أجرى الحوار في نواكشوط سيد أحمد ولد باب
رغم النداءات والدعوات التي أطلقت من مختلف أنحاء العالم الإسلامي لإطلاق سراحه، ورغم أن الظلم والقهر والطغيان أصم آذانه أمام كل هذه المحاولات، إلا أن الله استجاب لدعاء المخلصين، فكشف الغمة وحرر المخلصين من عباده.في سجن مدني وسط العاصمة نواكشوط مكث الشيخ محمد الحسن ولد الددو أربعة أشهر معزولاً عن العالم في زنزانة انفرادية رغم حالته الصحية الصعبة، إلى أن جاء انقلاب 3 أغسطس 2005م ليضع حداً للظلم والقهر وليطلق سراح الشيخ الددو بعد سنوات من الظلم واظهاد العلماء.م التقته في منزله رغم توافد مئات المهنئين، ودار هذا الحوار:
نود أن نطمئن على وضعكم الصحي؟
في البداية أشكر مجلة المجتمع على اهتمامها بأخبار العالم الإسلامي عامة وعلى ما قامت به في سبيل الوقوف إلى جانبي أثناء اعتقالي خاصة، أما عن الحالة الصحية فأنا مصاب منذ زمن بقرحتين بالمعدة إحداهما على العرق الأساسي في المعدة، وقد أكد الأطباء ضرورة إجراء عملية جراحية في القريب العاجل لإزالة جزء من المعدة.وهى عملية ليست معقدة، ولكن خطورتها تكمن في بقاء القرحة، لأنني أتقيأ بعض الدم وفى ذلك بعض الخطر، كما أن البكتريا المسببة لذلك في المعدة ينميها السهر والروائح الكريهة وهو ما تعرضت له كثيراً طيلة أربعة أشهر من الاعتقال حيث كنت أسكن في زنزانة عبارة عن حمام بجانبه مطبخ السجن والذي يستعملون فيه الحطب لطهي الطعام فتأثرت بحرارة الجو والروائح والدخان المتصاعد من المطبخ، كما أن إزعاج الدوريات العسكرية للسجناء فاقم هو الآخر من الوضع حيث كنت لا أستطيع النوم إلا قليلاً.
كيف تفسرون السقوط المفاجئ للنظام الموريتاني؟ وهل أنتم مرتاحون لما حدث؟
هذا أمر لا يحتاج إلى تفسير فسنة الله في الحياة هكذا تغير وتبدل، والدنيا لا يستقر فيها شيء على حال، ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك.وليس الأمر مفاجأة، فقد أسقط بانقلاب ناجح سبقه العديد من المحاولات الانقلابية الفاشلة، وقد جاء الانقلاب بعد أن باءت محاولات التغيير السلمي بالفشل نتيجة التزوير وغير ذلك.أما ما حدث فكل البيانات التي صدرت حتى الآن عن المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، تجسد أملاً لدى الشعب الموريتاني، ولذلك فهي محل إجماع من مختلف القوى السياسية ولم نلمس أي معارضة لها داخل البلاد حتي الآن.
فالشعب يريد أن تكون هذه المرحلة مرحلة انتقالية، وألا تطول مدتها وأن تشرف خلالها لجنة مستقلة على انتخابات نزيهة، وأن تتاح الحرية للجميع، وألا يترشح أعضاء المجلس في الانتخابات القادمة وهذا ما تعهدوا به للأحزاب والقوى السياسية.ونحن نرجو أن يوفوا بالتزاماتهم وتعهداتهم، وإن تصرفاتهم في المستقبل على المحك، فما جاء منها مجسداً لهذا الأمل وسائراً في طريقه فنحن نرحب به ويرحب به الشعب عموماً، وما كان مغايراً لذلك فسيرفض كما رفض نظيره في الفترات السابقة. أنتم كتيار إسلامي عانى كثيراً من الحكم السابق، ما أولوياتكم في المرحلة الحالية؟نحن جزء من الشعب الموريتاني ولسنا مستقلين عنه، وأولوياتنا هي أولويات الشعب، من استتباب للأمن إلى تطبيق حقيقي للديمقراطية ونشر الحرية بين الناس مع تساوى للفرص ومراقبة شفافة لعمل السلطات الانتقالية مع استقلال للقضاء. كما نسعى إلى تحقيق أمن الاجتماعي بين أبناء الوطن والحفاظ على الممتلكات العمومية ومقدرات الوطن.
