرحلة انتقالية جدية تؤدي إلى دولة عاقلة ديمقراطية، وتطبيع العلاقات بين مختلف مكونات الشعب الموريتاني العرقية وتوجهاته السياسية والتوصل إلى الحلول التي قد تؤثر على النسيج الوطني والاجتماعى للبلد. هذه هي أولوياتنا في المرحلة الانتقالية الحالية، لأننا نعتقد أن هذه الأمور تشكل أهدافاً حقيقية وأصيلة في ديننا الإسلامي .
هل حان الوقت لإشراك الإسلاميين في العملية السياسية، والترخيص لحزب إسلامى؟
لقد حان وقت إشراك الإسلاميين في العملية السياسية من قبل ولكن سياسات النظام الظالمة وإقصاؤه هو الذي منعنا من ذلك، نحن نتحدث عن حزب سياسي وطني مدني ذي مرجعية إسلامية، والأمر أصبح محسوماً في كثير من بلدان العالم الإسلامي بل حتى الدوائر الغربية بدأت تتفهمه لأنه يعبر عن حقيقة شعبية قائمة، ونعتبر أنفسنا من أكثر الأطراف فهماً لمعاني الشراكة والبعد عن الاحتكار في العملية السياسية مهما كانت قوتنا السياسية أو بعدنا الشعبي، كما أننا بطبيعتنا إيجابيون نفضل المشاركة على المقاطعة حتى في الأجواء المريضة، وإذا كانت هناك أجواء سياسية سليمة في البلد بالتأكيد سنكون من المشاركين فيها ببعض الضوابط:
أولها: خدمة الإسلام ومصلحته .
ثانيها: رعاية مصالح الوطن وأولوياته.
ثالثها: الحفاظ على الوحدة الوطنية والانسجام بين مكونات الشعب.
بعد رحيل ولد الطايع، هل تعترفون بالعلاقة بتنظيم فرسان التغيير العسكري وبتدبير ثلاث محاولات انقلابية على النظام المخلوع؟
عندما ظهرت أسماء من الشباب الذين قيل ساعتها إنهم محسوبون على التيار الإسلامي في المحاولات اللاحقة على المحاولة الأولى لتنظيم فرسان التغيير، قلنا وبشكل صريح: إن التيار الإسلامي تيار واسع وإن هذا التيار معروف من يمثله ومن يتحدث باسمه، وإذا ظهرت حالات فردية فأصحابها يعبرون عن أنفسهم ولا يعبرون عن التيار الإسلامي من الناحيتين الحركية والسياسية، وقلنا أيضاً: إن الحالة التي كان يعيشها البلد وحالة الانسداد السياسي وحالة الظلم الاجتماعى والاستهداف العرقي والتخريب الاقتصادى واستهداف الهوية والقيم والأخلاق، كل هذه الأمور تدفع كل أبناء الوطن إلى الالتحاق بأي عمل من شأنه أن يغير هذا الوضع. وحينما سئلنا عن موضوع فرسان التغيير قلنا كما قلنا الآن مع المجلس العسكري بأنه رغم رفضنا المبدئي للانقلابات العسكرية والعنف كوسيلة للتغيير، فإننا نتفهم الظروف الموضوعية التي دفعت مجموعة من الضباط الشباب للتضحية بحياتهم لأنه لم يترك لهم ولا لغيرهم سبيلاً سوى هذا السبيل.
ومازلنا نعتبر أن تنظيم فرسان التغيير تنظيم عسكري تحمل أصحابه كثيراً من الأمور في سبيل الوصول إلى أهدافهم وأعتقد أيضاً أنهم ساهموا بدورهم مساهمة كبرى في تهيئة الأجواء لما حدث لاحقاً لأنهم حركوا المفتاح في القفل المغلق وبالتالي سهلوا عملية التغيير لغيرهم وهيؤوا الأرضية لما حدث.
مشاركتكم في اجتماعات "دكار".. هل هي محاولة لحلحلة ملف الفرسان أم لحلحلة ملف الإسلاميين؟
سيكون لنا شرف كبير إذا تمكنا من حلحلة ملف الفرسان وسيكون لنا شرف كبير إذا نجحنا في مزيد من التفاهم بين مختلف مكونات البلد العسكرية والمدنية. الآن يوجد ملف عالق وهو ملف مجموعة المعتقلين العسكريين والمدنيين في السجن المدني بالعاصمة نواكشوط وفعلاً حتى تكتمل الفرحة، ويقتنع الموريتانيون بأن عهداً جديداً قد بدأ ووضعاً جديدًا قد عاشه الموريتانيون لابد من إطلاق سراح هؤلاء بعفو شامل يضمن لهم ولغيرهم المشاركة في المرحلة القادمة.

ليست هناك تعليقات:

سيد أحمد ولد باب ،موريتانيا

سيد أحمد ولد باب ،موريتانيا

أرشيف المدونة الإلكترونية