نظم النادي الصحفي التابعة لنقابة الصحفيين الموريتانيين الليلة البارحة حوارا موسعا عن بدايات الإعلام الموريتاني ومخاض التأسيس وسط حضور أبرز المهتمين بتطور الإعلام في موريتانيا.
الصحفي الموريتاني الأسبق والدبلوماسي محمد محمود ولد ودادي كان ضيف الشرف مع الأستاذ محمد عبد الله ولد بليل الذي واكب من جهته تطور بعض المؤسسات الإعلامية الرسمية وخصوصا منذ 1975.
محمد محمود ولد ودادي الذي كان ثاني مذيع بإذاعة موريتانيا باللغة العربية وأحد الذين عاصروا الإذاعة الرسمية منذ 1958 تحدث بإسهاب عن نشأة الإعلام الرسمي وذكرياته عن العاملين فيه وتعاطي السلطات الموريتانية ساعتها مع وسائل الإعلام والعقبات التي واجهت جيل التأسيس.
وخلال السمر الصحفي الذي استمر حتى الساعة الثانية والنصف من فجر اليوم تعرض الضيفان لأبرز محطات الإعلام الموريتاني دون أن يغادرا مقر النادي حتى كان الجميع يبكي ضمنيا موت القيم الصحفية وانحدار مؤسسات الإعلام الرسمي التي باتت مصدر إزعاج لكل الغيورين عليها من أبناء موريتانيا.
بساطة البدايات
لا يزال ولد ودادي الصحفي السابق ومدير الإذاعة الرسمية لسنوات طويلة يتذكر كيف كانت النشرات تعد في العاصمة نواكشوط وترسل عن طريق جهاز تركه الأميركيون ساعتها في مدينة أطار إلي مقر الإذاعة ب"أندر" حيث يشرف الفرنسيون علي نشر التقارير الإذاعية والتي تبث منتصف النهار وتعاد الساعة الواحدة ظهرا والثامنة والثامنة والنصف مساء باللغتين العربية والفرنسية.
الإذاعة العربية التي كانت موجهة للداخل الموريتاني كانت ساعتها تقوم علي كاهل مذيعين فقط هما :
مدير الإذاعة الرسمية لاحقا الصحفي محمد محمود ولد ودادي والصحفي الشهير محمد الأمين ولد أكاط الذي كان أول من يقدم برنامج موجه في الإذاعة ردا علي بعض البرامج التي كانت تبث ساعتها من الجارة المغرب نحن عنوان "إخواننا في الشمال" وهو البرنامج الذي أثار الكثير من اللغط بين الدولتين.
كان ولد ودادي ساعتها يتسلي بحديثه لسكان العاصمة نواكشوط ومدينة لكصر (كانتا منفصلتين ساعتها) عن آخر الأخبار السياسية الواردة عبر الوكالة الفرنسية للأنباء التي كانت المصدر الوحيد للأخبار الدولية ،كما كان يطلعه السامرين معه علي الأنشطة الحكومية والتي كانت قليلة ساعتها حيث لم تحتضن نواكشوط أيام الإذاعة الأولي سوي ثلاث وزارات مع الرئاسة.
يتذكر ولد ودادي وهو يتحدث الآن عن تلك الحقبة الزمنية كيف كان رئيس الحكومة ساعتها المختار ولد داداه يسكن في مرآب للسيارات يقع الآن قرب غرفة التجارة والصناعة في انتظار اكتمال المنزل الذي كان مقرا له قبل بناء الأرشيف الوطني عشية إعلان الاستقلال 1960،وكيف كان الوزراء الثلاثة يمارسون أنشطتهم السياسية حيث تتم تغطيتها وإرسالها إلي مدينة "أندر" من أجل إعلام السكان بها،وكيف كانت الإذاعة الموريتانية الوسيلة الوحيدة لإبلاغ الموظفين في الداخل بقرارات الحكومة حيث كانت بنية الإدارة الإقليمية قائمة لكن المواصلات كانت متقطعة بسبب عجز الحكومة ساعتها عن المحافظة علي الخط الذي يربط بين المدن الداخلية باستثناء نواكشوط وروصو.
ولم تكن تلك البدايات كما يقول ولد ودادي متعبة أو مملة بل كانت مصدر الهام للعاملين فيها قبل أن تزداد الإذاعة الموريتانية بكوادر جديدة أبرزها :
محمد سعيد ولد همدي
باب شياخ
خطري ولد جدو
عبد الرحمن ولد أبراهيم أخليل
دحنا حمود
محمد يحظيه ولد أبريد الليل
وكانت السلطات الموريتانية قد بدأت فعلا تفكر في إنشاء مؤسسات أخري ك"الأنباء" التي كانت صحيفة دورية و"موريتاني نوفيل" باللغة الفرنسية والتي كانت تطبع في "أندر" بينما كانت الأخرى تسحب في دكار وتوزع علي الموظفين بنواكشوط وبعض الشخصيات المهتمة بالإعلام العمومي.
ولعل أصعب ما واجهه الصحفيون الجدد هو غياب وسائل الإعلام العربية باستثناء صحيفة كان التجار اللبنانيون يصدرونها بدكار ،قبل أن يتدرب الصحفيون الجدد علي اللغة الإعلامية ويلتحق بالإذاعة جيل من الكادحين والقوميين الحاملين للغة الاشتراكية والمتواصلين مع الخارج.
غياب الرقابة والتوجيه
ويقول محمد محمود ولد ودادي إن حقبة التأسيس كانت خالية من تدخل الحكومة لأن الدولة لم تكن ساعتها قد تبلورت في نفوس الجميع،والعلاقات السياسية كما الاجتماعية لم تكن معقدة مثل ما هوحاصل الآن،كما أن العاملين بالإذاعة الوطنية كانوا حريصين علي أن لا يكون الفرنسيون أحسن منهم أداء في المؤسسة الوحيدة ساعتها والتي ظلت إلي ما بعد الاستقلال تدار من قبل فرنسي ويرأس تحرير نشرتها الفرنسية فرنسي آخر.
ويقول ولد ودادي إن التدخل الوحيد الذي واجهوه كان في الأخبار المتعلقة بالجوار،حيث طلب من الإذاعة توقيف برنامج "إخواننا في الشمال" بعد مصالحة موريتانية مغربية في جمهورية مصر العربية ،كما طلب منهم إعداد برنامج عن الجارة الجزائر وهو ما تم فعلا لكن في بعض الأوقات كان القائمون علي الإذاعة يرفضون نشر بعض الأمور المتعلقة بالجزائر وخصوصا تلك التي يكتبها الفرنسيون عن الثورة الجزائرية .
ويتحدث ولد ودادي عن خلاف بين مدير الإذاعة ووزير الإعلام حول توجه بعض العاملين السياسي وكيف كانت القضية تدار بسلاسة حينما سأله وزير الإعلام ساعتها أحمد ولد سيدي باب قائلا قيل لنا أنكم أكتتبتم مجموعة من الكادحين (ثلاثة أفراد) فرد عليه بل (تسعة أفراد) لكن هل هي إذاعة كل الموريتانيين أم إذاعة فئة سياسية بعينها المهم هو المهنية فرد الوزير "أحسنت المهنية هي الأساس والإذاعة لكل الموريتانيين".
اكتشاف الذات
ويقول ولد ودادي إن أكبر خدمة قدمتها الإذاعة الموريتانية لمستمعيها هو اكتشافها لطاقات الموريتانيين وتراث موريتانيا مستذكرا في هذا المجال كيف كان الموريتانيون ينتظرون ليلة الاثنين للاستماع إلي أغاني الفنان الموريتاني الشهير سداتي ولد آب الذي كان أول فنان تثب الإذاعة الوطنية أغانيه لمستمعيها بعد أن تم تسجيل بعض المقاطع منها في ولاية تكانت.
وتعرض ولد ودادي كذلك لموضوع الرقابة الذاتية والدفاع عن العاملين في الإذاعة وغياب الدعاية السياسية الرخيصة متسائلا كيف أنهارت كل تلك القيم النبيلة وكيف ضاعت جهود المؤسسين.
أما الصحفي الموريتاني محمد عبد الله ولد بليل الذي كان من الصحفيين الأوائل العاملين في صحيفة الشعب الرسمية حينما كانت مؤسسة مستقلة عن المطبعة الوطنية فيتذكر بداية العمل في الإعلام العمومي وكيف كانت المؤسسات الثلاثة (الوكالة والإذاعة والشعب) مصدر الهام للعاملين فيها بسبب الحريات الصحفية المصانة وقوة الشخصية التي كان يتمتع بها المدراء دفاعا عن المحررين ورفضا لبعض قرارات وزير الإعلام وحرصا علي التميز من خلال التقارير والبرامج المفيدة.
ويقول محمد عبد الله ولد بليل إنه لا ينسي تلك الحادثة التي تم فيها توقيف أحد الشبان العاملين في صحيفة الشعب الرسمية (وزير الإعلام السابق الكوري ولد عبد المولي) من قبل احد ضباط الشرطة العاملين ساعتها (الكراني) وهو ما اضطرت الصحيفة معه للتوقف عن العمل مطالبة الضابط بالاعتذار.
وكانت وسائل الإعلام الرسمية سباقة إلي نقل الأخبار للشعب وحريصة علي التثبت من خلال السياسية التحريرية التي أعتمدها المشرفون عليها –يضيف محمد عبد الله ولد بليل- فمثلا حينما توفي زعيم جبهة البوليزاريو في مواجهات مع الجيش الموريتاني قرب نواكشوط كانت الوكالة الرسمية حريصة جدا علي التأكد قبل نشر الخبر حيث طلب مني شخصيا يضيف ولد بليل الذهاب مع قادة الجيش للتأكد من هوية القتيل لأنني كنت زميلهم وحضرت معه إطلاق الثورة الصحراوية حينما كنت أحد شبان الكادحين النشطين وقد شاهدت صورته أثناء الليل وداخل غابة قرب نواكشوط قبل أن نعود لتحرير الخبر الذي تأخر كثيرا ولم نجزم بها لأن أحد الزملاء لم يكن متأكدا من صورته وكان مترددا.
الحوار الذي أستمر لساعات طويلة كانت بمثابة البداية كما يقول المشرفون علي النادي من أجل إنارة الجيل الجديد عن تاريخ الإعلام الموريتاني وظروف النشأة وأخلاق العاملين ساعتها في المؤسسات الإعلامية الرسمية وسلوك الدولة تجاه الإعلام.
لكن المفاجأة كانت غياب أبرز الإعلاميين الشبان عن الندوة الحوارية التي من المقرر أن تشفع بندوة أخري خلال الأيام القادمة مع أحد أبرز مدراء جريدة الشعب الرسمية الذين ساهموا في التمكين للمؤسسة وعايش أبرز محطاتها خلال العقود الأولي.
الصحفي الموريتاني الأسبق والدبلوماسي محمد محمود ولد ودادي كان ضيف الشرف مع الأستاذ محمد عبد الله ولد بليل الذي واكب من جهته تطور بعض المؤسسات الإعلامية الرسمية وخصوصا منذ 1975.
محمد محمود ولد ودادي الذي كان ثاني مذيع بإذاعة موريتانيا باللغة العربية وأحد الذين عاصروا الإذاعة الرسمية منذ 1958 تحدث بإسهاب عن نشأة الإعلام الرسمي وذكرياته عن العاملين فيه وتعاطي السلطات الموريتانية ساعتها مع وسائل الإعلام والعقبات التي واجهت جيل التأسيس.
وخلال السمر الصحفي الذي استمر حتى الساعة الثانية والنصف من فجر اليوم تعرض الضيفان لأبرز محطات الإعلام الموريتاني دون أن يغادرا مقر النادي حتى كان الجميع يبكي ضمنيا موت القيم الصحفية وانحدار مؤسسات الإعلام الرسمي التي باتت مصدر إزعاج لكل الغيورين عليها من أبناء موريتانيا.
بساطة البدايات
لا يزال ولد ودادي الصحفي السابق ومدير الإذاعة الرسمية لسنوات طويلة يتذكر كيف كانت النشرات تعد في العاصمة نواكشوط وترسل عن طريق جهاز تركه الأميركيون ساعتها في مدينة أطار إلي مقر الإذاعة ب"أندر" حيث يشرف الفرنسيون علي نشر التقارير الإذاعية والتي تبث منتصف النهار وتعاد الساعة الواحدة ظهرا والثامنة والثامنة والنصف مساء باللغتين العربية والفرنسية.
الإذاعة العربية التي كانت موجهة للداخل الموريتاني كانت ساعتها تقوم علي كاهل مذيعين فقط هما :
مدير الإذاعة الرسمية لاحقا الصحفي محمد محمود ولد ودادي والصحفي الشهير محمد الأمين ولد أكاط الذي كان أول من يقدم برنامج موجه في الإذاعة ردا علي بعض البرامج التي كانت تبث ساعتها من الجارة المغرب نحن عنوان "إخواننا في الشمال" وهو البرنامج الذي أثار الكثير من اللغط بين الدولتين.
كان ولد ودادي ساعتها يتسلي بحديثه لسكان العاصمة نواكشوط ومدينة لكصر (كانتا منفصلتين ساعتها) عن آخر الأخبار السياسية الواردة عبر الوكالة الفرنسية للأنباء التي كانت المصدر الوحيد للأخبار الدولية ،كما كان يطلعه السامرين معه علي الأنشطة الحكومية والتي كانت قليلة ساعتها حيث لم تحتضن نواكشوط أيام الإذاعة الأولي سوي ثلاث وزارات مع الرئاسة.
يتذكر ولد ودادي وهو يتحدث الآن عن تلك الحقبة الزمنية كيف كان رئيس الحكومة ساعتها المختار ولد داداه يسكن في مرآب للسيارات يقع الآن قرب غرفة التجارة والصناعة في انتظار اكتمال المنزل الذي كان مقرا له قبل بناء الأرشيف الوطني عشية إعلان الاستقلال 1960،وكيف كان الوزراء الثلاثة يمارسون أنشطتهم السياسية حيث تتم تغطيتها وإرسالها إلي مدينة "أندر" من أجل إعلام السكان بها،وكيف كانت الإذاعة الموريتانية الوسيلة الوحيدة لإبلاغ الموظفين في الداخل بقرارات الحكومة حيث كانت بنية الإدارة الإقليمية قائمة لكن المواصلات كانت متقطعة بسبب عجز الحكومة ساعتها عن المحافظة علي الخط الذي يربط بين المدن الداخلية باستثناء نواكشوط وروصو.
ولم تكن تلك البدايات كما يقول ولد ودادي متعبة أو مملة بل كانت مصدر الهام للعاملين فيها قبل أن تزداد الإذاعة الموريتانية بكوادر جديدة أبرزها :
محمد سعيد ولد همدي
باب شياخ
خطري ولد جدو
عبد الرحمن ولد أبراهيم أخليل
دحنا حمود
محمد يحظيه ولد أبريد الليل
وكانت السلطات الموريتانية قد بدأت فعلا تفكر في إنشاء مؤسسات أخري ك"الأنباء" التي كانت صحيفة دورية و"موريتاني نوفيل" باللغة الفرنسية والتي كانت تطبع في "أندر" بينما كانت الأخرى تسحب في دكار وتوزع علي الموظفين بنواكشوط وبعض الشخصيات المهتمة بالإعلام العمومي.
ولعل أصعب ما واجهه الصحفيون الجدد هو غياب وسائل الإعلام العربية باستثناء صحيفة كان التجار اللبنانيون يصدرونها بدكار ،قبل أن يتدرب الصحفيون الجدد علي اللغة الإعلامية ويلتحق بالإذاعة جيل من الكادحين والقوميين الحاملين للغة الاشتراكية والمتواصلين مع الخارج.
غياب الرقابة والتوجيه
ويقول محمد محمود ولد ودادي إن حقبة التأسيس كانت خالية من تدخل الحكومة لأن الدولة لم تكن ساعتها قد تبلورت في نفوس الجميع،والعلاقات السياسية كما الاجتماعية لم تكن معقدة مثل ما هوحاصل الآن،كما أن العاملين بالإذاعة الوطنية كانوا حريصين علي أن لا يكون الفرنسيون أحسن منهم أداء في المؤسسة الوحيدة ساعتها والتي ظلت إلي ما بعد الاستقلال تدار من قبل فرنسي ويرأس تحرير نشرتها الفرنسية فرنسي آخر.
ويقول ولد ودادي إن التدخل الوحيد الذي واجهوه كان في الأخبار المتعلقة بالجوار،حيث طلب من الإذاعة توقيف برنامج "إخواننا في الشمال" بعد مصالحة موريتانية مغربية في جمهورية مصر العربية ،كما طلب منهم إعداد برنامج عن الجارة الجزائر وهو ما تم فعلا لكن في بعض الأوقات كان القائمون علي الإذاعة يرفضون نشر بعض الأمور المتعلقة بالجزائر وخصوصا تلك التي يكتبها الفرنسيون عن الثورة الجزائرية .
ويتحدث ولد ودادي عن خلاف بين مدير الإذاعة ووزير الإعلام حول توجه بعض العاملين السياسي وكيف كانت القضية تدار بسلاسة حينما سأله وزير الإعلام ساعتها أحمد ولد سيدي باب قائلا قيل لنا أنكم أكتتبتم مجموعة من الكادحين (ثلاثة أفراد) فرد عليه بل (تسعة أفراد) لكن هل هي إذاعة كل الموريتانيين أم إذاعة فئة سياسية بعينها المهم هو المهنية فرد الوزير "أحسنت المهنية هي الأساس والإذاعة لكل الموريتانيين".
اكتشاف الذات
ويقول ولد ودادي إن أكبر خدمة قدمتها الإذاعة الموريتانية لمستمعيها هو اكتشافها لطاقات الموريتانيين وتراث موريتانيا مستذكرا في هذا المجال كيف كان الموريتانيون ينتظرون ليلة الاثنين للاستماع إلي أغاني الفنان الموريتاني الشهير سداتي ولد آب الذي كان أول فنان تثب الإذاعة الوطنية أغانيه لمستمعيها بعد أن تم تسجيل بعض المقاطع منها في ولاية تكانت.
وتعرض ولد ودادي كذلك لموضوع الرقابة الذاتية والدفاع عن العاملين في الإذاعة وغياب الدعاية السياسية الرخيصة متسائلا كيف أنهارت كل تلك القيم النبيلة وكيف ضاعت جهود المؤسسين.
أما الصحفي الموريتاني محمد عبد الله ولد بليل الذي كان من الصحفيين الأوائل العاملين في صحيفة الشعب الرسمية حينما كانت مؤسسة مستقلة عن المطبعة الوطنية فيتذكر بداية العمل في الإعلام العمومي وكيف كانت المؤسسات الثلاثة (الوكالة والإذاعة والشعب) مصدر الهام للعاملين فيها بسبب الحريات الصحفية المصانة وقوة الشخصية التي كان يتمتع بها المدراء دفاعا عن المحررين ورفضا لبعض قرارات وزير الإعلام وحرصا علي التميز من خلال التقارير والبرامج المفيدة.
ويقول محمد عبد الله ولد بليل إنه لا ينسي تلك الحادثة التي تم فيها توقيف أحد الشبان العاملين في صحيفة الشعب الرسمية (وزير الإعلام السابق الكوري ولد عبد المولي) من قبل احد ضباط الشرطة العاملين ساعتها (الكراني) وهو ما اضطرت الصحيفة معه للتوقف عن العمل مطالبة الضابط بالاعتذار.
وكانت وسائل الإعلام الرسمية سباقة إلي نقل الأخبار للشعب وحريصة علي التثبت من خلال السياسية التحريرية التي أعتمدها المشرفون عليها –يضيف محمد عبد الله ولد بليل- فمثلا حينما توفي زعيم جبهة البوليزاريو في مواجهات مع الجيش الموريتاني قرب نواكشوط كانت الوكالة الرسمية حريصة جدا علي التأكد قبل نشر الخبر حيث طلب مني شخصيا يضيف ولد بليل الذهاب مع قادة الجيش للتأكد من هوية القتيل لأنني كنت زميلهم وحضرت معه إطلاق الثورة الصحراوية حينما كنت أحد شبان الكادحين النشطين وقد شاهدت صورته أثناء الليل وداخل غابة قرب نواكشوط قبل أن نعود لتحرير الخبر الذي تأخر كثيرا ولم نجزم بها لأن أحد الزملاء لم يكن متأكدا من صورته وكان مترددا.
الحوار الذي أستمر لساعات طويلة كانت بمثابة البداية كما يقول المشرفون علي النادي من أجل إنارة الجيل الجديد عن تاريخ الإعلام الموريتاني وظروف النشأة وأخلاق العاملين ساعتها في المؤسسات الإعلامية الرسمية وسلوك الدولة تجاه الإعلام.
لكن المفاجأة كانت غياب أبرز الإعلاميين الشبان عن الندوة الحوارية التي من المقرر أن تشفع بندوة أخري خلال الأيام القادمة مع أحد أبرز مدراء جريدة الشعب الرسمية الذين ساهموا في التمكين للمؤسسة وعايش أبرز محطاتها خلال العقود الأولي.