هناك بعض رموز النظام السابق متورطة في قضايا فساد مالي وجرائم حقوق الإنسان، برأيك.. كيف يكون التعامل الأمثل مع مثل هذه القضايا؟
نحن دعاة لا قضاة.. وهذا أمر يسأل عنه القضاة وحكام البلاد، أما نحن فندعو للتسامح والعفو وإصلاح ذات البين وترابط هذا الشعب، وأن يكفل لكل إنسان حقه، والرئيس السابق مواطن يمكنه العيش في بلده إذا رغب في ذلك، وعلى الجميع أن يكفلوا له حريته كغيره من المواطنين الموريتانيين.
أنتم كإسلاميين هل ستسعون إلى الشرعية في ظل العسكر بعد أن حرمتموها في ظل المدنيين؟
الواقع الآن ليس ظلاً للعسكر، وإنما هي فترة انتقالية أصحابها كما أعلنوا جاؤوا من أجل الإصلاح ونحن أول المرحبين به، ونحن فعلا نسعى إلى حقوقنا بكل الوسائل السلمية المتاحة، ونرجو أن يفي المجلس العسكري بالتزاماته المعلنة وإذا وفى بها فسننال حقوقنا كغيرنا من قوى الشعب الأخرى. هل ستتصلون بقادة المجلس العسكري لإنهاء كل الإجراءات التي وضعت أمام حرية الدعوة إلى الله في العهد السابق؟أصل الأمور هو بقاء شرعيتها لأن تشريعها إنما هو من عند الله وليس لأي سلطة الحق في تحريمها وبالتالي لا تحتاج إلى إذن من أحد. كيف ستتعاطون في المرحلة القادمة مع ملف العلاقة مع الكيان الصهيوني؟نحن باقون على مواقفنا كما كانت، نرفض العلاقة مع الكيان الصهيوني وندعو إلى قطعها باستمرار، لكن هذه الأمور تحتاج إلى مرحلية ودراسة وترتيب أولويات والإصلاح لا يأتي دفعة واحدة فقد قال ابن عمر بن عبد العزيز له: "إنك وليت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولازلنا نرى بعض مظاهر الفساد فيها"، فقال: "يا بنى ألا يكفيك أن يكون أبوك كل يوم في إحياء سنة وإماتة بدعة". فالأمور لا تأتى إلا بالتدرج فتلك سنة الله في الكون. خلال اعتقالك أصدر عشرات العلماء وقادة الحركات الإسلامية بيانات تطالب بإطلاق سراحك، ماذا تقول لهم الآن بعد أن خرجت من السجن؟أشكرهم جميعاً على ما قاموا به وقد كان من حسن ظنهم ومن فضلهم هم كما قال الشافعي عليه رحمة الله:قالوا يزورك أحمد وتزورهقلت الفضائل لا تغادر منزلهإن زارني بلفضله أو زرتهفلفضله فالفضل في الحالين له.وأسال الله تعالى أن يثيبهم وأن يتقبل منهم وشكراً.
الشيخ ولد الددو في سطور
محمد الحسن ولد محمد الملقب ب"الددو".ولد نهاية شهر أكتوبر 1963م في البادية التابعة لمقاطعة أبي تلميت.بدأ دراسة القرآن الكريم في سن الخامسة وأكمله بعد تجاوز السابعة.درس مبادئ العلوم الشرعية وصحب جده الشيخ محمد عالي ولد عبد الودود ولازمه حتى وفاته.درس العلوم الشرعية على يد جده وخاليه: محمد يحيى، ومحمد سالم ابني عدود.شارك في البكالوريا عام 1986م، وكان الثامن في الترتيب الوطني وأعطي منحة دراسية إلى تونس واعتذر عنها.سجل في جامعة نواكشوط كلية الحقوق وشارك في مسابقة المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية فجاء الأول فيها، كما جاء الأول في مسابقة القسم الجامعي لجامعة الإمام محمد بن سعود في نواكشوط ليلتحق بها، وإثر مقابلة مع مدير الجامعة أثناء زيارة له لنوا كشوط اتخذ قراراً بنقل محمد الحسن إلى الرياض.حصل على الماجستير بامتياز في نفس الجامعة وكانت رسالته عن "مخاطبات القضاة".يشهد له العلماء بالتبحر في العلوم الشرعية المختلفة؛ قرآنا وسنة وفقهاً وأصولاً فضلاً عن معرفة واسعة بلغة العرب وتاريخهم وبالعلوم الكلامية والمنطقية.متزوج وله أبناء وبنات.له رسائل مطبوعة كما طبعت رسالته للماجستير. له عدد كبير من الفتاوى والأشرطة التي يفضل العامة والخاصة اقتناءها.اعتقل عدداً من المرات: مايو 2003 أكتوبر 2004م نوفمبر 2004م أبريل 2005م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق